دعا الدكتور سلطان الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي، ورئيس مؤتمر الأطراف كوب 28، إلى تعزيز التعاون الدولي لإنجاز عمل مناخي فعال وداعم للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة بما يتماشى مع اتفاق الإمارات التاريخي.
وأضاف في كلمته خلال جلسة رفيعة المستوى ضمن حوار بطرسبرغ للمناخ المنعقد في برلين، أن الإمارات تمتلك مكانة رائدة عالمياً في مجالات الطاقة النظيفة والتنمية الاقتصادية المستدامة أهلتها لقيادة منظومة العمل المناخي الدولي.
حضر الجلسة كل من أولاف شولتس مستشار ألمانيا الاتحادية، وإلهام علييف رئيس أذربيجان، وعدد من الوزراء بألمانيا.
اتفاق الإمارات
أوضح الجابر أن اتفاق الإمارات أصبح الإطار المرجعي للطموح المناخي العالمي والتنمية المستدامة منذ إقراره في دبي في العام الماضي؛ لأنه حقق إنجازات عبر مختلف القطاعات وركائز العمل المناخي بما فيها التخفيف والتكيف والتمويل.
وقال رئيس كوب 28 إن اتفاق الإمارات حدد مساراً واضحاً لتحقيق انتقال منظم ومسؤول ومنطقي في قطاع الطاقة، بما يتماشى مع الحقائق العلمية، ويحافظ على إمكانية تفادي تجاوز الارتفاع في حرارة كوكب الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية.
وأشاد الجابر بنجاح الأطراف في التوافق على إدراج الالتزام بأهداف محددة زمنياً لزيادة القدرة الإنتاجية العالمية لمصادر الطاقة المتجددة ضمن الاتفاق للمرة الأولى في مؤتمرات الأطراف، وتحقيق إنجازات لحماية الطبيعة وتطوير التمويل المناخي، ودعم الدول الأكثر تعرضاً لتداعيات تغير المناخ من خلال تفعيل وبدء تمويل صندوق عالمي يختص بالمناخ ومعالجة هذه التداعيات بعد 30 عاماً من الانتظار.
ولفت إلى نجاح الأطراف في إدراج القطاعات التي لم تحظ سابقاً بالاهتمام الكافي، مثل الغذاء والصحة، في جدول أعمال مؤتمرات الأطراف لأول مرة، وإثبات جدوى العمل متعدد الأطراف وقدرته على تحقيق الأهداف العالمية حتى في الأوقات التي تشهد توترات جيوسياسية، وإمكانية تغليب التكاتف على الاستقطاب.
كما جدد الإشارة إلى أن رئاسات ترويكا مؤتمر الأطراف بالشراكة مع رئاستي كوب 29 الذي سيقام في أذربيجان وكوب 30 الذي سيقام في البرازيل هي مبادرة غير مسبوقة للتعاون الثلاثي بموجب اتفاق الإمارات بين رئاسات مؤتمرات الأطراف.
ووجه دعوة من الترويكا إلى كل الأطراف لرفع سقف الطموح في الجولة المقبلة من المساهمات المحددة وطنياً، لتتضمن خطط خفض الانبعاثات على مستوى الاقتصادات بأكملها، وتقديم خطط تكيف وطنية ممولة بشكل ملائم لحماية الطبيعة وتطوير النظم الغذائية.
ودعا جميع الدول إلى تعزيز طموحاتها واتخاذ إجراءات فعّالة لإعداد خطط العمل المناخي الوطنية بما يتماشى مع اتفاق الإمارات، بالتزامن مع وضع تطوير البنية التحتية الخضراء في صميم خططها، وتطبيق سياسات تحفيزية ذكية لتشجيع القطاعات الصناعية على الالتزام بأهداف العمل المناخي، واستقطاب استثمارات القطاع الخاص، مشدداً على ضرورة إجراء حوار صريح وشفاف حول سُبل الحفاظ على إمكانية تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية بالتزامن مع ضمان أمن الطاقة وتعزيز النمو الاقتصادي.
