خفف صناع السياسة الأوروبيون من أحكام حماية الطبيعة، إذ ألغوا تشريعاً جديداً يحد من استخدام المبيدات الحشرية استجابةً لاحتجاجات المزارعين قبل أشهر من انتخابات البرلمان الأوروبي، كما وضعوا قيوداً على استيراد الحبوب الأوكرانية المعفاة من الرسوم الجمركية.

فمن بولندا إلى البرتغال، حظي المزارعون بامتيازات كبيرة، الأمر الذي أدى إلى إعادة تشكيل السياسة الخضراء للاتحاد الأوروبي. ويقول نشطاء ومحللون في مجال البيئة إن التراجع عن سياسة حماية الطبيعة يوضح النفوذ السياسي الكبير للمزارعين، إذ تهدف الأحزاب الرئيسية إلى عرقلة سعي الأحزاب اليمينية المتطرفة والقومية للحصول على الأصوات في المناطق الريفية.

وكان المزارعون قد أغلقوا الشوارع المحيطة بمقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل مرة أخرى الأسبوع الماضي، وقاموا برش السماد احتجاجاً على انخفاض الدخل وواردات الغذاء الرخيصة والبيروقراطية، ودعم وزراء الزراعة في الاتحاد الأوروبي عدداً من التعديلات لإضعاف القواعد الخضراء المرتبطة بصرف عشرات المليارات من اليورو في الإعانات الزراعية.

2024.. عام المزارعين الغاضبين

حقق حزب الخضر مكاسب قوية في الانتخابات الأوروبية الأخيرة في عام 2019، وكانت الناشطة المناخية غريتا تونبرغ شخصية العام في مجلة تايم الأميركية، غير أن عام 2024 سيكون مختلفاً، فقد أثرت الهرولة لاسترضاء المزارعين على الركائز الأساسية لسياسة الاتحاد الأوروبي، ما ألقى ظلالاً على الصفقة الخضراء واتفاقيات التجارة الحرة.

قال فرانك بوغوفيتش، النائب السلوفيني في البرلمان الأوروبي وهو مزارع، إن «الانتخابات في عام 2024 ستكون انتخابات عام المزارعين الغاضبين».

وحذر مفوض البيئة في الاتحاد الأوروبي، فيرجينيوس سينكيفيسيوس، من ضربة «كارثية» لمصداقية التكتل الأسبوع الماضي، عندما رفضت دول الاتحاد الأوروبي الموافقة على قانون تاريخي لحماية الطبيعة.

وهناك تدابير خضراء أخرى معلقة قبل الانتخابات، كما طلبت دول الاتحاد الأوروبي من بروكسل الأسبوع الماضي تقليص وربما تأجيل سياسة جديدة لمكافحة إزالة الغابات، التي قالوا إنها قد تضر المزارعين المحليين.

وفي فرنسا، صوّت أعضاء مجلس الشيوخ في مارس آذار الماضي ضد التصديق على اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي وكندا، والتي تستهدف فتح الأسواق وتعزيز المنافسة.

انتخابات البرلمان الأوروبي

تعترف بعض الجماعات الزراعية بأن سبب استجابة صانعي السياسات للاحتجاجات -على الأرجح- هو الانتخابات المقبلة في شهر يونيو حزيران، لكنها تقول إن إضعاف السياسات الخضراء ليس هو ما يريدون.

يقول المزارع الهولندي ليوناردو فان دن بيرغ، ممثل جمعية لا فيا كامبيسينا الزراعية إن «مطالبنا (بالأسعار العادلة) لم يتم تلبيتها».

ويشكّل المزارعون 4.2 في المئة من القوى العاملة في الاتحاد الأوروبي ويحققون نحو 1.4 في مئة فقط من الناتج المحلي الإجمالي له.

وأظهر استطلاع أجرته شركة إيلابي في يناير كانون الثاني أن 87 في المئة من الفرنسيين يؤيدون قضية المزارعين، وفي بولندا، أيد ما يقرب من ثمانية من كل 10 أشخاص مطالب المزارعين، وفقاً لاستطلاع أجراه معهد أبحاث السوق والأبحاث الاجتماعية.

ويرى اليمين المتطرف في فرنسا وأماكن أخرى احتجاجات المزارعين على أنها فجوة بين النخبة الحضرية وأهل الريف المتشددين، ويشير أنطونيو باروسو، المحلل في شركة تيني، إلى أن المزارعين مجموعة صغيرة، «لكن اليمين المتطرف يعتقد أن بإمكانهم جذب عدد أكبر من الأصوات في الريف»، على حد قوله.

(رويترز)