بعد سنوات عجاف شهدها قطاع السياحة المصري، بسبب جائحة كورونا التي أعاقت حركة السفر العالمية وأضرت باقتصاد موطن الحضارة الفرعونية، تستهدف مصر زيادة سنوية بين 25 و30 في المئة في أعداد السائحين الوافدين إليها خلال السنوات الخمس المقبلة.
وتمثّل السياحة مصدراً مهماً للعملة الأجنبية في أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، والتي تعاني شحاً شديداً في موارد النقد الأجنبي أجبرها على تخفيض قيمة العملة المحلية (الجنيه المصري) بنحو 50 في المئة.
خطة لترويج السياحة المصرية
قال عمرو القاضي رئيس هيئة تنشيط السياحة المصرية، إن مصر تتطلع لجذب 15 مليون سائح خلال العام الجاري، مقابل 11.4 مليون سائح استقبلتهم البلاد العام الماضي.
وأضاف القاضي في تصريحات لـ«CNN الاقتصادية»، أن بلاده لديها خطة تسويقية لاستقطاب السائحين الأجانب، تتكون من عدة محاور، يركّز الأول منها على شركات السياحة ومنظمي الرحلات وشركات الطيران الدولية لتحقيق أعلى مستوى من التدفقات السياحية، من خلال برامج مالية تحفيزية لتلك الشركات، لتشجيعهم على جذب السائحين للمقاصد المصرية خاصة في المدن السياحية مثل الغردقة والأقصر وشرم الشيخ.
بينما يركّز المحور الثاني على المشاركة في المعارض السياحية الدولية للترويج للآثار المصرية، والتغلب على التحديات التي تواجه الدول التي تصدّر سائحيها إلى مصر، ومناقشة المزايا التي يرغبون في الحصول عليها.
وتتعاون مصر مع شركة علاقات عامة دولية تتخذ من ألمانيا مقراً لها، للترويج للسياحة المصرية عبر الحملات الإعلانية.
المتحف المصري الكبير
وتوقع رئيس هيئة تنشيط السياحة المصرية أن يسهم افتتاح المتحف المصري الكبير في زيادة حركة السياحة خلال العام الجاري، خاصةً في ظل افتتاح مطار «سفنكس»، واعتزام الحكومة إجراء عملية تطوير شاملة لمنطقة أهرامات الجيزة.
ومن المقرر افتتاح أكبر متحف أثري في العالم، المتحف المصري الكبير، في وقت لاحق من هذا العام.
ويقع المتحف الكبير في الجهة المقابلة من أهرامات الجيزة، إذ بلغت تكلفة بنائه أكثر من مليار دولار، ويضم مجموعة كبيرة من القطع الأثرية المصرية، من ضمنها كنوز قبر الملك توت عنخ آمون.
انخفاض الجنيه المصري
وأكد عمرو القاضي أن الهيئة نجحت في استغلال انخفاض قيمة الجنيه المصري في الترويج لسياحة الطاقة خلال موسم الشتاء الماضي في دول أوروبا الغربية مثل ألمانيا وفرنسا، مع انخفاض تكلفة الإقامة في مصر خلال شهور الشتاء شديدة البرودة في أوروبا والدافئة في مصر، ما أسهم في زيادة أعداد السائحين من تلك الدول بنحو 30 في المئة.
سياحة الاستشفاء
قال عمرو صدقي الرئيس السابق للجنة السياحة بمجلس النواب المصري، إن أعداد السائحين الذين تستهدف مصر جذبهم سنوياً ترتبط بالطاقة الاستيعابية والتشغيلية للسياحة الأثرية والشاطئية التي تعتمد عليها مصر بشدة.
وأضاف صدقي لـ«CNN الاقتصادية»، أن مصر تستطيع جذب أكثر من 15 مليون سائح سنوياً، إذا استغلت أنماطاً أخرى من السياحة، مثل السياحة الصحية (العلاجية والاستشفائية)، عبر إقامة منتجعات صحية وفنادق مخصصة لذلك الغرض.
وأشار إلى أن مصر لديها نحو ألف و356 موقعاً للسياحة الاستشفائية معظمها مواقع مائية، غير مستغلة بشكلٍ صحيح.
وشدد صدقي على أهمية العائدات من حركة السياحة أكثر من عدد السائحين، مشيراً إلى أنه كلما زادت إيرادات السياحة وقل عدد الزوار كان الأمر أفضل من النواحي كافة.
وقال رئيس لجنة السياحة السابق بمجلس النواب المصري، إن مصر بحاجة إلى إعادة ترتيب صناعة السياحة من الداخل، والتفرقة بين أنواع السياحة المختلفة مثل السياحة الأثرية والثقافية، إذ تستند الأخيرة على المعارض الفنية وحفلات الأوبرا، وليس زيارة المعالم الأثرية.
كانت مجلة «ناشيونال جيوغرافيك» قد أدرجت مصر ضمن أفضل الوجهات للمسافرين الباحثين عن التراث والثقافة خلال عام 2023.
حرب روسيا على أوكرانيا
تضرر قطاع السياحة المصري بشكلٍ كبير من الحرب الروسية على أوكرانيا التي اندلعت شرارتها الأولى في فبراير شباط 2022، إذ استحوذ السائحون من «موسكو» و«كييف» على النصيب الأكبر من حركة السياحة في الدولة العربية خلال السنوات الماضية.
وقلصت الحرب أعداد السائحين الروس بنحو 40 في المئة، والأوكرانيين بنحو 85 في المئة، بحسب رئيس هيئة تنشيط السياحة المصرية.
وقال القاضي إن بلاده نجحت في تعويض جزء كبير من غياب السياح الروس والأوكرانيين عبر زيادة الوافدين من دول غرب وشرق أوروبا، والدول الآسيوية مثل الصين واليابان.
ووفرت وزارة السياحة المصرية في شهر مارس آذار الماضي تسهيلات لدخول السياح الأجانب إلى أراضيها من دول مختلفة بينها تركيا وإيران وإسرائيل.
وبلغت إيرادات مصر من السياحة خلال الربع الأول من العام المالي الجاري نحو 4.1 مليار دولار بارتفاع نسبته 43.5 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام المالي الماضي، وفقاً لبيانات البنك المركزي المصري.