«نحو ألف بني آدم متجمعين تحت الكوبري لشراء كيلو السكر بـسعر رخيص عن السوق»، هكذا باغت سائق عربة النقل الجماعي زبائنه بينما كان يتسلق أحد كباري القاهرة.
لخّص حوار السائق أزمة ارتفاع أسعار السكر المتصاعدة في مصر منذ أيام والتي دفعت المصريين للبحث عن السكر في كل مكان.
وبلغ سعر السكر في مصر لمستويات غير مسبوقة في السوق الحرة ليسجل بين 45 و50 جنيهاً (1.4 و1.6 دولار) للكيلو الواحد مقابل 30 جنيهاً (96 سنتاً) قبل عدة أسابيع.
ويأتي ارتفاع الأسعار رغم تأكيدات وزارة التموين المصرية أكثر من مرة أن مخزونها من السكر يكفي حتى شهر أبريل نيسان المقبل، واقتراب موسم حصاد قصب وبنجر السكر في مصر مطلع العام القادم.
وتعاني مصر مستويات غير مسبوقة من معدل التضخم السنوي في البلاد الذي وصل إلى 35.8 في المئة في أكتوبر تشرين الأول الماضي، بينما ارتفعت أسعار الطعام والشراب في مصر بنحو 71.3 في المئة على أساس سنوي.
إذ أثّر ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه في السوق الموازية ووصوله إلى حدود 50 جنيهاً مقابل الدولار الواحد على أسعار السلع والخدمات في مصر.
سبب ارتفاع سعر السكر في مصر
بدأت الأزمة منذ 12 أكتوبر تشرين الأول الماضي عندما عقدت البورصة السلعية في مصر مزاداً لبيع السكر لم تحضره مصانع الصناعات الغذائية بأمر من وزارة التموين المصرية، بحسب ما ذكره حسن الفندي رئيس شعبة صناعة الحلوى والسكر بغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات المصري لـ«CNN الاقتصادية».
وأضاف أن عدم حصول مصانع الصناعات الغذائية على السكر عبر البورصة السلعية دفعها إلى الشراء من السوق الحرة، لذلك بدأ حجم الطلب على السكر يزداد ومن ثم ارتفعت الأسعار.
لكن وزير التموين المصري، علي المصيلحي، يعزو ارتفاع أسعار السكر الأبيض محلياً إلى زيادتها عالمياً بأكثر من 100 في المئة.
وتشير بيانات ريفينيتيف إلى أن سعر طن السكر الأبيض كان يتداول في أكتوبر تشرين الأول من العام الماضي عند 554 دولاراً، في حين أنه بلغ خلال شهر نوفمبر تشرين الثاني الجاري 740 دولاراً للطن وهو ما يشكّل زيادة سنوية بنسبة 33.5 في المئة.
ومنذ يوليو تموز الماضي يقبع سعر طن السكر الأبيض عالمياً فوق مستوى 700 دولار، وفقاً لبيانات ريفينيتيف.
ويُباع السكر في مصر عبر ثلاثة مستويات أولهما مدعوماً عن طريق بطاقات التموين الحكومية بسعر معلن حكومياً بـ12.6 جنيه للكيلو لكنه يباع فعلياً بـ27 جنيهاً، والمستوى الثاني عبر المجمعات الاستهلاكية المملوكة للدولة بسعر 27 جنيهاً والثالث في المتاجر الخاصة بسعر يتراوح بين 45 إلى 50 جنيهاً.
وبحسب وزير التموين المصري، فإن الحكومة تغطي 60 في المئة من احتياجات السوق عبر بطاقات التموين والمجمعات الاستهلاكية والباقي يحصل عليه المواطنون من السوق الحرة.
وعلى الرغم من أن مصر توسعت في زراعة بنجر وقصب السكر، فإن إنتاجها لا يكفي استهلاكها وتستورد من الخارج.
وتشير بيانات وزارة الزراعة الأميركية إلى أن استهلاك مصر من السكر الأبيض سيبلغ في هذا الموسم الزراعي نحو 3.77 مليون طن، في حين أنها من المتوقع أن تنتج 2.78 مليون طن، لذلك تقدر الكمية المستوردة 930 ألف طن.
واشترت مصر مؤخراً نحو 50 ألف طن من السكر الخام، بسعر يُقدّر بنحو 668 دولاراً سيصل خلال شهر يناير كانون الثاني، وفقاً لبيانات رويترز.
وأعلنت مصر عن ممارسة لتوريد 50 ألف طن من سكر القصب الخام أو 50 ألف طن سكر أبيض معبأ، للوصول مطلع العام المقبل.
وتتطلع الحكومة المصرية لحل الأزمة مع وصول هذه الكميات إلى موانئها بجانب بداية حصاد السكر المحلي مطلع العام الجديد، لكن رئيس شعبة السكر باتحاد الصناعات المصري يقول إن الحل الوحيد هو عودة المصانع للحصول على احتياجاتها من البورصة السلعية، حتى يهدأ الطلب على السكر في السوق الحرة ومن ثم تنخفض الأسعار.