توصلت منظمة الطيران المدني الدولي (الإيكاو)، إلى اتفاق دولي بشأن إطار عالمي لوقود الطيران المستدام ومنخفض الكربون، إضافة إلى أنواع أخرى من الوقود النظيف.
جاء ذلك في ختام أعمال المؤتمر الثالث للطيران وأنواع الوقود البديل في دبي، الذي جمع أكثر من ألف مسؤول ومستثمر ومتخصص في القطاع من مئة دولة و30 منظمة دولية ذات صلة، وذلك قبل أيام من انطلاق النسخة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 28).
وحدد إطار دبي العالمي للوقود المستدام، هدفاً بخفض انبعاثات الكربون من قطاع الطيران العالمي بنسبة 5 في المئة بحلول 2030؛ عبر تحفيز زيادة إنتاج واستخدام وقود الطيران المستدام، والوقود منخفض الكربون وسائر مصادر الطاقة النظيفة في قطاع الطيران.
ومن المقرر أن يراجع أعضاء المنظمة هذه الأهداف بحلول 2028؛ لدراسة تطورات السوق وتقييم الاستثمارات الجديدة في إنتاج الطاقة النظيفة عالمياً.
بدوره، قال وزير الاقتصاد الإماراتي ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للطيران المدني، عبدالله المري إن «إطار دبي العالمي هو نجاح للحوار الدولي الخاص بخفض الانبعاثات الكربونية في قطاع الطيران، وهو دفعة للجهود الدولية في ملف التغير المناخي، خاصة أنه يأتي قبل أيام قليلة من انعقاد مؤتمر (كوب 28)، وسوف تعرض هذه المخرجات ضمن أعمال المؤتمر».
إطار دبي العالمي
ونص إطار دبي العالمي على أن تعمل منظمة الطيران المدني الدولي والدول الأعضاء فيها معاً لضمان تنفيذ عناصر هذا الإطار العالمي؛ لتوسيع نطاق إنتاج وقود الطيران المستدام، والوقود منخفض الكربون واستخدامهما.
وأقر الإطار أنه لن يتسنى إنتاج مصدر وقود واحد بكمية كافية لتحقيق الهدف الطموح طويل الأجل، وبالتالي ينبغي أن يكون الإطار العالمي مرناً وألا يستبعد أي مصدر طاقة محدد أو أي مسار أو خامات أولية أو تكنولوجيا مطابقة للمعايير المتفق عليها في إطار خطة (كورسيا)؛ القائمة على السوق ومُصممة لتعويض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الصادرة عن الطيران الدولي.
وقود الطائرات المستدام
يأتي استخدام وقود الطيران المستدام كأكبر مساهم في تقليل انبعاثات الكربون، إذ يمكن الاعتماد عليه في الطائرات التجارية، كما يأتي قطاع النقل عامة كثالث أكثر قطاع يسهم في زيادة الانبعاثات الكربونية، بعد الطاقة والصناعة، خلال الفترة بين عامي 2019 و2022، وفقاً للوكالة الدولية للطاقة.
وحول تجربة وقود الطائرات المستدام، فقد كشفت شركة رولز رويس عن عزمها تشغيل أول رحلة لشركة طيران دولية عبر المحيط الأطلسي تعمل بوقود مستدام 100 في المئة، ما سيغير قواعد اللعبة فيما يخص الثقة واستخدام وقود الطيران المستدام الذي سيقلل كثيراً من الانبعاثات في الصناعة.
كما أعلنت الشركة عن تقنية جديدة، وهي نموذج جديد للمحرك النفاث (ألترافان) الذي اختُبر مؤخراً في المملكة المتحدة باستخدام وقود طيران مستدام 100 في المئة، وتهدف هذه التقنية إلى تقليل حرق الوقود بنسبة 25 في المئة مقارنةً بالمحركات الأولى التي طرحتها الشركة في السوق.
وبالتماشي مع مخططات الاستدامة في المنطقة وعالمياً، أبرمت شركة طيران الإمارات، في أكتوبر تشرين الأول الماضي، اتفاقية مع شركة (شل أفييشن) لتزويدها بأكثر من 300 ألف غالون من وقود الطيران المستدام لاستخدامها في مقر الناقلة بدبي.
كانت طيران الإمارات قد نفّذت في يناير كانون الثاني أول رحلة تجريبية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لطائرة تستخدم وقوداً مستداماً بنسبة 100 في المئة بأحد محركيها من طراز (جي.إي 90)، عندما أقلعت الطائرة بوينغ 777 من مطار دبي الدولي وحلقت لأكثر من ساعة، قبل أن تهبط في مكان الإقلاع نفسه.
ورفعت طيران الإمارات نسبة الوقود المستدام في الرحلات الجوية من ستوكهولم، وتشغّل حالياً رحلات جوية من باريس وليون وأوسلو باستخدام مزيج من النوعين.
وتعود أول رحلة لطيران الإمارات استخدمت وقوداً مستداماً إلى عام 2017 بطائرة بوينغ 777-300ER انطلقت من مطار شيكاغو أوهير الدولي، كما تسلّمت الناقلة أول طائرة A380 تعمل بوقود مستدام في ديسمبر كانون الأول 2020، وحمّلت 32 طناً من هذا الوقود على إحدى رحلاتها من ستوكهولم في العام ذاته.
من جهتها، تستثمر شركة الطيران الأوروبية منخفضة التكلفة ويز إير، بكثافة في وقود الطيران المستدام، وتسعى إلى شراء طائرات تعمل بالدفع الهيدروجيني مع شركة إيرباص.
وتخطط شركة يونايتد لتقديم خدمة طيران إقليمية أميركية على متن 100 طائرة هجينة كهربائية تتسع لنحو 30 راكباً من شركة هارت أيروسبايس السويدية الناشئة بحلول عام 2028، بينما تستثمر أيضاً في إنتاج 5 مليارات غالون من الوقود المستدام.
بدوره يرى برايان موران، نائب الرئيس للاستدامة والشراكات في بوينغ، في حديث سابق له مع «CNN الاقتصادية»، أن وقود الطيران المستدام يلعب دوراً حيوياً في تحقيق الأهداف البيئية، إذ يقلل من الانبعاثات بنسبة تتراوح بين 50 و85 في المئة.
التكلفة العالية
يعتبر الوقود المستدام أكثر تكلفة بكثير من الكيروسين، إلا أن توسيع نطاق الإنتاج يمكن أن يساعد في خفض التكاليف وتعزيز اعتماد شركات الطيران عليه، وهذا هو ما تعمل عليه شركات الطيران الكبرى اليوم.
كان خالد العيسوي مدير منطقة الخليج والشرق الأدنى في الاتحاد الدولي للنقل الجوي أشار في حديث سابق لمنصة «CNN الاقتصادية» إلى تكلفة الوقود المستدام، قائلاً «ليس من المفروض أن يحدث ذلك، فعند زيادة الإنتاج ومع وجود محفزات كافية من الدول، فأسعار الوقود المستدام لن تبقى عند هذه المستويات المرتفعة وستصل إلى مستوى مقبول من شركات الطيران».