بدلاً من الاتفاق على تخفيض جماعي للإنتاج، حافظ العديد من مناجم الليثيوم، بقيادة المشغلين الصينيين، على عمليات إنتاج المادة الخام اللازمة لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية، على الرغم من الأسعار شديدة التدني.

وبمعدلات الإنتاج الحالية نتوقع سنوات من المعروض الزائد والأسعار الضعيفة.

سبب هذا التوجه الغريب تُظهره تقارير الشركات وآراء المحللين، حيث إن بعض مصنعي البطاريات، المستفيدين بالطبع من انخفاض الأسعار، يمتلكون مناجم بالفعل أو ضخوا أموالاً في عمليات استخراج الليثيوم لإبقاء عمليات الإنتاج قيد التشغيل.

من ناحية أخرى تحافظ المناجم على الإنتاج من أجل الحفاظ على حصتها السوقية والعلاقات الجيدة مع الحكومات، كما أن الإغلاق ثم إعادة التشغيل في وقتٍ لاحق يمكن أن يؤدي إلى مشكلات فنية.

حتى الآن أغلق نحو دزينة من منتجي الليثيوم مناجمهم الخاسرة بشكل مؤقت أو قلصوا الإنتاج أو أخروا التوسعات، ولكن الغالبية ما زالوا يعملون.

بحلول ديسمبر 2022 كان سعر هيدروكسيد الليثيوم قد ارتفع بأكثر من سبعة أضعاف خلال 18 شهراً إلى ذروته التاريخية عند 85 دولاراً للكيلو غرام، ومنذ ذلك الوقت تراجع بنحو 90 في المئة، مع ذلك يتوقع بنك (يو بي إس) أن «يرتفع المعروض العالمي من الليثيوم بنسبة 25 في المئة هذا العام و15 في المئة في عام 2025».

وقال مارتن جاكسون، رئيس إدارة المواد الخام للبطاريات في (سي. أر. يو.) «هناك بعض الاستثمارات التي تم ضخها في إنشاء أصول إنتاجية لا نحتاج إليها الآن، ولكن المنتجين يواصلون الاستثمار لأسباب خاصة بهم»، مُقدراً أن نحو 10 في المئة من إنتاج الليثيوم يتم عبر عمليات خاسرة.

وقال محللون ومستشارون إن الصينيين لديهم عدد من أعلى مناجم الليثيوم تكلفةً في الصين وأستراليا وإفريقيا، لكن من غير المرجح أن يغلقوها، لأنها مُدمجة في سلاسل التوريد النهائية لثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وأشاروا إلى أن حكومة الصين تعتبر قطاعي السيارات الكهربائية والبطاريات ضمن القطاعات الاستراتيجية وتحرص على الحفاظ عليهما مزدهرين بإمدادات ثابتة من المواد الخام ذات التكاليف المُنخفضة.

مناجم زيمبابوي الصينية

أدى الرهان على ارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية إلى ارتفاع أسعار الليثيوم في عامي 2021 و2022، وبالتالي زيادة في المناجم الجديدة، ولكن بعد ذلك شهد العالم إفراطاً في إنتاج الليثيوم، وضعفاً في مبيعات السيارات الكهربائية، ولكن قيمة الاستثمار التي تم ضخها في مناجم الليثيوم قفزت العام الماضي بنسبة 60 في المئة، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية.

جزء مهم من هذا الاستثمار ضخّته الصين في زيمبابوي، التي أصبحت رابع أكبر مورد لليثيوم المستخرج في العالم، وتمتلك شركات صينية حصص أغلبية في المناجم الأربعة العاملة في زيمبابوي ولكنها تحقق ربحاً ضئيلاً أو تعاني خسائر، وفقاً لكاميرون بيركس، مدير منتجات الليثيوم في شركة بينشمارك المتخصصة في تقديم الاستشارات في قطاع المعادن.

قال بيركس إن أياً من مناجم زيمبابوي لم يغلق على الرغم من التكاليف التي تتراوح من 600 دولار إلى 1000 دولار للطن المتري، مقارنةً بسعر بيع 765 دولاراً للطن.

ويتغير السعر حسب تركيز الإسبودومين في الطن، والإسبودومين هو المعدن الذي يبلغ تركيز الليثيوم فيه 6 في المئة.

وقال بيركس «هناك تفاهم مشترك على أن الشركات الأم الصينية يمكن أن تتحمل بعض التكاليف»، وهناك أيضاً الجانب السياسي في الصين، التي تريد تأمين سلاسل التوريد الخاصة بها خارج أستراليا وكندا، حيث واجهت «بعض العراقيل».

دعم خارجي لمناجم أستراليا

في أستراليا حيث التكاليف مرتفعة أيضاً، تخطط بعض الشركات لتحمل الخسائر بدعم من شركات تصنيع البطاريات، وإعادة ترتيب خطط المناجم وتعويض الخسائر في الليثيوم بإنتاج مربح من خام الحديد أو النحاس أو النيكل.

على سبيل المثال قامت شركة (إل. جي.) الكورية الجنوبية لصناعة البطاريات، بتقديم 250 مليون دولار من التمويل في يوليو الماضي لشركة ليون تاون المتخصصة في مناجم الليثيوم، بعد أن سجلت خسارة صافية سنوية بلغت 64.9 مليون دولار أسترالي.

في الوقت نفسه حصلت شركة (إل. جي.) على تمديد لمدة عشر سنوات لاتفاق توريد الليثيوم من ليون تاون، لتستفيد من ضعف أسعار الليثيوم، حيث قال مسؤول في مكالمة أرباح في يوليو «بسبب ضعف أسعار المعادن حقق قسم بطاريات السيارات المتقدمة زيادة في الإيرادات».