يظهر في قسم من جناح الأمم المتحدة في مؤتمر الأطراف في باكو شعار مؤسسة بلومبيرغ للأعمال الإنسانية، كما ينتشر في أروقة كوب هذا العام الحديث عن التمويل، فهو بمثابة رأس هرم الإشكاليات التي تختلف عليها الأطراف منذ كوب 27 في شرم الشيخ في شبه جزيرة سيناء قبل عامين من اليوم.
مؤسسة بلومبيرغ ليست الوحيدة التي جاءت إلى باكو؛ أندرو ستير رئيس صندوق بيزوس للأرض ينشط بهدوء في أروقة استاد باكو الأولمبي حيث يجتمع الأفراد وفي اجتماعات فنادق باكو الفاخرة حيث تعقد لقاءات أخرى لنفس الأطراف بعيداً صخب الملعب الأولمبي الجديد.
والصندوق الذي يحمل اسم رجل الأعمال الأميركي يمتلك خزينة تحتوي على عشرة مليارات دولار يوجّهها جيف بيزوس لمكافحة الاحتباس الحراري.
الفجوة التمويلية كبيرة، فعلى الرغم من ضخ الدول المتقدمة استثمارات ومساعدات لدول الجنوب العالمي أو الدول الفقيرة تقدر بـ100 مليار دولار فإن الدول الإفريقية والعربية تتفاوض لوصول هذا المبلغ إلى تريليون دولار ، أي عشرة أمثال المبلغ الحالي. ولكن بسبب مشكلات المالية العامة في هذه الدول فإنها تتجه لطلب استثمارات القطاع الخاص ومؤسسات العمل الإنساني.
وقال محمود محيي الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية في لقاء خاص مع CNN الاقتصادية، إنه يجب الاعتماد على مصادر محلية وإقليمية في المنطقة العربية للتغلب على مصاعب التمويل التي يصعب على الدول المتقدمة توفيرها.
ويرى محيي الدين في شهادات الكربون آلية تمويل لا يمكن إهمالها ستجذب شركات القطاع الخاص.
وشهادات الكربون هي بمثابة وثائق تنقية للبصمة الكربونية الكبيرة التي تخلفها الشركات الثرية وذلك لتلبية اشتراطات الدول والاتفاقات الدولية بخفض انبعاثاتها، ومع استحالة خفض الانبعاثات بالقدر المطلوب في ظل ضآلة حجم الطاقة النظيفة فإن هذه الشركات تشتري هذه الشهادات من مؤسسات وشركات في دول الجنوب العالمي تقوم بتحييد جزء من ثاني أكسيد الكربون المخلف محلياً مقابل المال، ما يعني تحقيق مكاسب لجميع الأطراف.
أما أوديل رينو بيسو، رئيسة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، فهي لا تخفي فخرها في محادثتها في كوب29 عن توفير البنك 3 يوروهات من القطاع الخاص أمام كل يورو يقوم الأوروبي لإعادة الإعمار بتقديمه لصالح مشروعات بيئية.
أما أحمد بدر، مدير إدارة تمويل المشروعات في وكالة آيرينا للطاقة المتجددة والتي تعد أحد منظمات الأمم المتحدة، فيرى أن أموال القطاع الخاص يمكن جلبها بوفرة ولكن المشكلة الأكبر تكمن في تحدي قابلية المشروع المقترح للتمويل «أي حصول الجهة المقرضة على الأقساط بمعدل الفائدة المتفق عليه عند حلول آجال هذه الالتزامات».
ويضيف بدر كذلك أن تنفيذ هذه المشروعات على أرض الواقع يجب أن يكون قابلاً للتحقيق، «فالكثير من المشروعات الخاصة بالاعتماد على الطاقة المتجددة في دول الجنوب العالمي يستحيل تنفيذها بسبب غياب البنى التحتية أو تردّيها فضلاً عن عراقيل متعلقة بغياب الأطر القانونية» الخاصة بنشاط هذه الأموال الجديدة.
في النهاية تمنح اجتماعات كوب29 صوتاً لمن لا صوت لهم، وتحتدم النقاشات في خريف كل عام ما بين الدول الغنية والدول الفقيرة من أجل أموال المناخ، ورفع قيمتها، وعلى الرغم من اجتماع أغلب الأطراف الفاعلة من رؤساء الدول والحكومات ومديرو المنظمات الدولية والنشطاء فإن إنتاج البشر للكربون يزيد كل عام، حيث تقدر دراسة حديثة نشرتها مؤسسة «غلوبال كربون بادجيت» مخلفات العالم من ثاني أكسيد الكربون الناتج عن الوقود الأحفوريّ بنحو 37.4 طن بزيادة 0.8 مقارنة بانبعاثات عام 2023، فتزيد كل عام استهلاكات البشر من متاجر أمازون وتقترب الغيوم الحسابية أكثر وأكثر وتزيد بصمة الذكاء الاصطناعي واستخدام الطائرات وحاجة البشر للنفط.
وبينما تسعى الشركات المنتجة للنفط لتقليل بصمتها الكربونية بهدف الوصول لصفر انبعاثات في غضون ثلاثة عقود، فإن الأمر يبدو اليوم صعباً وذلك على الرغم من إعلان هذه النوايا أكثر من مرة.