يحظى تطبيق تيك توك للفيديوهات بشعبية كبيرة في الولايات المتحدة الأميركية، إذ يعتبر ملاذاً للربح وحرية التعبير، لذلك عندما وافق مجلس النواب الأميركي يوم الأربعاء على تمرير قانون حظر التطبيق إلى مجلس الشيوخ، فإن الأمر أثار الغضب بين المستخدمين.
يصل عدد مستخدمي تيك توك في أميركا إلى 150 مليوناً، وحذّر متحدث باسم الشركة في بيان عقب التصويت من تأثير القرار في الاقتصاد عامة، وأكثر من سبعة ملايين شركة ناشئة، لكن يظل السؤال المهم: لماذا يحظى التطبيق بهذه الشعبية الكبيرة؟
السبب وراء شعبية تيك توك
تنتشر التطبيقات الصينية في الولايات المتحدة الأميركية، لكن عندما يتعلق الأمر بمنصة تيك توك، فإن خوارزمياته توفّر لمستخدميه إمكانية الوصول إلى كل المتصفحين، حتى إن لم يتابعونهم لذلك يواصل التطبيق انتشاره، حتى توقعت بعض التقارير أنه سيكون التطبيق الأعلى ربحاً على الإطلاق.
هذه الميزة من التصفح غير المشروط، مكّنت العديد من مستخدمي تيك توك في أميركا من توصيل رسالتهم، سواء (الجيل زد) -المستخدم المهيمن على التطبيق- أو أصحاب الشركات الناشئة الراغبين في الترويج لمنتجاتهم أو خدماتهم.
وأصبحت متابعة هذه الحسابات خياراً مثالياً خاصة بالنسبة للجيل زد في أميركا الذي أعرب نحو 57 في المئة منهم أنهم يتابعون منشئ المحتوى غالباً بعد تصفح محتواه، وفقاً لبيانات تيك توك بيزنس.
يعني ذلك أنه حتى منشئي المحتوى الذين لا يملكون عدداً كبيراً من المتابعين، يمكنهم إنشاء محتوى ينتشر بسرعة كبيرة ويصل إلى ملايين المشاهدين، وقد أدّى ذلك إلى انتشار بعض المنافسات الرائجة للترفيه مثل مزامنة الشفاه أو تحديات الرقص، وفي الوقت ذاته، كان سبباً في انتشار العديد من رواد ورائدات الأعمال؛ ما دفعه إلى تأسيس تيك توك فور ستارت آبس.
يذكر أن نحو 50 في المئة من الجيل زد و30 في المئة من جيل الألفية يشترون منتجات جديدة اكتشفوها عبر تيك توك، بينما يفضّل نحو 38 في المئة منهم محتوى العلامات التجارية، و66 في المئة منهم يكتشفون علامات تجارية جديدة عبر التصفح.
وعلى الرغم من رواج التسويق عبر المؤثرين على كل مواقع التواصل الاجتماعي، فإن تيك توك استغل التسويق المؤثر، إذ ساعدت ميزة الفيديوهات الحية في إضافة عنصر الواقعية إلى محتوى المستخدمين، وعززت من التفاعل مع المتابعين، إذ قال 64 في المئة من الجيل زد إنهم يشعرون بأن المحتوى المقدم على التطبيق يعتبر محتوى يمكن الوثوق به، وأيدهم في ذلك نحو 79 في المئة من جيل الألفية الذين يستخدمون التطبيق في أميركا.
هل يدعم تيك توك الاقتصاد الأميركي؟
كشف تيك توك في بيان نقلاً عن تقارير أكسفورد إيكونوميكس، أن التطبيق أسهم بنحو 24 مليار دولار في الاقتصاد الأميركي عام 2023.
وأوضح أن الشركات الناشئة الأميركية التي لجأت إلى التسويق عبر التطبيق حققت إيرادات بنحو 15 مليار دولار في العام ذاته، والتي بدورها قدمت 5.3 مليار دولار ضرائب للحكومة الأميركية.
ومع الاستفادة من الخدمات المجانية التي يقدمها التطبيق، فقد بلغت مساهمة تيك توك في الناتج المحلي الإجمالي لأميركا نحو 24.2 مليار دولار.
ولفت التقرير إلى دعم التطبيق لنحو 224 ألف وظيفة من قبل الشركات الناشئة، وكانت النسبة الأعلى بنحو 73 ألف وظيفة في صناعة الأغذية والمشروبات، التي بدورها دعمت الاقتصاد الأميركي بنحو 6.4 مليار دولار، يليها قطاع الصحة بنحو 3.9 مليار دولار، وقطاع خدمات الأعمال بنحو 3.6 مليار دولار.
لكن مع الموافقة على تمرير مشروع قانون حظره، يبدو أنه من الصعب استبدال تيك توك خاصة في أميركا.
ما البدائل؟
أستراليا وكندا وفرنسا وبلجيكا ونيوزيلندا وتايوان و الهند، كلها دول حظرت تيك توك في السابق، ولعل موقف الأخيرة كان صعباً على بكين، إذ حظرت عام 2020، نحو 59 تطبيقاً صينياً؛ بهدف الحفاظ على أمن البيانات.
وإذا كنا نعتقد أن ما حدث في الهند سيحدث في أميركا، فهذا يعني إطلاق تطبيقات جديدة، كما سيلمع نجم المنافسين الأصغر، حتى وإن كانت لفترة مؤقتة.
على الرغم من صعوبة نقل كل محتوى مستخدمي تيك توك إلى تطبيقات أخرى، فإن إنستغرام ريلز، ويوتيوب شورتس، وسناب شات تبقى الخيار الأمثل حتى الآن.
فقد أطلقت شركة ميتا المالكة لإنستغرام، ميزة ريلز بهدف منافسة تيك توك، ويتوقع تحليل (ديماند سيدج) أن يصل عدد المشاهدات لهذه الميزة في الولايات المتحدة إلى 2.5 مليار في 2024، ومع أكثر من 2.35 مليار شخص يمكنه التفاعل مع الفيديوهات، منهم 169 مليون أميركي.
أما يوتيوب شورتس، فقد وصل عدد مستخدميه في العالم إلى أكثر من 1.5 مليار شخص عام 2022، وفقاً لأحدث بيانات غوغل، بينما بلغ عدد مستخدمي سناب شات في الولايات المتحدة نحو 108.8 مليون شخص، وفقاً لداتا ريبورتال.
ومن المرجّح أيضاً أن تظهر بعض التطبيقات الأخرى البديلة -في حالة حظر تيك توك أو تغيير خوارزمياته- مثل لايكي، الذي يحتوي على أدوات لتحرير الفيديو مع المؤثرات المرئية والموسيقى والرسوم المتحركة والمرشحات، فضلاً عن وجود بعض الميزات الأخرى مثل مؤقت العد التنازلي للتسجيل بدون استخدام اليدين، وإمكانية بث فيديوهات مباشرة لمدة طويلة.
بدوره، يحظى تطبيق (تريلر) بشعبية واسعة تنمو بوتيرة سريعة، ويرجع الفضل في ذلك إلى العديد من المشاهير الذين انضموا للتطبيق مثل جاستن بيبر، ومايك تايسون، وكاردي بي.
ويتسم التطبيق بسهولة استخدامه، كما يوفّر إمكانية التصفح دون متابعة الحسابات مثل تيك توك، إلّا أنه لا يوفّر مؤثرات أو ملصقات لإنشاء فيديو موسيقي.
وزعم التطبيق أن لديه 65 مليون مستخدم شهرياً في 2023.