يقف محمد إسماعيل في معرض لبيع السيارات في حي مدينة نصر بالعاصمة المصرية القاهرة ليكتشف أن ثمن السيارة التي يريد شراءها ارتفع بنحو 200 ألف جنيه على السعر الرسمي لبيعها في ما يعرف بظاهرة الـ«أوفر برايس» أو زيادة الأسعار بشكل كبير.

كان إسماعيل قد باع سيارته قبل نحو ستة أسابيع سعياً لترقية إلى طراز أعلى «ألماني الصنع» ولكن عودة ظاهرة الـ«أوفر برايس» كسرت طموحه، ما أدى إلى «فقدان السيارة البيجو التي كان يمتلكها، وأصبح تنقله باستخدام التاكسي وتطبيقات نقل الأفراد»، على حد قوله.

وارتفعت أسعار السيارات في البلاد بشكل لافت في النصف الثاني من عام 2022 مع اشتداد الأزمة الاقتصادية في مصر التي كان بطلها شح الدولار الأميركي وميلاد السوق الموازية.. والـ«أوفر برايس» هو إضافة سعر على ثمن السيارة مقابل توفيرها.

أرجع الرئيس التنفيذي لشركة كيان -وكيل لمجموعة سيارات فولكس فاغن في مصر- كريم نجار، عودة الظاهرة «إلى أسباب عديدة من ضمنها صعوبة تدبير البنوك للدولار الأميركي وتوقف منظومة الأرقام التعريفية لاستيراد السيارات المعروفة باسم ACID».

وتشهد مبيعات السيارات في مصر تراجعاً كبيراً منذ عام 2022 إذ هوت مبيعات المركبات في عامي 2022 و2023، وبحسب تقارير أميك -مجلس معلومات سوق السيارات في مصر- توقفت المبيعات عام 2023 عند 90 ألف سيارة مقابل 290 ألف سيارة عام 2022.

تطور مبيعات السيارات في مصر اخر 5 سنوات

وكانت الظاهرة اختفت في ربيع العام الحالي بعد إجراءات تحرير سعر الصرف التي تبناها البنك المركزي المصري ووصول سعر صرف الدولار إلى نحو 50 جنيهاً في مارس آذار الماضي واختفاء السوق الموازية للعملات الأجنبية بعد أحدث تعويم، لتباع السيارات بقيمتها بل وأحياناً بتخفيض بسيط.

ولكن عضو شعبة السيارات باتحاد الغرف التجارية، علاء السبع قال في اتصالٍ مع CNN إنه يرفض «مسمى الأوفر برايس وإن المسألة محكومة في نهاية المطاف بمبدأ العرض والطلب، وعودة الظاهرة مقترنة بشح السيارات وارتفاع الطلب عليها، وإنها لن تختفي إلا عند انخفاض الطلب من المشترين أو إعادة قبول نظام الأرقام التعريفية الـACID لمدخلات السيارات، وهو ما سيؤدي بدوره إلى زيادة المعروض واستقرار السوق عند المعدلات الطبيعية».

في النهاية يرجو السبع أن تترك «الدولة في مصر سوق السيارات حرة لاختفاء الظاهرة»، ويأمل نجار كذلك في إعادة فتح الاستيراد ليتمكن من «استيراد سيارات، فالمعارض خاوية وليس لديه أي سيارة لبيعها ما يؤثر سلباً في أداء الشركة ونموها».

أما إسماعيل فيبدو أنه سيستمر في إنفاق جزء من دخله الشهري للتنقل عبر تطبيقات النقل التشاركي.

وتواترت أنباء مطلع يوليو حزيران الماضي عن تحديد مصلحة الجمارك المصرية حصة استيراد السيارات بعشرة آلاف سيارة في الشهر الواحد، وهو ما فسّره المراقبون برغبة الدولة في الحد من خروج الدولار الأميركي كي لا تعيش مصر أزمة جديدة في توفير الورقة الخضراء.

ووصل فارق السعر بين السعر الرسمي والسعر الإضافي مقابل توفير السيارات إلى ما بين 10 و15 في المئة ليناهز 200 ألف جنيه (نحو 4000 دولار أميركي)، كما طال السيارات محلية التجميع بسبب زيادة الطلب عليها «تعويضاً عن السيارات المستوردة» بحسب السبع.