في إطار حملة تضيق فيها السلطات الخناق على مستهلكي المشروبات الروحية في العراق، أغلقت العديد من النوادي الترفيهية أبوابها؛ إذ يعد استهلاك الكحول موضوعاً جدلياً في البلد الذي يسكنه أكثر من 45 مليون شخص من مختلف الطوائف.

ولطالما أثار حظره استنكاراً خصوصاً من قِبل المسيحيين والإيزيديين في بلد يعتبر مجتمعه محافظاً لكن شرائح كبيرة منه تشرب الكحول وتشتريها من متاجر محددة.

وفي منتصف نوفمبر تشرين الثاني، أُبلغت نوادٍ اجتماعية تعمل منذ عقود في بغداد بكتاب رسمي يحظر تقديم الكحول للزبائن، بحجة أنها مسجلة كمنظمات غير حكومية، نقلاً عن وكالة الأنباء الفرنسية.

وجاء هذا الإجراء ضمن سلسلة قرارات اتخذتها السلطات في العامين الأخيرين، تثير مخاوف من التضييق باسم صون الأخلاق في العراق حيث الأغلبية البرلمانية تميل إلى سياسات محافظة.

في 2016، صوّت البرلمان العراقي على قانون واردات البلديات الذي ينص بمادته رقم 14 على «حظر استيراد وتصنيع وبيع المشروبات الكحولية بأنواعها كافة»، لكنه لم يدخل حيز التنفيذ إلّا مطلع 2023، إذ زادت السلطات الرسوم الجمركية على الكحول المستوردة، ويرى بعض معارضي الحظر أن هذا الإجراء سيسهم في زيادة استهلاك المخدرات.

ورغم دخول القانون حيز التنفيذ، لا يزال شراء الكحول بحرية ممكناً في إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي وكذلك في السوق الحرة في مطار بغداد الدولي.

ويشيع في العاصمة البيع عبر خدمات التوصيل وعبر نوافذ متاجر أرغمتها السلطات على الإغلاق بالكامل.

وفي متجر يبيع الكحول عبر نافذة صغيرة، يقول موظف طلب عدم تسميته «إننا نلعب لعبة القط والفأر مع السلطات».

فمنذ فتح المحل ظهراً حتى إغلاقه قرابة منتصف الليل، يفتح أحد الموظفين الثلاثة نافذة تطل على الشارع لكي يعلم المارة أن البيع ممكن.. لكن الشرط الأساسي لنجاح العملية هو أن يبقى الموظف المسؤول عن النافذة متيقظاً لكي يغلقها عند مرور دورية أمنية.

وحاولت فرانس برس الاستفسار من مسؤولين في وزارة الداخلية عن إجراءات الحظر الأخيرة، لكنها لم تتلقَّ رداً.

وفي سبتمبر أيلول، أوضح المتحدث باسم وزارة الداخلية العميد مقداد ميري لقناة «الأولى» التلفزيونية أن السلطات تقوم بغلق «حانات وصالات قمار» تراها «بؤراً للجريمة وللعصابات والمجرمين وتجار الأعضاء البشرية والقَتَلة».

خسائر حظر الكحول

يرى النائب الأيزيدي محما خليل (58 عاماً) أن هذا القانون «سبب إرباكاً اقتصادياً» إذ أثّر على ما بين 150 و200 ألف عراقي يمارسون حرفهم المتعلقة باستيراد وتصنيع وبيع الكحول.

وبلغت الخسائر المادية لدى المسيحيين والإيزيديين العاملين في هذا المجال 15 مليار دينار شهرياً، أو نحو 11.4 مليون دولار تقريباً، في الأشهر الخمسة الأخيرة، وفق قوله.

الحرب التجارية تشتعل.. الصين تستهدف صناعة الكحوليات الأوروبية

حجم سوق المشروبات الكحولية

يقدر حجم سوق المشروبات الكحولية العالمية بنحو 2.3 تريليون دولار عام 2023 ومن المتوقع أن ينمو من 2.5 تريليون دولار في 2024 إلى نحو 5.7 تريليون دولار بحلول 2032، مما يُظهر معدل نمو سنوي مركب بنسبة 10.74 في المئة خلال الفترة من 2024 إلى 2032.

هيمنت منطقة آسيا والمحيط الهادئ على سوق المشروبات الكحولية بحصة سوقية بلغت 40.44 في المئة عام 2023، علاوة على ذلك، من المتوقع أن ينمو حجم سوق المشروبات الكحولية في الولايات المتحدة بشكل كبير، ليصل إلى قيمة تقديرية تبلغ 702.96 مليار دولار بحلول عام 2032، مدفوعاً بارتفاع عدد المستهلكين الحضريين الذين يستهلكون المشروبات الكحولية، بحسب فورتشن بيزنس إنسايتس.

أمّا على مستوى الشرق الأوسط وإفريقيا، فمن المتوقع أن يبلغ حجم سوق المشروبات الكحولية 135.16 مليار دولار في العام الجاري، ومن المتوقع أن يصل إلى 227.38 مليار دولار بحلول عام 2029، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 10.97 في المئة خلال الفترة المتوقعة من 2024 إلى 2029.

من المتوقع أن تعزز شعبية الحانات والمطاعم خلال الفترة المتوقعة توسع السوق. من المرجح أن يكون نمو سوق المشروبات الكحولية في الشرق الأوسط وإفريقيا مدفوعاً بالاستهلاك المتزايد للكحول بين الفئات السكانية الشابة في المستقبل القريب.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الطلب المتزايد على المشروبات الكحولية الفاخرة والفضول بين المستهلكين، وخاصة بين جيل الألفية، يدفعهم إلى تجربة المنتجات الكحولية. ومن المتوقع أن يؤثر هذا بشكل إيجابي على نمو صناعة المشروبات الكحولية في المنطقة.

ومع ذلك، من المتوقع أن تؤدي القيود الصارمة، وزيادة الضرائب، والتعريفات الجمركية التي تفرضها حكومات الشرق الأوسط وإفريقيا إلى إبطاء النمو في المنطقة، كما أن التفضيل المتزايد للمشروبات غير الكحولية يعوق توسع الصناعة.. ولتعزيز المبيعات، يركّز اللاعبون الرئيسيون حالياً على إطلاق المشروبات الكحولية ذات المحتوى الكحولي المنخفض، بحسب موردور إنتليجنس.