يبدو أن حرب الرقائق بين الصين وأميركا لن تنتهي قريباً، فالولايات المتحدة تضع اللمسات الأخيرة على قواعد من شأنها أن تمنع الصين من الاستفادة من تمويل للرقائق بما يزيد على 52 مليار دولار، وذلك بعد أشهر من القرار الصيني بخضوع الغاليوم والجرمانيوم لضوابط التصدير لحماية أمنها.

أصدرت وزارة التجارة الأميركية، يوم الجمعة، لوائح منع استخدام دعم تصنيع أشباه الموصلات الواردة من الصين إضافة إلى دول أخرى، لمخاوف تتعلق بالأمن القومي، تأتي تلك اللائحة قبل أن تتمكن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من منح إعانات بنحو 39 مليار دولار لإنتاج أشباه الموصلات داخل البلاد، وفقاً لما أوردته وكالة رويترز.

حرب الرقائق بين الصين وأميركا

قالت وزيرة التجارة جينا ريموندو للكونغرس يوم الثلاثاء «علينا أن نكون يقظين تماماً حتى نحول دون مساعدة الصين بفلس واحد في التقدم علينا».

ومن المقرر أن يوفر قانون «الرقائق والعلوم» نحو 52.7 مليار دولار لإنتاج أشباه الموصلات في الولايات المتحدة والأبحاث وتطوير القوى العاملة.

كانت اللائحة اقتُرحت في مارس آذار للمرة الأولى، ووضعت حينذاك حواجز حماية من خلال تقييد مستفيدي التمويل الأميركي من الاستثمار في توسيع تصنيع أشباه الموصلات في البلدان الأجنبية المثيرة للقلق مثل الصين وروسيا، إضافة إلى تقييد مستفيدي أموال الحوافز من الانخراط في أبحاث مشتركة أو جهود ترخيص التكنولوجيا مع الجهات الأجنبية المثيرة للقلق، وفي حالة انتهاك هذه القوانين فإنه يحق للوزارة استرداد المنح الفيدرالية.

وفي أكتوبر تشرين الأول 2022، كشفت إدارة بايدن عن مجموعة من ضوابط التصدير التي تمنع الشركات الصينية من شراء الرقائق المتقدمة ومعدات صنع الرقائق دون ترخيص أميركي.

لكن لكي تنجح هذه الحملة، كان لا بد من مشاركة بعض الدول الأخرى، وبالفعل انضمت اليابان وهولندا إلى هذه الجهود في وقت سابق من العام الجاري، ما أدى إلى تقييد صادرات صناعة الرقائق إلى الصين.

انخفاض صادرات الصين

انخفضت صادرات الصين من اثنين من المعادن النادرة الضرورية لتصنيع أشباه الموصلات إلى الصفر في أغسطس آب، وذلك بعد شهر من فرض بكين قيوداً على المبيعات في الخارج بدعوى الأمن القومي.

تُنتج الصين نحو 80 في المئة من الغاليوم في العالم ونحو 60 في المئة من الجرمانيوم، وفقاً لتحالف المواد الخام الحرجة، لكنها لم تبع أياً من العناصر في الأسواق الدولية خلال الشهر الماضي، حسبما أظهرت بيانات الجمارك الصينية الصادرة يوم الأربعاء.

وفي يوليو تموز، صدّرت الصين نحو 5.15 طن متري من منتجات الغاليوم المطروق و8.1 طن متري من منتجات الجرمانيوم المطروق.

وعندما سُئل عن نقص الصادرات الشهر الماضي، قال المتحدث باسم وزارة التجارة الصينية هي يادونغ في مؤتمر صحفي يوم الخميس، إن الوزارة تلقت طلبات من الشركات لتصدير المادتين.

وتشير القيود إلى رغبة الصين الواضحة في الانتقام من ضوابط التصدير الأميركية، على الرغم من المخاوف بشأن النمو الاقتصادي مع احتدام الحرب التكنولوجية.

ويواجه ثاني أكبر اقتصاد في العالم بالفعل ضعف الطلب المحلي وأزمة الإسكان، وعانت صادرات الصين الشهر الماضي من أكبر انخفاض لها منذ أكثر من ثلاث سنوات، ما وجّه ضربة جديدة لانتعاشها المتعثر.

ويقول المحللون إن تقييد الصادرات سيف ذو حدين قد يضر بالاقتصاد الصيني ويسرع تحول سلاسل التوريد إلى خارجها.

وقال محللو مجموعة «أوراسيا» في تقرير بحثي صدر في يوليو تموز، إن الصين قد تكون رائدة الصناعة في إنتاج العنصرين، لكن هناك عدة بدائل متاحة لكلا المادتين.

إن تأثير انهيار الصادرات أصبح ملموساً بالفعل في الداخل، إذ انخفضت أسعار الغاليوم في الصين، وتسببت ضوابط التصدير في تراكم المخزونات.

وبلغ السعر الفوري للغاليوم يوم الخميس 1900 يوان (ما يعادل نحو 260 دولاراً) للطن المتري، بانخفاض نحو 20 في المئة عن أوائل يوليو تموز، وفقاً لمعلومات من سوق شنغهاي للمعادن.

وفي الوقت ذاته، ارتفع السعر الفوري للجرمانيوم بشكل طفيف بسبب قلة العرض، ليصل إلى 10050 يواناً (ما يعادل 1376 دولاراً) للطن المتري يوم الخميس.

رد الفعل الصيني

في يوليو تموز، قالت بكين إن العنصرين اللذين يستخدمان في مجموعة متنوعة من المنتجات بما في ذلك رقائق الكمبيوتر والألواح الشمسية، سيخضعان لضوابط التصدير لحماية الأمن والمصالح الوطنية للصين.

وبدءاً من الأول من أغسطس آب، احتاج المصدرون إلى التقدم للحصول على إذن خاص لشحنهم خارج البلاد.

وأدت هذه الخطوة إلى تصعيد الحرب التكنولوجية مع الولايات المتحدة حول من يمكنه الوصول إلى تكنولوجيا صناعة الرقائق المتقدمة، وهو أمر حيوي لكل شيء بدءاً من الهواتف الذكية والسيارات ذاتية القيادة حتى تصنيع الأسلحة.

ويبدو أن الضغط الأميركي في حرب الرقائق مع الصين سيظل مستمراً، إذ توقع محللو «جيفريز» في مذكرة بحثية يوم الاثنين، أن يركز بايدن على تشديد حظر الرقائق ضد الصين في الربع الرابع.

(لورا هي-CNN)