أصبحت خدمات التنقل جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، فبنقرة زر واحدة، يمكنك طلب سيارة الأجرة الخاصة بك حتى تصل إلى وجهتك، والآن، يمكنك الانتقال إلى مستوى أعلى من الرفاهية عبر طلب رحلة طيران خاصة على غرار خدمات أوبر.
فرحلات الطيران الخاصة لم تعد حكراً على الأغنياء فقط، إذ بدأ عدد متزايد من الشركات -مثل شركة (كينيكت إير)- في تقديم خدمة الطيران الخاص للركاب العاديين، ويمكن للأفراد حجز رحلة طيران حسب الطلب عبر الموقع الإلكتروني للشركة، علماً أن أسعار الرحلات تبدأ من نحو 111 دولاراً للشخص الواحد.
وتعليقاً على الخدمة، قالت كاتي بوس، الرئيسة التنفيذية المشاركة والطيارة السابقة في الجيش الأميركي «نريد تغيير الطريقة التي يفكر بها الكثيرون فيما يتعلق بالرحلات الجوية القصيرة، فهم يعتقدون أن هذه الرحلات حكر على المليارديرات أمثال بيل غيتس وإيلون ماسك».
أسعار تنافسية
وأضافت بوس أن هذه الرحلات ليست رخيصة، لكنها تتيح للجميع تجربة سفر مختلفة تماماً بأسعار في متناول الجميع، موضحة أن الشركة تريد إحداث ثورة في سوق الطيران الخاص، بالطريقة نفسها التي قامت بها شركة (أوبر) في سوق سيارات الأجرة، وقامت بها شركة (إير بي إن بي) في سوق الضيافة.
وبالفعل فإن بعض الأسعار التي تعرضها الشركة تقل عن أسعار الدرجة الاقتصادية في الطيران التقليدي، وفقاً لما ذكرته شبكة CNN.
بدوره، قال الرئيس التنفيذي المشارك بن هوارد لـCNN إن الموقع يستخدم برنامجاً مدعوماً بالذكاء الاصطناعي للبحث عن مشغلي الطائرات الخاصة، ما يتيح للمسافرين اختيار العروض الأنسب لهم.
ومن أجل إبقاء الأسعار منخفضة قدر الإمكان، أشار هوارد إلى أن الشركة تستخدم طائرات ذات محرك توربيني ومحركات مكبسية، وهما أرخص ثمناً في التشغيل من الطائرات العادية، على الرغم من بطئهما النسبي.
لكنه قلل من شأن هذا البطء في الرحلات الأقل من 500 ميل، موضحاً أن الرحلة نفسها بالطائرة التقليدية قد تتكلف خمسة أضعاف نظيرتها بالطائرة الخاصة، رغم أن الفارق في وقت الوصول لا يتعدى دقائق معدودة.
تغير المناخ والطيران الخاص
من المحتمل أن تثير هذه الخطوة الجدل مع اشتداد الحديث حول تغير المناخ، إذ وجدت دراسة أجرتها منظمة النقل والبيئة غير الربحية عام 2021 أن مستخدمي خدمة الطيران الخاص -الذين يمثلون 1 في المئة فقط من سكان العالم- مسؤولون عن نصف جميع الانبعاثات العالمية الناجمة عن الطيران.
ويشهد قطاع الطيران الخاص ازدهاراً متزايداً مع توسعه بنسبة 31 في المئة خلال الفترة بين عامي 2005 و2019، وهناك اتهامات للقطاع بالتسبب في تفاقم الانبعاثات الضارة دون داعٍ، خاصةً أن نحو 40 في المئة من الرحلات الجوية الخاصة تعود من وجهتها الأولى خالية تماماً من الركاب.
ويرى هوارد أن المنصة تُعد خطوة جيدة لملء هذه الأماكن الشاغرة في الطائرات الخاصة عند العودة، كما اعتبرها خطوة أولى نحو الاستعداد لطائرات المستقبل الكهربائية والهجينة، والتي من المتوقع أن تبدأ بالطائرات الصغيرة.
الانبعاثات الكربونية لقطاع الطيران
شهدت الانبعاثات الكربونية لقطاع الطيران العالمي انخفاضاً ملموساً خلال جائحة كوفيد-19، إلا أنها عاودت الارتفاع من جديد لتصل إلى 671 مليون طن متري في عام 2022 مقارنةً بـ495 مليون طن متري في 2020، وفقاً لأحدث بيانات موقع ستاتيستا.
ومن المتوقع أن تسجل انبعاثات القطاع ارتفاعاً ملحوظاً في دول مثل الصين والهند بشكل خاص، إذ توقعت التقارير وصول تلك الانبعاثات في الصين إلى نحو 371 مليون طن متري بحلول عام 2050، مقابل 179 مليون طن متري في الهند خلال الفترة نفسها.
وبالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط، فقد كشفت التوقعات عن إمكانية وصولها إلى نحو 134.5 مليون طن متري بحلول العام ذاته.
من جهته، أشار هوارد إلى أن الدعائم التوربينية والمحركات المكبسية الموجودة في الرحلات الخالية من الركاب، تحرق وقوداً أقل من الطائرات التقليدية.
على الجانب الآخر، أوضح مدير سياسة الطيران المستدام في النقل والبيئة، ماتيو ميرولو، في حديث لشبكة CNN في عام 2022، أن الطائرات الخاصة تمتاز بقفزاتها القصيرة، ما يجعلها أقل استدامة من الناحية البيئية، لكنها في الوقت نفسه ستكون أكثر قدرة على التكيف مع التكنولوجيا الجديدة عند طرحها في السوق نظراً لصغر حجمها.
تجدر الإشارة إلى أن الخيارات البديلة عن الطيران الخاص لا تتوفر في جميع البلاد بالنسبة نفسها، ففي حين تمتاز أوروبا -على سبيل المثال- بوجود مسارات سكك حديدية بديلة لنحو 80 في المئة من مسارات الطيران الخاصة الأكثر استخداماً، لا تتمتع الولايات المتحدة بالميزة نفسها، فالسفر بالقطار ليس خياراً سهلاً في معظم أنحاء البلاد.
(جوليا باكلي – CNN)