شهد العام الجاري زيادة مُطردة في أعداد حوادث الطيران، الأمر الذي دفع العديد إلى التساؤل حول ما إذا كان الطيران لا يزال وسيلة مواصلات آمنة أم لا.

ولعل أبرز تلك الحوادث هي حادثة الطائرة البوينغ التابعة لخطوط ألاسكا الجوية خلال شهر يناير كانون الثاني الماضي، والتي شهدت انفجار قابس باب الطائرة تاركاً فجوة كبيرة في جسم طائرة بوينغ 737 ماكس، إذ انتزعت هواتف الركاب وملابسهم من أجسادهم، ولكن شقت الطائرة طريقها إلى الأرض لحسن الحظ دون أية إصابات خطيرة.

إلى جانب حادثة خطوط ألاسكا الجوية سقطت طائرة أخرى من طراز بوينغ بشدة لدرجة أن الركاب ألقوا على سقف المقصورة، ما أسفر عن إصابة العشرات بجروح دفعتهم إلى علاجها في المستشفى عند الهبوط.

واصطدمت طائرة ركاب بطائرة عسكرية في مطار طوكيو، ما أسفر عن مقتل خمسة من أفراد خفر السواحل الياباني الذين كانوا يستجيبون لزلزال، بخلاف عدد آخر من الحوادث البسيطة من ضمنها سقوط عجلة تزن 200 رطل من طائرة عند إقلاعها، ما أدى إلى سحق المركبات المتوقفة على الأرض.

اكتسبت كل هذه الحوادث اهتماماً كبيراً على وسائل التواصل الاجتماعي، وتظل الإجابة عن سؤال حول ما إذا كان الطيران لا يزال آمناً ليس بهذه البساطة، ولكن الجواب المبسط هو أن الطيران آمن -أكثر أماناً من معظم وسائل السفر- وأكثر أماناً من ركوب السيارة التي تستخدم بشكل كبير يومياً.

وأوضح أنتوني بريكهاوس، محقق التحطم وأستاذ سلامة الطيران في جامعة إمبري ريدل للطيران أن الجزء الأكثر أماناً في رحلة الطيران هي الرحلة نفسها، لافتاً إلى أن القيادة إلى المطار تُعد أكثر خطورة من رحلة الطيران.

وقال بريكهاوس أيضاً إن صناعة الطيران الأميركية حافظت على سجل سلامة شبه مثالي.

سجل شبه خالٍ من الحوادث

حافظت سجلات الطيران الأميركية على خلوها تماماً من أية حوادث منذ تحطم طائرة إقليمية في بوفالو، نيويورك، في يناير كانون الثاني من عام 2009، ما أسفر عن مقتل 49 على متنها وواحد على الأرض، فيما توفي خمسة أشخاص آخرين فقط في حوادث على متن رحلات تجارية مجدولة في الولايات المتحدة.

وقتل ثلاثة ركاب في عام 2013 عندما تحطمت طائرة تابعة لشركة آسيانا إيرلاينز قبل أن تصطدم بمدرج سان فرانسيسكو بينما توفيت راكبة على متن رحلة ساوث ويست عام 2018 عندما انكسر غطاء المحرك وتحطمت النافذة المجاورة لها، كما قتل راكب في عام 2019 عندما انزلقت طائرة صغيرة عن المدرج في ريف ألاسكا.

ولكن بالمقارنة مع حوادث الطائرات، يتوفى أكثر من 100 شخص في المتوسط يومياً على الطرق والطرق السريعة في أميركا خلال قيادة السيارات بين عامي 2003 و2022، وهو آخر عام تتوفر فيه وفيات مرورية لمدة عام كامل.

ما يعني أن عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم على الطرق والطرق السريعة في السيارات كل ساعة يساوي تقريبا عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم في حوادث الطيران التجاري الأميركي خلال 15 عاماً.

شكل التنقل الأكثر أماناً

ومع ذلك، فإن أشكال الطيران الأخرى ليست آمنة كلياً، إذ توفي ما يقرب من 300 شخص منذ عام 2009 أثناء السفر في الخدمة الجوية «عند الطلب»، مثل الطائرات الخاصة، بينما لقي ما يقرب من 5500 شخص حتفهم في مجال الطيران العام، وهي عادة طائرات صغيرة غالباً ما يديرها طيارون هواة.

في حين أن الطيران التجاري لديه السجل الأكثر أماناً بين خيارات النقل، فالسكك الحديدية هي ثاني أكثر أشكال السفر أماناً، إذ شهدت السكك الحديدية وفاة 71 راكباً في قطارات الركاب من عام 2009 حتى العام الماضي على الرغم من أن قطارات الركاب سجلت أميالاً أقل بكثير من الطائرات أو السيارات.

ولذلك، وحسب الخبراء والمراقبين، عندما يتم مقارنة عدد الأميال التي تقطعها الطائرات بعدد الحوادث والوفيات، فإن السفر على الأرض يبدو أكثر خطورة من الطيران على متن شركة طيران أميركية تجارية.

(كريس ايزيدور- CNN)