تزداد الهجرة إلى الدول العربية بغرض العمل أو البحث عن فرص معيشية أفضل أو تعزيز فرص الاستثمار خاصة عندما يتعلق الأمر بالشركات الناشئة ورواد الأعمال، أو بسبب الهرب من الصراعات.

وعلى الرغم من الأوضاع الاقتصادية المتغيرة في الكثير من الدول العربية، فإنها تجذب المهاجرين سواء من العرب مثل مصر التي يتصدر عدد السودانيين والسوريين واليمنيين فيها قائمة المهاجرين أو من الدول الآسيوية مثل الإمارات والسعودية اللتين تجذبان العديد من الهنود إلى أراضيها.

الهجرة إلى مصر

تستضيف مصر تسعة ملايين من المهاجرين من 133 دولة، أي ما يعادل 8.7 في المئة من السكان المصريين، وفقاً لتقديرات المنظمة الدولية للهجرة عام 2022.

وأرجعت المنظمة الزيادة الملحوظة في عدد المهاجرين منذ عام 2019، إلى عدم الاستقرار الذي طال أمده في البلدان المجاورة لمصر، ما دفع الآلاف من السودانيين وجنوب السودان والسوريين والإثيوبيين والعراقيين واليمنيين إلى البحث عن ملاذ في مصر.

ويحتل المهاجرون السودانيون صدارة الجنسيات المهاجرة إلى مصر، إذ بلغ عددهم أربعة ملايين مهاجر، ويليهم السوريون بما يقرب من 1.5 مليون مهاجر، ثم اليمنيون والليبيون الذين بلغ عدد مهاجريهم مليوناً، وتشكّل هذه الجنسيات الأربع 80 في المئة من المهاجرين المقيمين حالياً في البلاد.

عدد المهاجرين في مصر

يشكّل السوريون 17 في المئة من أعداد المهاجرين في مصر، ووفقاً لتقرير منظمة الهجرة، فإنهم «من أفضل الجنسيات التي تسهم بشكلٍ إيجابي في سوق العمل والاقتصاد المصري، وفي عام 2022 يُقدّر حجم الأموال التي استثمرها 30 ألف مستثمر سوري مُسجل في مصر بنحو مليار دولار أميركي».

وتتراوح أعداد الورش والمصانع السورية في مصر ما بين ثلاثة آلاف وخمسة آلاف مصنع في 2024، بحسب تصريحات رئيس تجمع رجال الأعمال السوريين في مصر، خلدون الموقع.

«أنا أعتبر نفسي مصرياً أكثر من كوني سورياً، واخترت أن آتي إلى هنا لأنني أشعر بأنها بلدي»، هكذا بدأ حديثه مازن غريبو، صاحب مصانع لطباعة الأقمشة وتصنيع وتصدير الحقائب في القاهرة بعمالة تتجاوز 400 عامل، فهو أحد المهاجرين الذين وجدوا في مصر فرصاً للاستثمار، بعد أن واجهت بلادهم أزمات مختلفة أصبح التعايش معها في غاية الصعوبة.

استقر غريبو في مصر عام 2012، بعد الاضطرابات السياسية التي شهدتها سوريا آنذاك، وبعد أن أسس سلسلة محال تجارية لاستيراد الأقمشة من الخارج لمدة عامين، أدرك أن «مصر ذات طبيعة صناعية من الطراز الأول»، ويرى غريبو أنه من السهل على المستثمرين في مصر التغلب على أزمة شح الدولار الحالية في مصر.

قال غريبو «بعد أن عانينا مشكلة التحويلات الدولارية في مصر، أنشأنا مصنعاً لإنتاج الحقائب، وتصدير نحو 80 في المئة من إجمالي الإنتاج، وما نحصل عليه من دولارات نستخدمه في عمليات استيراد الخامات ومستلزمات الإنتاج، وهذا ما أنصح به المُصنعين المحليين».

توافد العمالة الأجنبية يسهم بنحو 36 في المئة من أغراض الهجرة لمصر، وتتعدد أغراض الإقامة في مصر بين العمل، والتعليم، والزواج، وغيرها.

هذا التوافد إلى مصر والذي يعود إلى سنوات مضت، يأتي على الرغم من الأوضاع الاقتصادية المتغيرة، وفي الآونة الأخيرة، يواجه الاقتصاد المصري العديد من الأزمات في ظل تدهور قيمة العملة المحلية (الجنيه) وارتفاع نسب التضخم وانتشار البطالة.

الهجرة إلى الخليج

على ناحية أخرى، يأتي الوضع الاقتصادي لدول الخليج مختلفاً عن مصر تماماً؛ ما جعل دولاً مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية مقصداً للعديد من المهاجرين حول العالم.

وجاءت السعودية في المركز الثالث ضمن قائمة الدول العشرين الأكثر جذباً للمهاجرين في العالم، وفقاً لتقرير الهجرة العالمية الصادر عن المنظمة الدولية للهجرة.

وبذلك، فإنها قفزت من المرتبة الثامنة في عام 2000 (بنحو 5.3 مليون وافد) إلى المركز الثالث في عام 2020 (بنحو 13.5 مليون وافد).

وشملت القائمة ثلاث دول عربية أخرى هي الإمارات (المركز السادس)، والأردن (المركز الـ18)، والكويت (المركز الـ20).

وفي الإمارات، تُصنّف دبي ضمن أهم المدن الدولية، فضلاً عن أنها مركز مالي وتجاري مميز، كما يتجاوز نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 52.41 ألف دولار، وفقاً لأحدث بيانات صندوق النقد الدولي في 2023.

تجذب الإمارات معدلاً أعلى من المهاجرين مقارنة بأي دولة أخرى، وقد أدّت التسهيلات التي تقدمها لاحتضان المهاجرين إلى دفع النمو الاقتصادي.

وفي الآونة الأخيرة، وسّعت الإمارات فرص الهجرة للعمال ذوي المهارات العالية، إذ تسمح للطلاب الموهوبين، والعمال الأجانب ذوي المهارات الاستثنائية، والمستثمرين بالبقاء في البلاد لمدة تصل إلى عقد من الزمن.

ويضم المهاجرون في الإمارات العديد من الجنسيات، أغلبهم من الهند وبنغلاديش وباكستان، إضافة إلى عددٍ من الجنسيات الأخرى من جنوب آسيا، إذ تصل نسبتهم الإجمالية إلى نحو 59.4 في المئة، بينما تصل نسبة المصريين في الإمارات إلى نحو 10.2 في المئة، والفلبينيين نحو 6.1 في المئة.

وقدرت الأمم المتحدة إجمالي عدد سكان البلاد بأكثر من 10 ملايين نسمة بدءاً من عام 2022، يشكّل المهاجرون منهم نسبة 88.1 في المئة.

وتبلغ نسبة المهاجرين العاملين في القطاع الخاص أكثر من 96 في المئة، وفي دبي وحدها يمثّلون 95 في المئة من القوى العاملة، ممن يعملون بشكلٍ رئيسي في البناء، وتجارة الجملة والتجزئة، وإصلاح المركبات، والتصنيع، والنقل، والتخزين، والخدمات الغذائية.