هل تعلم أن هناك قواسم مشتركة بين الملابس المصنوعة من الصوف والشعر البشري الذي يعلو رأس الإنسان؟.. إضافة إلى دورهما في تدفئة الجسم، فكلاهما يحتوي على ألياف بروتين الكيراتين، الأمر الذي استغلته شركة هولندية ناشئة لإطلاق ابتكار جديد يسهم في خلق بيئة أكثر استدامة.

وتأمل شركة هيومن ماتيريال لووب في إحداث ثورة في صناعة الأزياء من خلال تحويل الشعر البشري إلى نسيج، وقد صنعت هذه الشركة نماذج أولية لمعاطف وسترات من الشعر البشري وتأمل في جذب المزيد من شركات الملابس لإدخال هذه المواد البديلة المبتكرة في تصميماتها الخاصة.

لا للهدر

كل دقيقة، تنتج الصالونات في الولايات المتحدة وكندا 877 رطلاً من النفايات، وفقاً لما أوردته شبكة CNN، وعند تحلل الشعر دون وجود الأكسجين -كما هو الحال في أكياس القمامة المدفونة في مكبات النفايات- فإنه يطلق غازات دفيئة تسهم في تغير المناخ.

وفقاً لهيومن ماتيريال لووب، ينتهي الأمر بـ72 مليون كيلوغرام من فضلات الشعر البشري في مكبات النفايات الأوروبية كل عام، أي ما يعادل وزن سبعة أمثال وزن برج إيفل الفرنسي الشهير.

وتلجأ معظم الدول لحرق هذه النفايات، خاصة مع غياب الحلول البديلة الصديقة للبيئة التي يمكن تعميمها على نطاق واسع.

ووفقاً للشركة الهولندية، لا يختلف استخدام نسيج الشعر كثيراً عن حياكة سترة بأي مادة أخرى، إذ يتم غزل الشعر القصير معاً وتحويله إلى خيوط متصلة ثم صبغه بأصباغ نقية.

كان النموذج الأولي لشركة هيومن ماتيريال لووب عبارة عن سترة ذات ملمس يشبه الصوف، ومنذ ذلك الحين قامت الشركة باختبار نماذج أولية أخرى، بما في ذلك معطف خارجي محشو بالشعر لتوفير العزل الحراري، والذي جربته في ظروف قاسية خلال رحلة استكشافية إلى أكونكاجوا، أعلى جبل في الأرجنتين.

هذه التصميمات ليست متاحة للشراء بعد، فالهدف منها هو توفير المواد الأولية للمصممين والعلامات التجارية الأخرى للعمل بها، وتقول الشركة إن سعر هذه المواد المبتكرة يجب أن يكون منافساً للصوف بمجرد وصولها إلى حجم إنتاج أكبر.

وتستورد الشركة الشعر البشري من صالونات التجميل في هولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ، خاصة الشعر المقصوص أو المقطوع لأنه لا يحتوي على الحمض النووي الذي يمكن أن يحدد هوية الفرد، وتعمل على إنشاء سلسلة توثيقية لتتبع مصدر هذه المواد ووجهتها النهائية.

صناعة متنامية

تاريخياً، اُستخدم الشعر البشري كنسيج في العديد من الثقافات المختلفة، في ميكرونيزيا على سبيل المثال، صنعت قبيلة كيريباتي درعاً منسوجاً مصنوعاً من مواد طبيعية مثل ألياف جوز الهند وأسنان سمك القرش وأوراق النخيل والشعر البشري، بينما في القرن الثالث عشر، صنع سكان ما يعرف الآن بجنوب غرب الولايات المتحدة الجوارب عن طريق ربط خصلات الشعر معاً.

يعد معبد هيغاشي هونغان في اليابان أحد أكبر الهياكل الخشبية في العالم، وبعد تدميره بسبب حريق، خُلطت الحبال المصنوعة من الشعر البشري الذي تم التبرع به من جميع أنحاء اليابان بألياف القنب واستُخدمت لإعادة بناء المعبد في القرن التاسع عشر.

لكن استخدام الشعر كنسيج لا يخلو من التحديات، كما توضح ساني فيسر، الباحثة الهولندية في مجال المواد، وقالت فيسر «لا يزال هناك نوع من الاستهجان لاستخدام الشعر البشري كمادة خام، فنحن لا ننظر إليها كمورد”.

وأضافت أن هناك الكثير من الجهد المطلوب بذله لتقبل استخدام الشعر البشري كمادة أولية في الصناعة، مؤكدة أنها مسألة وقت قبل أن يبدأ استخدام الشعر في مختلف مجالات الحياة اليومية.