أشعلت استقالة صحفية حائزة عدة جوائز من صحيفة نيويورك تايمز، أزمة تضاف إلى رصيد الإعلام الغربي الذي يواجه موجات غضب متزايدة جراء طريقة تعاطيه مع الصراع بين إسرائيل وغزة، إذ طالته اتهامات بعدم الموضوعية والدقة في بث الأحداث، خاصة فيما يتعلق بالجانب الفلسطيني.
من جهتها، قررت جازمين هيوز الاستقالة من الصحيفة الأميركية الشهيرة بعدما وقّعت على عريضة أعربت فيها عن دعمها للفلسطينيين.
استقالة هيوز تُثير الجدل
أعلن رئيس تحرير صحيفة نيويورك تايمز جيك سيلفرستين عن استقالة هيوز في مقال نُشر يوم السبت، قائلاً «على الرغم من أنني أحترم أن لديها قناعات قوية، فإن هذا كان انتهاكاً واضحاً لسياسة التايمز بشأن الاحتجاج العام».
وأضاف أنه عقد اجتماعاً مع هيوز، ليؤكد لها أن الاحتجاجات العامة لا تتماشى مع منصبها كصحفية في التايمز، وقال «توصل كلانا إلى نتيجة مفادها أنها يجب أن تستقيل».
وُلدت هيوز عام 1991، وانضمت إلى صحيفة التايمز عام 2015 وعملت محررة وكاتبة، وفي عام 2020 فازت بجائزة من الجمعية الأميركية لمحررين تحت سن 30 عاماً.
وفي العام ذاته، فازت بجائزة لكتابة الملفات الشخصية، عن ووبي غولدبيرغ، وفيولا ديفيس.
عقب الإعلان عن استقالتها، أثار الخبر جدلاً بين متابعي التايمز، الذين أعربوا عن استيائهم من استقالتها، موضحين أن التايمز كانت منبراً لحرية الرأي في ما يخص حقوق الإنسان المدنية، وحرب فيتنام، وما يتعلق بالرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وقالت إحدى المتابعين «لماذا الآن لا تسير على النهج نفسه؟» في إشارة إلى حرية التضامن مع فلسطين.
وهاجمت أخرى التايمز قائلة «إذا كانت سياستكم تحظر على الموظفين التحدث علناً ضد الإبادة الجماعية، فأنتم المشكلة».
وتضامنت أخرى مع هيوز قائلة «صحفية حائزة جوائز يجب ألّا تُرغم على الاستقالة بسبب رأيها حول ما يحدث في الشرق الأوسط».
كما واجه البعض نبأ استقالة هيوز برسائل ساخرة من قرار التايمز، إذ تساءل أحد المتابعين ساخراً «هل منصبها فارغ، سأقول أي شيء تريدون، أنا أحب إسرائيل».
وعاد البعض بالذاكرة إلى الحرب على العراق، موضحين أن التايمز اتسمت بالانحياز آنذاك، لتؤيد الحرب، وحرص آخرون على تسليط الضوء على كيفية تناول الإعلام الغربي كل ما يتعلق بالشرق الأوسط، مشيرين إلى مقال بريت ستيفينز على صحيفة وول ستريت جورنال حول المشكلات التي تعاني منها العقلية العربية.
كتّاب يدعمون غزة
وفقاً لنيويورك تايمز، فإن العريضة التي وقّعتها هيوز حول الصراع بين إسرائيل وغزة نُشرت على الإنترنت الأسبوع الماضي من قِبل مجموعة تُسمّى (كتّاب ضد الحرب على غزة).
ونددت المجموعة -التي تصف نفسها بأنها تحالف مخصص ملتزم بالتضامن مع الشعب الفلسطيني- بما وصفته بالهجوم الإقصائي الإسرائيلي على الفلسطينيين وكذلك مقتل الصحفيين الذين كانوا يغطون الحرب، وقد وقّع عليها مئات الأشخاص، بما في ذلك صحفيون ومؤلفون من المشاهير.
بدوره، وقّع على العريضة أيضاً، الكاتب المساهم في التايمز، جيمي لورين كيليس، ليؤكد أنه لن يكتب مقالات لصالح الصحيفة بعد الآن، موضحاً في منشور على حسابه الرسمي بموقع إكس، إنه لم يُرغم على الاستقالة.
ووقّع العديد من الكتّاب والصحفيين والشعراء والمؤلفين والأكاديميين ورواد الأعمال في مجال النشر على عريضة أطلقها 25 كاتباً أميركياً، لتنتقل بين أكثر من 10 آلاف آخرين من مختلف أنحاء العالم، بهدف التضامن غزة، على غرار ما حدث أثناء حرب فيتنام عام 1965، عندما أسس كلٌّ من روبرت بلاي وديفيد راي منظمة للاحتجاج على الحرب.
وصفت العريضة، قصف إسرائيل على غزة بالإبادة الجماعية، ونوهت بمقتل أكثر من 7500 فلسطيني، من بينهم أكثر من 2500 طفل، وإصابة أكثر من 17 ألف آخرين، كما سلّطت الضوء على كيفية تناول الإعلام الغربي لما يحدث في قطاع غزة، بينما قُتل نحو 24 صحفياً في ميدان العمل بغزة لنقل الأحداث بصورة مباشرة.
وأضافت العريضة أن العديد من الكتّاب والعاملين في مجال الثقافة واجهوا مضايقات شديدة، وعقاباً في مكان العمل، وفقداناً لوظائفهم بسبب تضامنهم مع فلسطين.
امتعاض من الإعلام الغربي
واتهمت ملكة الأردن، رانيا العبد الله، العالم الغربي بازدواجية في المعايير في حديثها مع كريستيان أمانبور على قناة CNN، وقالت «الناس في أنحاء الشرق الأوسط كافة، بما في ذلك الأردن، يشعرون بالصدمة وخيبة الأمل من رد فعل العالم على هذه الكارثة التي تتكشف، في الأسبوعين الماضيين شهدنا ازدواجية معايير واضحة في العالم».
كان استطلاع رأي نشرته مؤسسة غالوب نُشر في التاسع عشر من أكتوبر تشرين الأول، كشف عن وصول ثقة الأميركيين في وسائل الإعلام ونقلها الأخبار بطريقة كاملة وعادلة ودقيقة، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، إذ بلغت نسبة الأميركيين الذين يثقون بوسائل الإعلام 32 في المئة، مقابل 29 في المئة لديهم ثقة قليلة، ونحو 39 في المئة لا يثقون على الإطلاق بالإعلام.
مطالبات بوقف إطلاق النار على غزة
شهدت العديد من عواصم العالم، مظاهرات سلمية دعماً لقطاع غزة، إذ احتشد مئات الآلاف في لندن، وأوسلو، وجاكرتا، وبودابست، وبرلين، وبوخارست، وباريس، وبلفاست في الوقت الذي وسّع فيه الجيش الإسرائيلي هجومه الجوي والبري على قطاع غزة.
وفي واحدة من أكبر المسيرات في لندن، أظهرت لقطات جوية حشوداً كبيرة تسير في وسط لندن لمطالبة حكومة رئيس الوزراء ريشي سوناك بوقف إطلاق النار.
وكانت مظاهرة شارك بها المئات في ولاية نيويورك بالولايات المتحدة، تسببت في توقف محطة غراند سنترال -إحدى محطات النقل الرئيسية- عن العمل، ودعت إلى وقف إطلاق النار على الفور في قطاع غزة.