اليوم الاثنين الحادي عشر من نوفمبر تشرين الثاني، يجتمع المفاوضون من مختلف أنحاء العالم في باكو، أذربيجان، لحضور المؤتمر السنوي التاسع والعشرين للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ كوب29، وبعد مرور ما يقرب من ثلاثين عاماً على مؤتمر الأطراف الأول في برلين، لا يزال هدفهم كما هو: زيادة الطموح الدولي للحد من الانحباس الحراري العالمي إلى ما دون 1.5 درجة مئوية (2.7 درجة فهرنهايت) من مستويات ما قبل الصناعة لتجنب الضرر الكارثي للكوكب.
ومع ذلك، فإن العالم يقترب بشكل خطير من خرق هذا الحد، وفي مؤتمر الأطراف هذا العام، ستركز البلدان على الدفع نحو تخفيضات أكثر طموحاً للانبعاثات وتحديد مصادر جديدة للتمويل.
ما القضايا المطروحة في كوب29؟
تقام الدورة التاسعة والعشرون لمؤتمر الأطراف في ظل الموعد النهائي القادم للدول لتقديم خطط محدثة للحد من انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري بموجب اتفاق باريس بحلول فبراير شباط 2025، وتكمن هذه الالتزامات، المعروفة باسم المساهمات المحددة وطنياً، في قلب هدف اتفاق باريس المتمثل في الحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية.
وحتى الآن، لم تضع هذه الالتزامات الطوعية العالم على المسار الصحيح لاحتواء ارتفاع درجات الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية، ناهيك عن درجتين مئويتين. وتضع السياسات الحالية الكوكب على المسار الصحيح لتجربة ارتفاع في درجات الحرارة يتراوح بين 2.6 و3.1 درجة مئوية بحلول عام 2100، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة.
ومع ذلك، مع كل عُشر درجة من الاحترار يأتي طقس أكثر تطرفاً، وفي الوقت نفسه، وصل تراكم ثاني أكسيد الكربون والميثان في الغلاف الجوي إلى أعلى مستوى مسجل على الإطلاق، ويمثل حرق الوقود الأحفوري من قبل البشر حوالي 90 في المئة من هذه الانبعاثات، ووفقاً لرئيس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، المجموعة العلمية التي تقدم المشورة لعملية الأمم المتحدة، فإن الالتزامات غير الكافية ترسم «صورة قاتمة» للمستقبل.
ماذا نتوقع من أذربيجان كدولة مضيفة لكوب29؟
يمثل مؤتمر الأطراف التاسع والعشرون نقطة المنتصف لـ«ترويكا رئاسات مؤتمر الأطراف»، وهو جهد تعاوني بين الإمارات العربية المتحدة (الإمارات العربية المتحدة، الدولة المضيفة لمؤتمر الأطراف الثامن والعشرين) والبرازيل (المضيفة لمؤتمر الأطراف الثلاثين في عام 2025) يهدف إلى تسريع التقدم نحو هدف 1.5 درجة مئوية.
وعلى عكس مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين في دبي العام الماضي، والذي استضافت عدداً قياسياً من الحضور بلغ مئة ألف، سيكون مؤتمر الأطراف التاسع والعشرون أصغر، حيث من المتوقع أن تستضيف باكو نحو خمسين ألف مشارك.
وينبع هذا الحضور المحدود جزئياً من قدرة باكو على الاستضافة المحدودة والتأكيد المتأخر نسبياً على استضافة أذربيجان للمؤتمر.
ومن المتوقع انخفاض تمثيل الشركات والقطاع الخاص، ومن المتوقع أيضاً أن يكون تمثيل الكونغرس الأميركي في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين أصغر هذا العام.
وأعلن منظمو المؤتمر أنهم سيخصصون المزيد من شارات المراقب للمنظمات غير الحكومية من الجنوب العالمي لزيادة تمثيل تلك البلدان.
أبرز نقاط جدول الأعمال؟
لقد قطعت أذربيجان عدة تعهدات لدفع العمل الطموح، ومن بين هذه التعهدات:
الحد من الانبعاثات وزيادة الطاقة الخضراء.
فقد طرحت الرئاسة سلسلة من الالتزامات للاستثمار في الطاقة المتجددة، مثل تعهد تخزين الطاقة العالمية والشبكات، والذي يهدف إلى تعزيز البنية التحتية للطاقة وقدرات التخزين في جميع أنحاء العالم، وإعلان الهيدروجين الطموح، وإعلان الحد من غاز الميثان من النفايات العضوية، من خلال إعلان العمل الرقمي الأخضر، تسعى قيادة مؤتمر الأطراف 29 إلى الحد من الانبعاثات في قطاعي المعلومات والاتصالات، ومع ذلك، لا يذكر جدول الأعمال بشكل مباشر التحول عن الوقود الأحفوري على الرغم من اللغة المكتسبة بشق الأنفس والتي تم تحقيقها أخيراً في مؤتمر الأطراف في العام الماضي والتي أشارت إلى «بداية النهاية» لعصر الوقود الأحفوري، وقد أضاف هذا الإغفال إلى المخاوف بشأن إمكانية التراجع في باكو، خاصة بالنظر إلى اعتماد البلاد بشكل كبير على الغاز الطبيعي.
