رجح الملياردير بافيل دوروف، مؤسس تطبيق تيليغرام للمراسلة، أحد أشهر منصات التواصل الاجتماعي، تجاوز عدد مستخدمي التطبيق النشطين، المليار مستخدم شهرياً، في غضون عام.

جاء ذلك في مقابلة مع الصحفي الأميركي تاكر كارلسون، نُشرت على حساب الأخير بمنصة إكس، وهو الحوار المصور الأول لدوروف منذ عقد تقريباً.

أوضح دوروف، أن تيليغرام ينتشر كالنار في الهشيم، علماً أنه يضم نحو 900 مليون مستخدم نشط في الوقت الحالي.

ويُعرف دوروف بأنه مارك زوكربيرغ -مؤسس فيسبوك- في روسيا، إذ يقود منصة تيليغرام من مكتبه في دبي بالإمارات، لكنها لم تكن التجربة الأولى له في عالم التواصل الاجتماعي.

إذاً لماذا لا يتمتع تيليغرام بشعبية تطبيقات ميتا؟

تشتد المنافسة بين تطبيقات التواصل الاجتماعي، خاصة مع هيمنة شركة ميتا على هذه السوق، إذ يجذب فيسبوك وحده نحو ثلاثة مليارات مستخدم نشط، وإنستغرام نحو ملياري مستخدم نشط.

لكن عندما يتعلق الأمر بتيليغرام، فإن عدد مستخدميه ناتج عن اختيارات شخصية بحتة، دون اللجوء إلى الطرق الدعائية، إذ كشف دوروف في مقابلته مع كارلسون عن عدم تسويق التطبيق على الإطلاق، أو استخدام منصات للتواصل الاجتماعي الأخرى للترويج له؛ نظراً لقناعته بعدم إنفاق أي مبالغ نقدية على الإعلان عنه.

كيف بدأ دوروف رحلته نحو الثراء؟

تُقدر ثروة دوروف الآن بنحو 15.5 مليار دولار، وفقاً لبيانات فوربس، لكنها سبق أن بلغت أوجها في عام 2019 قبل جائحة كوفيد-19، إذ بلغت حينذاك نحو 17.2 مليار دولار، حسب المصدر ذاته.

كانت بداية دوروف من الجامعة، إذ عمل على تأسيس المواقع الإلكترونية لزملائه، ونتيجة لذلك بدأ شركة (في كي) عندما بلغ الحادية والعشرين من العمر عقب تخرجه مباشرة في الجامعة، والتي كانت أقرب ما يكون لعملاق التواصل الافتراضي (فيسبوك) لكن في روسيا.

وأوضح أن شركته تمكنت من استكشاف عالم التواصل الاجتماعي قبل فيسبوك، إذ كان يشرف على كل الأمور الخاصة بالعمل والتطوير بنفسه، حتى غدت أكبر شركة للتواصل الاجتماعي في روسيا وأوكرانيا وكازاخستان وعدد آخر من الدول، بنحو 100 مليون مستخدم نشط، ما كان يشكل عدداً كبيراً حينذاك، حسب وصف دوروف.

لكن اضطر دوروف لبيع شركته، ومغادرة روسيا بعد رفضه تسليم بيانات بعض المستخدمين من المعارضة، وهو الأمر ذاته الذي نتجت عنه فكرة تيليغرام، لإطلاق تطبيق يمكنه حماية البيانات بالتعاون مع شقيقه نيكولاي.

من سنغافورة إلى برلين وسان فرانسيسكو، جاب دوروف مع شقيقه القارات؛ لكنهما لم يستقرا بسبب المعاناة من الأنظمة البيروقراطية، ثم قررا الاستقرار في دبي حيث يمكنه الاستمرار في إطلاق تطبيقه المحايد.

وحول أسباب الاستقرار في دبي، قال دوروف إنها توفر بيئة ممهدة لإطلاق الأعمال معفية من الضرائب، فضلاً عن أسعار العقارات التنافسية، مضيفاً أن السبب الأفضل يعود إلى دعم الحكومة الإماراتية دون المطالبة إطلاقاً ببيانات المستخدمين أو إخضاع التطبيق إلى القيود.

