قد يَعتبر الكثيرون 2024 العامَ الأسوأ بالنسبة لسلامة السفر الجوي، إذ تصدرت سلسلة من حوادث الطائرات غير المسبوقة، والمميتة في بعض الحالات، عناوين الأخبار.

خلال الأسبوع الماضي وحده أثارت ثلاث حوادث منفصلة لطائرات كورية جنوبية وكندية وأذربيجانية تلك المخاوف، ليتحول موسم العطلات إلى موسم كارثي لصناعة الطيران، لكن الإحصائيات ما زالت تُظهر أن خطر الوفاة أو الإصابة على متن رحلة تجارية منخفض للغاية.

يوم الأحد في كوريا الجنوبية تحطمت طائرة ركاب من طراز بوينغ في مطار موان الدولي؛ ما أسفر عن مقتل 179 شخصاً، هذا بعد مقتل 38 شخصاً في يوم عيد الميلاد على إثر تحطم طائرة تابعة لشركة الخطوط الجوية الأذربيجانية، وفي ليلة السبت وقع حادث غير مميت لرحلة تابعة لشركة طيران كندا إكسبريس.

اختتمت هذه الحوادث عاماً لم يكن جيداً لصناعة الطيران، خاصةً لشركة صناعة الطائرات بوينغ التي واجهت انتقادات متزايدة بشأن جودة منتجاتها.

أغرب حوادث الطائرات.. حصان يحاول الهروب وطيور تتسبب في حرائق

في يناير انفجرت سدادة باب الطائرة أثناء رحلة لشركة ألاسكا إيرلاينز؛ ما ترك فجوة كبيرة في جانب جسم طائرة بوينغ 737 ماكس، لم يَمُت أي راكب، لكن الحادثة أعادت إلى الذاكرة حادثتين قاتلتين لطائرة 737 ماكس في السنوات الأخيرة، إحداهما في عام 2018 وأخرى في عام 2019، ما أدى إلى إيقاف تشغيل الطراز لمدة 20 شهراً في جميع أنحاء العالم.

تقدير المخاطر

وفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن اتحاد النقل الجوي الدولي، الرابطة التجارية لشركات الطيران العالمية، فإن الحوادث المميتة أو غير المميتة على متن عشرات الملايين من الرحلات الجوية التجارية التي يتم إجراؤها كل عام «نادرة للغاية».

تم تسجيل 30 حادثاً في عام 2023، وهو أحدث عام تتوفر فيه بيانات الحوادث السنوية بالكامل، ما يعادل خطر وقوع حادثة واحدة لكل 1.26 مليون رحلة، وفقاً لاتحاد النقل الجوي الدولي، وهذا أقل من المخاطر في عام 2022، حيث أبلغت رحلة واحدة من كل 770 ألف رحلة عن وقوع حادثة.

قال أنتوني بريكهاوس، أستاذ سلامة الطيران في جامعة إمبري ريدل للملاحة الجوية في نيوجيرسي، لشبكة سي إن إن «إنك مُعرض لخطر أكبر عند القيادة من منزلك إلى المطار مقارنةً بخطر السفر على متن طائرة»، وأضاف «في بعض أجزاء العالم، تكون أقل أماناً على السلم المتحرك مقارنةً بالطيران في طائرة».

وأضاف «عندما تحدث الحوادث، فمن الواضح أنها تلفت انتباه الجميع، لكنني أعتقد أنه من المهم حقاً أن يتراجع الجميع ويتركوا المحققين يؤدون عملهم».

وجدت دراسة حول سلامة الطيران نُشرت في أغسطس وشارك في تأليفها أرنولد بارنيت، أستاذ الإحصاء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، أنه بين عامي 2018 و2022، كان خطر الوفاة على مستوى العالم لكل صعود على متن الطائرة واحداً من بين 13.7 مليون.

لكن سجل السلامة القوي في الماضي لا يضمن الشيء نفسه في المستقبل، وقد يكون لدى المسافرين مخاوف جديدة نظراً لموجة الحوادث المميتة الأخيرة؛ إن خسارة أكثر من 200 حياة في أسبوع واحد من شأنها أن تدفع عدد الوفيات السنوية الناجمة عن حوادث الطيران التجاري إلى أعلى بكثير من 72 حالة وفاة سجلها اتحاد النقل الجوي الدولي (إياتا) في عام 2023.

قال ويلي والش، المدير العام لاتحاد النقل الجوي الدولي في أحدث تقرير سنوي عن السلامة، والذي نُشر في فبراير 2024، إن أداء السلامة في عام 2023 «يستمر في إثبات أن الطيران هو أكثر وسائل النقل أماناً»، ومع ذلك قال «لا يمكننا أبداً أن نعتبر السلامة أمراً مسلماً به» وإن «الحادثتين البارزتين في الشهر الأول من عام 2024 تظهران أنه حتى لو كان الطيران من بين الأنشطة الأكثر أماناً التي يمكن للشخص القيام بها، فهناك دائماً مجال للتحسين».