أثارت التصريحات الصحفية التي أدلى بها أحمد الشرع، الملقب بأبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام، خلال الأيام الماضية بشأن اعتزامه إصدار عملة جديدة في سوريا، تساؤلات كثيرة حول شكل الليرة السورية الجديدة، ومصير العملة الحالية التي تحمل صورة الرئيس السابق بشار الأسد.

فبعد الإطاحة بنظام الأسد، تزايدت المطالبات باستبدال العملة المحلية لإزالة ما تحويه من رموز للنظام السابق، خاصةً صورته وصورة والده حافظ الأسد.

وكان مصرف سوريا المركزي قد أكد عقب سقوط بشار الأسد في بيان رسمي، أن العملة المعتمدة في التداول داخل البلاد هي الليرة السورية بجميع فئاتها، وأنه لم يتم سحب أي فئة من التداول.

من جهته، كشف أحمد الشرع أنه سيتم إصدار عملة جديدة في سوريا، بعد استقرار وتحسن قيمة العملة الحالية.

وشهدت الليرة السورية تحولات كبيرة في قيمتها أمام الدولار الأميركي منذ عام 2011 حتى ديسمبر 2024، وذلك في ظل الأحداث السياسية والاقتصادية التي مرت بها البلاد، والتي كان لها تأثير مباشر على الاقتصاد المحلي وسعر الصرف.

واليوم، يبلغ سعر صرف الدولار في سوريا نحو 15 ألف ليرة، وفقاً للتقرير اليومي الصادر عن مصرف سوريا المركزي.

كيف يتم استبدال العملة؟

أشار صندوق النقد الدولي في دراسة سابقة إلى أن إصدار عملة جديدة يُعدّ تحدياً كبيراً، إذ يتطلب الاستقلال النقدي توفّر درجة عالية من الاستقرار المالي المرتكز على سياسات مالية متينة.

وأكدت الدراسة أن غياب السياسات الداعمة الكافية قد يؤدي إلى فقدان العملة الجديدة لمصداقيتها، ما يجعل استعادتها عملية صعبة ومكلفة.

120 إلى 150 مليار دولار.. تكلفة إعادة إعمار سوريا

وأوضحت الدراسة أنه عندما تطرح دولة ما عملة جديدة، فإنه يتم منح بنكها المركزي حصراً سلطة إصدارها وتحديد ومراقبة كمية النقود المُصدرة وسعر صرفها مقابل العملات الأجنبية، بالإضافة إلى حرية اختيار نظام سعر الصرف.

وتعتمد قدرة البنوك المركزية في تحقيق استقرار سعر الصرف على احتياطياتها من العملات الأجنبية والذهب، حيث ترفع قيمة العملة بشراء النقد المحلي مقابل الدولار، وتخفضها ببيع النقد الأجنبي.

وفي سوريا، لم يكشف البنك المركزي عن بيانات الاحتياطي منذ أكثر من عقد، لكن تقديرات صندوق النقد الدولي وبنك الاحتياطي الاتحادي في سانت لويس أشارت إلى أن الاحتياطي بلغ 18.5 مليار دولار عام 2010، بينما ذكر مجلس الذهب العالمي في يونيو 2011 أن البنك يمتلك 25.8 طن من الذهب.

وتشير الدراسة إلى ضرورة طباعة أوراق نقدية جديدة وفق معايير عالية لضمان صعوبة تزويرها وبكمية تكفي لاستبدال جميع المتداولة في البلاد، مع السماح بتحويل التدفقات غير القانونية المحتملة من العملة القديمة، بموافقة البنك المركزي والجهات الحكومية.

وهناك عملية تحديد نسبة الاستبدال، حيث من الممكن أن يتم استبدال ليرة جديدة بليرة قديمة أو إزالة أصفار من العملة الحالية نظراً لوجود تضخم في سوريا.

وتصبح العملة الجديدة قانونية بدءاً من اليوم الأول لفترة التحويل، ويسهم السماح باستخدام العملتين القديمة والجديدة في التخفيف من الضغوط على السكان للتخلص من أوراقهم النقدية القديمة.

ويتم استبدال العملة القديمة بالجديدة على مراحل، حتى يتم توفيرها في البنوك وأماكن الصرف، وقد يستغرق ذلك عدة أشهر لاستبدال العملة بالكامل كما حدث في العراق عام 2003.

ما مصير العملة التي تحمل صورة بشار الأسد؟

وفقاً لدراسة الصندوق، يجب اتخاذ قرارات بشأن كيفية التعامل مع الأوراق النقدية المسحوبة من التداول، وترتيبات الدفع والمقاصة، وتصريف أصول البنك المركزي المرتبطة بالعملة القديمة، بالإضافة إلى تحديد حقوق المقيمين وغير المقيمين بشأن الاحتفاظ بالودائع بالعملات الجديدة والقديمة.

ويمكن للبنوك المركزية الإبقاء على العملة مع تغيير أوراق النقد، كما حدث مؤخراً في السودان عندما قام بنك السودان المركزي بتغيير أوراق النقد من فئتي 500 جنيه وألف جنيه، كما يمكن تغيير العملة بالكامل إلى عملة جديدة بسعر صرف واسم جديد.

كم تمتلك سوريا من الذهب في بنكها المركزي؟

ويُعدّ تغيير العملة «قراراً سياسياً» في المقام الأول، وفقاً لتصريحات وزير التجارة السوري وحماية المستهلك، لؤي المنجد، في حديثه الإعلامي.

يُشار إلى أن هذه ليست المرة الأولي التي تعلن فيها سوريا إجراء تعديل على عملتها المحلية؛ ففي يوليو تموز من عام 2015، طرح البنك المركزي ورقة نقدية جديدة من فئة 1000 ليرة سورية.

وكانت تلك الورقة النقدية، قبل تغيير تصميمها، تحمل صورة الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، ومع التعديل، استُبدلت الصورة برسم لمدرج مدينة بصرى الشام الأثرية.. والمفارقة أن تلك المدينة كانت قد وقعت تحت سيطرة فصائل المعارضة المسلحة قبل نحو شهرين فقط من إصدار العملة الجديدة.

وفي يونيو حزيران من العام الماضي، أجرى مصرف سوريا المركزي تعديلات محدودة على تصميم الأوراق النقدية من فئة 5000 ليرة سورية، بهدف تعزيز المزايا الأمنية، تضمنت تكبير حجم الرقم 5000 وطباعته بتقنية الطباعة النافرة.