الاستثمار في الطاقة المتجددة
قال الجابر أيضاً إن الانتقال المنشود في قطاع الطاقة يجب أن يسهم في تحسين سبل العيش، والحد من الانبعاثات، مشيراً إلى أنه سيستغرق وقتاً وسيتحقق بسرعات مختلفة بحسب تباين الأماكن والظروف، كما سيشكِّل نقلة نوعية على مستوى المنظومة بأكملها، وسيوفر أكبر فرصة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية منذ العصر الصناعي الأول.
وأشار إلى أن الانتقال المنظم والمسؤول والعادل في قطاع الطاقة يحتاج إلى القيام باستثمارات كبيرة بالتزامن مع رفع مستويات التمويل المناخي، مؤكداً أنه لا يمكن للعالم أن يتخلى عن منظومة الطاقة الحالية قبل بناء منظومة الطاقة المستقبلية.
وسلط الضوء على أربع أولويات استثمارية رئيسة في هذا المجال، هي البنية التحتية، والتكنولوجيا، والموارد البشرية، وتطوير دول الجنوب العالمي، موضحاً أن العالم يحتاج إلى استثمار 6 تريليونات دولار على الأقل في خلال 6 أعوام لتحقيق القدرة الإنتاجية المستهدفة من الطاقة المتجددة لعام 2030 والبالغة 11 تيراواط، إضافة إلى استثمار بمستوى مماثل لتحديث الشبكات الكهربائية القديمة أو إنشاء شبكات جديدة في المناطق التي تفتقر إلى التغطية، خاصةً الدول النامية.
ولفت إلى ضرورة تعزيز الاستثمار في دول الجنوب العالمي، موضحاً أن أكثر من 120 دولة نامية تحصل على 15 في المئة فقط من الاستثمارات العالمية في مجال الطاقة المتجددة، ما يوضح أهمية دور بنوك التنمية متعددة الأطراف بتوفير مزيد من التمويل لهذه الدول بشروط ميسرة وبتكلفة مناسبة.
الاستفادة من الذكاء الاصطناعي
شدد رئيس كوب 28 على أهمية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لترشيد استهلاك المياه، وتحقيق تغيير إيجابي جذري في مجال كفاءة استخدام الطاقة وخفض الانبعاثات، من خلال التغلب على تحديات استقرار الإمدادات التي تواجه شبكات الطاقة المتجددة.
ودعا إلى تعزيز استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في القطاعات كثيفة الاستخدام للطاقة والمياه لتوسيع نطاق الاستفادة منها بصورة أسرع، ما يتطلب استثماراً من كل الدول في مواردها البشرية وتطوير مهاراتها لتلبية احتياجات الاقتصاد الأخضر.
خلال حوار بطرسبرغ للمناخ، استضافت ترويكا رئاسات مؤتمر الأطراف اجتماعاً وفق أسلوب المجلس الإماراتي لمناقشة الانتقال المنشود في قطاع الطاقة تحت عنوان (خريطة الطريق لمهمة الحفاظ على إمكانية تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية: دعم تحقيق مخرجات اتفاق الإمارات بشأن الانتقال المنظم والمسؤول والعادل في قطاع الطاقة)، ليكون أول اجتماع ضمن سلسلة مجالس العمل الطَموح التي تستضيفها استعداداً لكوب 29.
ألقى الدكتور سلطان الجابر كلمة خلال المجلس إلى جانب مختار باباييف، وزير البيئة والموارد الطبيعية في أذربيجان الرئيس المعين لمؤتمر الأطراف كوب 29، ومارينا سيلفا، وزيرة البيئة وتغير المناخ في البرازيل التي تستضيف كوب 30.
وشهد المجلس تأكيداً على دعوة الترويكا للدول، من خلال منظومة الأمم المتحدة، إلى تقديم مساهمات وطنية أعلى طموحاً في توقيت مبكر، بما يتماشى مع اتفاق الإمارات.
وقال إن هيكل المجلس وروح التعاون التي سادته خلال كوب 28، واجتماع الأطراف على قدم المساواة، أسهم في تجاوز الخلافات وتقريب وجهات النظر، مشدداً على حرص رئاسة المجلس على تطبيق الهيكل ذاته واستعادة روح التعاون لإجراء مناقشات صريحة وشفافة وعملية حول متطلبات تحقيق انتقال منظم في قطاع الطاقة.