ومن هنا، يأتي جزء كبير من ثروة دوروف من تيليغرام، بينما يتطلع إلى أن تكون شركته مربحة خلال العام المقبل، مع تلبية تطلعاته في مجال الذكاء الاصطناعي، خاصة مع اقترابها من الإدراج في سوق الأسهم، وفقاً لما قاله في مقابلة سابقة مع صحيفة فاينانشيال تايمز.

هل يضمن تيليغرام حرية الرأي فعلاً؟

مع بداية نجاح (في كي)، واجهت المنصة أول معضلة في الفترة بين عامي 2011 و2012، عندما بدأت مجموعات المعارضة استغلال منصة (في كي) لتنظيم بعض الاحتجاجات؛ نظراً لتمتعها بقدر كافٍ من حرية الرأي والتعبير، الأمر الذي دفع الحكومة الروسية لمطالبة دوروف بحظر هذه المجموعات، لكنه رفض.

وتكرر الأمر ثانية في عام 2013، لكن هذه المرة كان الاحتجاج في أوكرانيا، وطالبت الحكومة الروسية دوروف بتسليم البيانات الخاصة بمستخدمي المنصة منهم، الأمر الذي رفضه أيضاً.

لذلك، حول الادعاءات بتبعية تيليغرام إلى الحكومة الروسية، قال دوروف في مقابلته مع كارلسون، إنه ليس متفاجئاً منها على الإطلاق، خاصة أن الأمر قد ينتج عن المنافسين الذين يرون أن التشكيك في التطبيق وسيلة للحد من انتشاره، خاصة مع تسجيل أكثر من مليوني ونصف المليون مستخدم يومياً.

وكان تيليغرام أظهر تأييداً للخطابات الحرة أثناء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وبحسب الأرقام اليومية التي قدمها تيليغرام حينذاك، فقد بلغت عمليات تحميل التطبيق أكثر من 150 مليون مرة منذ بداية 2022.

كما استخدمه قائد جماعة فاغنر الروسية المسلحة الخاصة، يفغيني بريغوجين، لفتح حساب يضم 1.3 مليون متابع ونشر مئات الرسائل ومقاطع الفيديو والصور على مدار سبعة أشهر، متحايلاً على أجهزة الإعلام الحكومية في الكرملين، إذ سعى من خلاله الروس للحصول على أخبار غير خاضعة للرقابة الروسية عن الحرب في أوكرانيا.

واستمر بريغوجين في التواصل مع الشعب الروسي بحرية عندما أطلق تمرداً درامياً ضد القادة العسكريين الروس في 23 يونيو حزيران 2023، وروى تفاصيله في سلسلة من الرسائل الصوتية على قناته على تطبيق تيليغرام.

لكن على عكس ذلك، فقد قيّد تيليغرام الوصول إلى العديد من القنوات المرتبطة بحركة حماس، مع احتدام الصراع في غزة، إذ جاء حجب قنوات حماس بعد أسابيع من الضغط الذي تعرضت له شركة تيليغرام، في وقت حظرت فيه شركات التكنولوجيا الأميركية ميتا وغوغل وإكس الحسابات الداعمة لهم.

وتؤثر سياسات غوغل فقط على التطبيقات التي يتم تنزيلها من خلال متجر التطبيقات الخاص بها، ما يعني أن إصدارات تيليغرام التي قد تكون متاحة في متاجر تطبيقات أندرويد التابعة لجهات خارجية لا تخضع للقيود نفسها.

وقال دوروف لكارلسون إن الضغوط التي قد يخضع لها التطبيق لا تأتي حالياً من الحكومات، بل الشركات مثل أبل أو غوغل، لذلك فعندما يتعلق الأمر بحرية التعبير، يمكن لهذه الشركات أن تتبع منشورات المستخدمين عبر أنظمة إي أو إس أو أندرويد على هواتفهم الذكية، الأمر الذي يشكل تهديداً على مستقبل تيليغرام في متاجرهم الإلكترونية.

وأوضح قائلاً «في حالة عدم خضوع تيليغرام لقواعد هذه الشركات الخاصة، فإننا نخاطر بحذف التطبيق من متاجرهم الإلكترونية، الأمر الذي قد يفقد الملايين القدرة على استخدام التطبيق، ما يجعلنا في وضع يريد التفاوض؛ إلا أن أبل وغوغل من الشركات التي لا ترجح ذلك».