تسعى إدارة بايدن إلى تشجيع مجموعات التكنولوجيا الأميركية على عقد صفقات وشراكات في مجال الذكاء الاصطناعي مع الإمارات العربية المتحدة، سعياً إلى إقامة تحالف من شأنه أن يمنحها ميزة على الصين، في تطوير هذه التكنولوجيا الثورية.

وأعلنت شركة مايكروسوفت هذا الأسبوع عن استثمار بقيمة 1.5 مليار دولار في مجموعة جي 42، وهي مجموعة إماراتية للذكاء الاصطناعي تتخذ من أبوظبي مقراً لها ويرأسها الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، وهو ما يمثل أحدث رهان ضخم لعملاقة التكنولوجيا الأميركية على الذكاء الاصطناعي.

ووفقاً لأشخاص مطلعين على المناقشات، تم الانتهاء من الصفقة بعد سلسلة من الاجتماعات على مدار العام الماضي توسطتها الحكومة الأميركية بين مستثمرين وشركات من الإمارات العربية المتحدة وشركات التكنولوجيا الأميركية بما في ذلك مايكروسوفت وغوغل وأوبن إيه أي، بحسب صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.

تمثل المحادثات جزءاً من جهود واشنطن لتحقيق التفوق على بكين في تطوير الذكاء الاصطناعي وغيره من التقنيات الحساسة.

وقال مصدر مطلع على المفاوضات إن وزيرة التجارة جينا ريموندو شاركت عن كثب، حيث عملت أعلى المستويات في الحكومة الأميركية على تطوير روابط أوثق بين مجموعات التكنولوجيا الأميركية وأبوظبي.

ومن الشخصيات المهمة الأخرى الشيخ طحنون، مستشار الأمن الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، والذي يشرف أيضاً على إمبراطورية تجارية وصندوق أبوظبي السيادي، وهو يقود جهود الذكاء الاصطناعي المزدهرة في البلاد بصفته رئيساً لمجموعة جي 42.

وتظهر الاجتماعات الأميركية الإماراتية كيف أصبح الصراع من أجل السيطرة على التقنيات الناشئة مسألة جيوسياسية، حيث أصبحت القرارات التجارية متشابكة مع المصالح الاستراتيجية والأمنية الوطنية.

طموحات الإمارات في مجال الذكاء الاصطناعي

طورت أبوظبي الغنية بالنفط طموحاتها لاستغلال ثروتها النفطية الهائلة لتكون في قلب منظومة التطوير العالمي للذكاء الاصطناعي حيث تعمل على تقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري.

وأطلقت أبوظبي صندوق مبادلة أبوظبي للاستثمار وهو صندوق مخصص لصفقات الذكاء الاصطناعي، ومن المتوقع أيضاً أن تنفق مليارات الدولارات على البحث والتطوير من خلال المؤسسات الحكومية مثل مجلس أبحاث التكنولوجيا المتقدمة.

وأصبح قادة الذكاء الاصطناعي، بمن في ذلك الرئيس التنفيذي لشركة أوبن إيه أي، سام ألتمان، والرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا لصناعة الرقائق، جنسن هوانغ، زواراً منتظمين للدولة الخليجية.

قام ألتمان هذا الشهر بالسفر بين الإمارات العربية المتحدة وواشنطن، حيث التقى مسؤولين حكوميين ومستثمرين لمناقشة كيفية عمل شركات الذكاء الاصطناعي والحكومات في كلا البلدين معاً.

وبحسب أشخاص مطلعين على المناقشات، فقد ناقش مؤسس أوبن إيه أي خططاً لمشروع طموح للرقائق مع الشيخ طحنون، سعياً لجمع مليارات الدولارات لتطوير الرقائق الإلكترونية اللازمة لتدريب وبناء نماذج الذكاء الاصطناعي.

التقى ألتمان أيضاً السفيرة الأميركية لدى الإمارات، مارتينا سترونغ، وأعضاء الكونغرس ومجتمع الأمن القومي الأميركي لضمان وجود ما يكفي من الطاقة والرقائق ومراكز تخزين البيانات لدعم طفرة الذكاء الاصطناعي، وفقاً لشخص على علم مباشر بالمحادثات.

وفي الوقت الذي تسعيان فيه إلى تعزيز العلاقات، أعرب مسؤولون أميركيون سابقاً عن قلقهم بشأن استخدام الإمارات التكنولوجيا الصينية، وخاصة أجهزة الجيل الخامس من شركة هواوي، وأعربوا عن قلقهم من أن الصين يمكن أن تستخدم هذه الشبكات للوصول إلى المعلومات من حليف مهم للولايات المتحدة.

تنظر الإمارات العربية المتحدة إلى البيانات باعتبارها مصدراً جديد للنفط، لقد أدركت أنه يتعين عليها إيجاد طريقة جديدة للوجود بين الولايات المتحدة والصين بسبب مخاوف الولايات المتحدة بشأن التكنولوجيا الصينية، بحسب المصدر الذي تحدث لصحيفة فايننشال تايمز.

ونظراً للحساسيات المتعلقة بالأمن القومي، فقد استغرقت الموافقة على صفقة جي 42 ومايكروسوفت أشهراً من المحادثات مع المسؤولين الحكوميين من كلا الجانبين، حسب ما قال شخصان قريبان من المفاوضات.

وقال أحد هؤلاء الأشخاص إن الصفقة تضمنت تعهد جي 42 بإزالة التكنولوجيا الصينية، والأهم من ذلك، الأجهزة التي تصنعها شركة هواوي، من أنظمتها.