يدخل مؤتمر الأطراف السادس عشر في اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي في كالي بكولومبيا أسبوعه الثاني، اليوم الاثنين، بهدف تقييم وتكثيف التقدم نحو تحقيق 23 هدفاً متفقاً عليها في كندا قبل عامين لوقف تدمير الطبيعة وعكس مسار التدهور بحلول عام 2030.
وحسب الخبراء، فإن البشر هم التهديد الرئيسي للكرة الأرضية من يابسة وبحار وكائنات حية، بل إن البشر هم الخطر الرئيسي على حياة البشر.
ولكن ما قدر التدهور البيئي الحالي؟
وفقاً للمنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية قد تغير شكل ثلاثة أرباع سطح الأرض بشكلٍ ملحوظ وتدهورت البيئة في ثلثي المحيطات بسبب الاستهلاك الجشع للبشر، كما فقدنا أكثر من ثلث مساحة الأراضي الرطبة من عام 1970 إلى عام 2015، وهو أكثر من ثلاثة أمثال معدل فقدان الغابات.
والأراضي الرطبة هي الأراضي التي تغمرها المياه كلياً أو جزئياً بصفة دائمة أو مؤقتة، وهي ذات أهمية حيوية لبقاء البشرية والكائنات الحية.
ويشير المنبر إلى تسبب تدهور جودة الأراضي نتيجة الأنشطة البشرية في تقويض رفاهة ما لا يقل عن 3.2 مليار شخص، ولكن التقرير يُسلّط الضوء أيضاً على فرص الإصلاح، ويؤكد أن فوائد استعادة الوضع السابق ستكون أعلى بعشر مرات من التكاليف.
أحد الأهداف الثلاثة والعشرين لما يسمى بإطار كونمينغ- مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي هو أن تتم الاستعادة الفعّالة لنحو 30 في المئة من الأراضي المتدهورة والمياه والأنظمة البيئية البحرية والساحلية التي أضر بها الإنسان بحلول عام 2030.
ووفقاً للمنبر، فإن نحو مليون نوع من النباتات والحيوانات معرضة للانقراض، أمّا المُلقحات، الحيوانات والحشرات الصغيرة التي تقوم بنقل حبوب اللقاح وتشكّل ضرورة أساسية لتكاثر النباتات وثلاثة أرباع المحاصيل التي تغذّي البشرية، فهي في طليعة المُعرضين للانقراض السريع، وكذلك الشعاب المرجانية التي يعتمد عليها غذاء وعمل نحو 850 مليون إنسان.
ومن المتوقع أن تنقرض الشعاب المرجانية، التي توفّر أماكن للتغذية والتكاثر للعديد من المخلوقات البحرية، إذا أصبح العالم أكثر دفئاً بمقدار درجتين مئويتين مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية، وهذا هو الحد الأعلى لمدى ارتفاع درجة حرارة الكوكب، الذي يسعى العالم إلى تجنب الوصول إليه بموجب اتفاقية باريس للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، المُوقعة عام 2015.
بالنسبة للأمم المتحدة، فإن أزمة التنوع البيولوجي لها خمسة أسباب كلها من صُنع الإنسان، ويُطلق عليها «فرسان نهاية العالم الخمسة»، وهي تدمير الموائل (للزراعة أو البنية التحتية البشرية)، والاستغلال المفرط للموارد مثل المياه، وتغير المناخ، والتلوث، وانتشار الأنواع المجتاحة أو الغازية.
والأنواع المجتاحة أو الغازية هو مصطلح يستخدم في علم الأحياء لتصنيف نبات أو حيوان أُدخل إلى بيئة معينة وانتشر بشكل مفرط أو غير مرغوب فيه ما أدّى إلى تدمير التوازن البيئي.
ويرجّح الخبراء أن تغير المناخ سيصبح المحرك الرئيسي لتدمير التنوع البيولوجي بحلول عام 2050.
وبحسب شركة الاستشارات والتدقيق العملاقة، برايس ووتر هاوس كوبرز، فإن نسبة 55 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، أي نحو 58 تريليون دولار، تعتمد «بشكل كبير أو معتدل» على الطبيعة وخدماتها، خاصةً قطاعات الزراعة والغابات ومصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية وصناعة الأغذية والمشروبات والتشييد والبناء.
هذا بالإضافة إلى خدمات الطبيعة التي لا تُقدر بثمن مثل خدمات تلقيح النباتات وتوفير المياه النظيفة ومكافحة الأمراض.
كان الخبير الاقتصادي الهندي بافان سوخديف، الذي قاد مشروعاً بحثياً بعنوان «اقتصاد النظم البيئية والتنوع البيولوجي»، قد قدر أن الخسائر الاقتصادية من تدهور التنوع البيولوجي تتراوح بين 1.35 تريليون يورو و3.1 تريليون يورو (1.75 تريليون دولار و4 تريليونات دولار) سنوياً.
وفي سبتمبر/ أيلول أشار تقرير صادر عن مؤسسة «مراقب مسار الأرض» إلى أن الإعانات الضارة بالبيئة المُقدمة للصناعات بلغت قيمتها 2.6 تريليون دولار سنوياً على الأقل، أي ما يعادل 2.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهذا رقم ضخم مقارنةً بهدف إطار كونمينغ- مونتريال المتمثل في حشد 200 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030 لحماية الطبيعة، والحد من الإعانات الضارة والحوافز الضريبية بما لا يقل عن «500 مليار دولار سنوياً» بحلول عام 2030.
وتشمل الصناعات الضارة التي تستفيد من الإعانات والحوافز مصايد الأسماك والزراعة ومنتجي الوقود الأحفوري.
(أ ف ب)