بناء القدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ
طرحت رئاسة مؤتمر الأطراف مبادرة مناخية للمزارعين وإعلاناً يدعو إلى اتباع نهج متكامل لمكافحة التهديدات المناخية لأحواض المياه والنظم الإيكولوجية. إضافةً إلى ذلك، تهدف باكو إلى تقديم مبادرة التنمية البشرية من أجل القدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، والتي تركز على التعليم والمهارات والصحة والرفاهية، وإعلان مسارات العمل المتعددة القطاعات لمؤتمر الأطراف التاسع والعشرين الذي يهدف إلى تعزيز القدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ في المناطق الحضرية.
أهداف جديدة لتمويل المناخ
من المتوقع أن تقوم الدول بإحلال الالتزام السنوي السابق البالغ 100 مليار دولار للدول النامية وفقا لاتفاق كوبنهاغن لعام 2009، بالهدف الجديد، المعروف باسم الهدف الكمي الجماعي الجديد (NCQG)، والذي سيكون قيد المناقشة في مؤتمر الأطراف في نوفمبر تشرين الثاني، ومن المقرر أن يدخل حيز التنفيذ من عام 2025 فصاعداً، وجد تقرير صادر عام 2022 عن مجموعة الخبراء المستقلة رفيعة المستوى المعنية بتمويل المناخ أن الدول النامية تحتاج إلى نحو تريليون دولار سنوياً بحلول عام 2025، و2.4 تريليون دولار بحلول عام 2030 لتلبية احتياجاتها من تمويل المناخ.
ومن بين القضايا الأكثر إثارة للجدال التي لا تزال قائمة هي مقدار الأموال التي ستقدمها الدول المتقدمة، ومن الذي ينبغي أن يوفر التمويل المناخي. وتريد الولايات المتحدة والاقتصادات الكبرى الأخرى توسيع قاعدة المساهمين، لكن الدول النامية تزعم أن هذا خارج نطاق تفويض مجموعة العمل الوطنية لتغير المناخ، وتشمل مجالات الصراع الأخرى مسألة من ينبغي أن يتلقى الأموال -كل البلدان النامية أو فقط البلدان الأكثر ضعفاً- وما هو نوع الأموال، حيث تسعى البلدان النامية إلى تجنب تمويل الديون.
وقد توصلت دراسة حديثة إلى أن الدول الأكثر ضعفاً في العالم من حيث تغير المناخ تدفع سنوياً ضعف ما تتلقاه من مساعدة مالية لمعالجة تغير المناخ، وهذا الضغط المالي يعوق قدرتها على الاستثمار في جهود التكيف مع المناخ الحاسمة، ما يزيد من تعرضها لمخاطر المناخ.
إن التركيز على تمويل المناخ قد يؤثر على مستوى الطموح الذي تعكسه التزامات المساهمات المحددة وطنياً المقرر تقديمها في أوائل العام المقبل، خاصة بالنسبة للدول النامية، وتتردد هذه الدول في الالتزام بأهداف أكثر طموحا دون تأمين الدعم المالي الواضح أولاً من خلال مجموعة العمل الوطنية للجودة، وفي حين تسعى مبادرة مشتركة من أذربيجان والبرازيل والإمارات العربية المتحدة إلى الاعتراف بهذه الصلة بين التمويل والطموح، فإن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لا يزالان يعارضان مثل هذا التكييف الصريح، ونتيجة لذلك، أعربت الدول النامية عن تشككها في معالجة احتياجاتها وتحدياتها بشكل كافٍ.
كيف يؤثر انتخاب ترامب لرئاسة أميركا على مفاوضات المناخ؟
تبدأ الدورة التاسعة والعشرون لمؤتمر الأطراف بعد أيام من فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، ومن المرجح أن تؤدي رئاسة دونالد ترامب الثانية إلى انسحاب الولايات المتحدة (مرة أخرى) من عملية مؤتمر الأطراف واتفاقية باريس، فضلاً عن التراجع الكبير في العمل الأميركي لخفض الانبعاثات والالتزامات المناخية الدولية.
ونظراً لأن الولايات المتحدة هي أكبر مصدر تاريخي للانبعاثات في العالم ومن بين أكبر الدول المصدرة للغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي حالياً، فإن الابتعاد عن العمل المناخي من قبل إدارة ترامب الثانية قد يقوض الحماس لطموحات المناخ العالمية الأكبر.
إن فعالية عملية المفاوضات الدولية نفسها تخضع للتدقيق، وكثيراً ما يثير هذا السؤال «هل تعمل مؤتمرات الأطراف؟»، ويعرب آل جور وجون كيري، وهما شخصيتان بارزتان في مجال سياسة المناخ في الولايات المتحدة، عن شكوك مشتركة تجاه العملية السائدة، ويصر جور على أن العملية تحتاج إلى إصلاح شامل لتلبية المطالب الملحة لأزمة المناخ، وعلى النقيض من ذلك، يعترف كيري بقيمة مؤتمر الأطراف، ولكنه يزعم أنه يحتاج إلى إعادة تشكيل لتعزيز فاعليته وشموله.
كما ستلعب نتائج الانتخابات الأخيرة في جميع أنحاء العالم دوراً كبيراً في تحديد ما إذا كان القادة وأنظمتهم قادرين على جلب المزيد من الطموح إلى العمل المناخي.
ويبقى سؤال بالغ الأهمية: هل ستضاف التعهدات التي قطعتها البلدان إلى ما أسماه رئيس مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين «نجم الشمال 1.5 درجة مئوية؟»