هل تخيلت يوماً أن تتمكن من الطفو في الهواء أثناء ممارسة مهامك المنزلية المعتادة؟ على الرغم من أن الأمر يبدو مثيراً وممتعاً، فإنه يجعل ممارسة أبسط الأنشطة (مثل تناول فنجان القهوة الخاص بك) أمراً بالغ الصعوبة نتيجة انعدام الجاذبية.
ولعل هذه هي إحدى أكبر التحديات التي تواجهها وكالة ناسا عند إرسال البشر إلى الفضاء، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالطعام، فهي تحتاج لتوفير طعام صحي ومغذٍ ومحفز للشهية من أجل الحفاظ على صحة رواد الفضاء، لذا لن تكون الأطعمة المجففة كافية لتحقيق هذا الغرض.
فعندما يصل رواد الفضاء إلى المريخ في المستقبل على سبيل المثال، سيحتاج الطاقم إلى طعام صحي وطازج خلال رحلته الطويلة إلى الكوكب الأحمر، المتوقع أن تستغرق نحو ثلاث سنوات ذهاباً وإياباً.
مسابقة تطوير تقنيات التغذية
هذا الاحتياج المتزايد للتغذية الصحية هو أحد الأسباب التي دفعت وكالة «ناسا» ووكالة الفضاء الكندية لإطلاق مسابقة مفتوحة للخبراء في جميع أنحاء العالم لتطوير تقنيات مبتكرة لتوفير التغذية المناسبة لرواد الفضاء أثناء المهمات الفضائية طويلة المدى.
ونجح فريق «نان فيكشن» في جذب الاهتمام بشكل كبير خلال المسابقة، وهي شركة تصميم وابتكار يقع مقرها في سان فرانسيسكو، وتعمل على تطوير مختبر فضائي يشبه المطبخ، والذي يشتمل على محطات لزراعة الطحالب والخضروات الورقية، وآلة لمزج القهوة الكريمية، ووحدة إعداد وتناول الطعام التي تضم تقنيات متطورة تضمن حتى شواء اللحوم.
ونجح هذا المختبر في اجتياز المرحلة الأولى من المسابقة في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، ورغم عدم اختياره خلال المرحلة الثانية، فإنه يقدم العديد من التقنيات الواعدة التي يمكن استخدامها ليس فقط في الفضاء، ولكن في البيئات الصعبة أيضاً التي تواجه تحديات في توفير الموارد مثل مخيمات اللاجئين والصحارى.
ويوفر المختبر وسائل فعالة تساعد رواد الفضاء في الحفاظ على شهيتهم القوية لمنع فقدان الوزن والحصول على التغذية المُثلى، وهو أمر بالغ الأهمية لصحتهم.
كما يعتمد رواد الفضاء على الكافيين الإضافي في رحلتهم الطويلة إلى المريخ، وهنا تظهر أهمية آلة «يمّ» التي تستخدم مجساً فولاذياً لاستحلاب السوائل والمكونات الغذائية ذات الأساس الزيتي لصنع اللاتيه وغاناش الشوكولاتة والمايونيز.
ونظراً لأن رواد الفضاء يعتمدون بشكل كبير على اللحوم المُعاد ترطيبها كمصدر أساسي للبروتين، فقد حاول المختبر جعلها أكثر استساغة بإضافة تتبيلة مميزة وتوفير إمكانية تسخين اللحم في ميكروويف صغير يشبه الفرن الحراري، ويتميز بألواح زجاجية وتكنولوجيا الليزر التي يمكنها رسم علامات تحاكي علامات الشواء على اللحم.
وتقدم وحدة تناول الطعام في المطبخ الفضائي خياراً آخر من التغذية الصحية عن طريق زراعة الطحالب الدقيقة في مفاعل حيوي، إذ يمكن جمع الطحالب وتجفيفها وخلطها مع مساحيق الفاكهة والتوابل والخل والشوفان وزبدة الفول السوداني للحصول على وجبة خفيفة لذيذة ومغذية في الوقت نفسه.
وهناك أيضاً وحدة «سناب»، وهي محطة زراعية يمكن لرواد الفضاء استخدامها لزراعة نباتات صغيرة بدون تربة مثل البوك تشوي (أحد أنواع الملفوف الصيني).
وقال الشريك المؤسس للشركة الأميركية، بنام باجلي، «الفكرة هنا هي إنشاء مطبخ كامل في الفضاء، إذ يمكنك إعداد الطعام الذي تريده بالطريقة التي تريدها».
(آشلي ستريكلاند – CNN).