تُعدُّ شركة (علي بابا) أحدث ضحايا حرب الرقائق الدائرة بين أميركا والصين، التي أصابت العديد من شركات التجارة الإلكترونية، بعد أن أعلنت الشركة الصينية إلغاء خططها لفصل ذراعها للحوسبة السحابية؛ بسبب التشديد الأخير للضوابط الأميركية على صادرات الرقائق إلى الصين، ما تسبب في حالة من عدم اليقين.
جاء هذا الإعلان بعد ساعات فقط من محادثات صينية أميركية حاسمة بين الرئيس الصيني تشي جين بينغ والرئيس الأميركي جو بايدن، بدا أنها حدَّت من العلاقة المتوترة بين أكبر اقتصادين في العالم.
من جهتها، قالت شركة علي بابا في بيان يوم الخميس، إن القيود الأميركية الجديدة قد تؤثر مادياً وسلبياً على قدرة مجموعة كلاود إنتيليغانس التابعة لها على العمل بشكل منفصل، ما يؤثر على الربحية ويلقي بظلال من الشك على قيمة الإدراج المنفصل للمساهمين.
تأثر أكبر الشركات بحرب الرقائق بين أميركا والصين
انخفضت أسهم شركة علي بابا المدرجة في الولايات المتحدة بنحو 10 في المئة، من 86.81 دولار يوم الأربعاء، إلى 78.47 دولار يوم الخميس، وفقاً لأحدث بيانات ريفينيتيف.
واضطرت الشركة التي أعلنت في سبتمبر أيلول الماضي عن خططها لإدراج وحدتها السحابية كشركة منفصلة، إلى إعادة التفكير بسبب تصاعد حرب الرقائق بين أميركا والصين.
وقالت الشركة سنركز على تطوير نموذج نمو مستدام لمجموعة كلاود إنتيليغانس في ظل الظروف المتقلبة، موضحة أن هذه القيود الجديدة قد تؤثر في أعمالها بشكل عام من خلال الحد من إمكانية ترقية قدراتها التكنولوجية.
وكانت شركات صينية مثل هواوي وزي تي إي تأثرت بقوة بسبب حرب الرقائق، وانخفضت أسهمها، بعد الإعلان عن ضوابط التصدير الجديدة، ولم تسلم الشركات الأميركية من التأثير السلبي ومن بينها إنتل، وإيه إم دي، وإنفيديا.
وقالت إنديفيا إن القواعد تفرض متطلبات ترخيص جديدة للصادرات إلى الصين وأسواق أخرى.
وأضافت أن شريحة إيه 800 الخاصة بها، ستكون من ضمن المكونات المتأثرة، إذ تأسست خصيصاً للعملاء الصينيين من أجل التحايل على قيود العام الماضي.
وأثارت هذه القيود بعض المخاوف لدى الشركات في أوروبا، وأعلنت شركة إيه إس إم إل القابضة الهولندية المصنعة لمعدات صناعة الرقائق، أنها تقيّم الآثار المترتبة على القواعد، على الرغم من أنها لا تتوقع أن يكون لها تأثير مادي على توقعاتها المالية لعام 2023.
اشتعال حرب الرقائق
تخوض كل من واشنطن وبكين نزاعاً دام عاماً كاملاً حول قدرة الصين على الوصول إلى أشباه الموصلات الأكثر تقدماً، فضلاً عن المواد والمعدات اللازمة لتصنيع المكونات المستخدمة في منتجات تتراوح بين الهواتف الذكية والمعدات الطبية إلى السيارات الكهربائية.
في الشهر الماضي، وضعت الحكومة الأميركية مجموعة صارمة من ضوابط التصدير التي قدمتها لأول مرة قبل عام، ما تسبب فعلياً في تقليص نطاق أشباه الموصلات التي تستطيع الشركات الأميركية بيعها للصين.
وخلال محادثات تشي مع بايدن الأربعاء، وصف الرئيس الصيني هذه القيود بأنها احتواء تكنولوجي.
من جهته، قال بايدن رداً على ذلك إن الولايات المتحدة لن تقدم للصين التكنولوجيا التي يمكن أن يستخدمها الجيش الصيني ضدها.
أما الصين فقد فرضت قيودها الخاصة، ففي أغسطس آب، فرضت بكين قيوداً على صادرات الغاليوم والجرمانيوم، وهما عنصران أساسيان لصنع أشباه الموصلات.
وبعد أيام من الإعلان عن أحدث القيود على الرقائق، كشفت بكين خططاً لتقييد صادرات الغرافيت، وهو معدن مطلوب لصنع بطاريات السيارات الكهربائية.
لكن خلال الأسبوع الجاري، ظهرت علاقات أكثر ودية بين البلدين، إذ وصف بايدن محادثات الأربعاء بين الزعيمين بأنها من أكثر المناقشات البناءة والمثمرة، مشيراً إلى اتفاقه مع نظيره الصيني على التحدث خلال فترات الخلاف.
التقى تشي أيضاً مع قادة الأعمال الأميركيين في سان فرانسيسكو يوم الأربعاء، وأخبر الحضور الذي ضم تيم كوك الرئيس التنفيذي لشركة أبل، والرئيس التنفيذي لشركة تسلا إيلون ماسك، أن الصين مستعدة أن تكون شريكاً وصديقاً.
وقال إنه يتعين على الصين وأميركا ألا تنخرطا في لعبة محصلتها صفرية، فقد يفوز أحدهما على حساب الآخر، وقال تشي «نحن بحاجة إلى بناء المزيد من الجسور وتمهيد المزيد من الطرق للتبادلات، بدلاً من إقامة عقبات مختلفة وخلق تأثير مخيف».
جاءت تصريحات تشي وسط تراجع الاستثمار الأجنبي في الصين التي تعاني أيضاً من أزمة عقارية متفاقمة وضعف الإنفاق الاستهلاكي.
إصلاحات في شركة علي بابا
تمر شركة علي بابا التي أسسها الملياردير جاك ما قبل 25 عاماً، بعملية إصلاح تاريخية، فقد كان من المفترض في الأصل إنشاء ست وحدات منفصلة، يشرف على كل منها رئيسها التنفيذي ومجلس إدارتها.
وقالت المجموعة يوم الخميس إنها ستؤجل أيضاً خططها لإدراج سلسلة متاجر فريشيبو؛ من أجل تقييم ظروف السوق؛ لكنها أفادت بخططها لطرح عام أولي لذراعها اللوجستية كاينياو في هونغ كونغ، دون تحديد موعد للإدراج.
وارتفعت إيرادات علي بابا في الربع الثالث من يونيو حزيران إلى سبتمبر أيلول بنسبة 9 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق لتصل إلى نحو 31 مليار دولار، وبلغ صافي 3.7 مليار دولار، بعد أن سجلت خسارة خلال الفترة نفسها، نتيجة ارتفاع قيمة استثمارات المجموعة في الأسهم.