أقر مجلس الوزراء السعودي موازنة عام 2024، والتي عكست سعي المملكة لتنويع اقتصادها ومصادر الإيرادات غير النفطية.
وشمل بيان الموازنة تقديرات الإيرادات والنفقات العامة وعجز الموازنة للأعوام الثلاثة المقبلة، فضلاً عن التوقعات الاقتصادية، بحسب بيان صادر عن وكالة الأنباء السعودية (واس).
الموازنة العامة السعودية لعام 2024
وارتفعت تقديرات ميزانية السعودية 2024 مقارنة بعام 2023، إذ من المتوقع أن تبلغ الإيرادات وفقاً لبيان وزارة المالية نحو 1.17 تريليون ريال مقارنة بنحو 1.13 تريليون ريال في 2023، لكنها ما زالت منخفضة عن إيرادات العام المالي 2022.
أما النفقات، فتوقعت الوزارة أن تبلغ 1.25 تريليون ريال عام 2024، مقابل 1.16 تريليون ريال المسجلة في 2022، ما قد يتسبب في تسجيل عجز موازنة لعام 2024 قدره 79 مليار ريال، ما يمثل نحو 1.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
النفط السعودي والتخفيضات الطوعية
أسهم قرار المملكة بتمديد الخفض الطوعي الإضافي لإنتاجها من النفط حتى نهاية عام 2023، في دعم جهود منظمة أوبك وحلفائها (أوبك بلس)، التي تهدف إلى استقرار أسواق النفط العالمية.
ولكن كان لهذا القرار أثر جلي في أداء الاقتصاد السعودي، إذ قالت هيئة الإحصاء العامة إن الناتج المحلي الإجمالي السعودي انكمش بنسبة 4.5 في المئة على أساس سنوي في الربع الثالث من عام 2023، وهذا هو أكبر انكماش منذ جائحة كورونا.
ومددت السعودية فترة خفض الإنتاج الطوعي للنفط إلى نحو تسعة ملايين برميل يومياً حتى شهر مارس آذار من العام المقبل، والتي قد بدأتها في يونيو حزيران 2023.
في غضون ذلك، قال وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان يوم الاثنين في تصريحات نقلتها وكالة رويترز، إن تخفيضات إنتاج النفط من أوبك بلس «يمكن أن تستمر بالتأكيد بعد الربع الأول إذا لزم الأمر».
استراتيجية السعودية لتعزيز الإيرادات غير النفطية
ظهرت أهمية الأنشطة غير النفطية ودورها في دعم الاقتصاد السعودي بوضوح خلال عام 2023 تحديداً مع بدء الخفض الطوعي لإنتاج النفط، ولفتت هيئة الإحصاء السعودية إلى أن تعثر الاقتصاد في الربع الثالث كان من الممكن أن يكون أكبر لولا نمو الأنشطة غير النفطية بنسبة 3.6 في المئة.
أسهمت المبادرات والإصلاحات الهيكلية على مدار السنوات الماضية في تنمية الإيرادات غير النفطية، إذ زادت نسبة تغطية الإيرادات غير النفطية لإجمالي النفقات في الميزانية من 17 في المئة عام 2015 إلى نحو 35 في المئة عام 2022.
وسلّطت الموازنة العامة لعام 2024 الضوء على تعزيز مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي، وتعزيز دور القطاع الخاص في دعم الاستثمارات غير النفطية، وشملت أبرز القطاعات التي تسعى المملكة لدعمها:
-
قطاع الصناعة
تستهدف الاستراتيجية مضاعفة الناتج المحلي الصناعي بنحو ثلاثة أضعاف ليصل إلى 895 مليار ريال بحلول عام 2030، إلى جانب مضاعفة الفرص الوظيفية التي يخلقها القطاع لتصل إلى 2.1 مليون فرصة وظيفية، بالإضافة إلى استهداف الوصول بالصادرات الصناعية إلى 557 مليار ريال.
ووصل عدد المصانع في السعودية إلى أكثر من 11 ألف مصنع، وبلغ حجم الصادرات الصناعية السلعية إلى 106 مليارات ريال حتى نهاية الربع الثاني من عام 2023.
وخلال عام 2023، أطلقت المملكة أربع مناطق اقتصادية خاصة بمواقع استراتيجية في كل من الرياض وجازان ورأس الخير ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية للإسهام في تعزيز التنويع الصناعي.
-
السياحة في السعودية
تستهدف الخطة أن يسهم قطاع السياحة في السعودية بنحو عشرة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وتستمر المملكة في استراتيجية تطوير منطقة عسير التي أطلقتها عام 2021 تحت شعار «قمم وشيم»، بضخ 50 مليار ريال عبر استثمارات متنوعة.
وسجّل الربع الأول من العام الحالي أعلى معدل ربعي للسياح من خارج المملكة؛ إذ يقدر بـ7.8 مليون سائح بنسبة نمو 64 في المئة مقارنة بالربع الأول من عام 2019.
-
الألعاب والرياضات الإلكترونية
تهدف المملكة إلى استحداث فرص عمل جديدة في قطاع الألعاب الإلكترونية تصل إلى أكثر من 39 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة ومساهمة اقتصادية تصل إلى 50 مليار ريال بحلول عام 2030.
كما تسعى السعودية إلى تطوير سلسلة القيمة للقطاع، وإنشاء 250 شركة ألعاب إلكترونية، وإنتاج أكثر من 30 لعبة محلياً لتصل إلى قائمة أفضل 300 لعبة في العالم بحلول عام 2030، مستهدفة أن تصبح ضمن أفضل ثلاث دول في تعداد اللاعبين المحترفين في الرياضات الإلكترونية.
التوقعات الاقتصادية للسعودية
توقعت وزارة المالية السعودية أن يتباطأ نمو الاقتصاد السعودي خلال عامي 2023 و2024، ليصل إلى 6.8 في المئة و5.2 في المئة على الترتيب، بعدما سجل رقماً قياسياً بلغ 8.7 في المئة في عام 2022.
وعلى صعيد التضخم، تشير التوقعات الأولية إلى ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين إلى 2.6 في المئة بنهاية عام 2023، قبل أن يتراجع بنحو 2.2 في المئة و2.1 في المئة خلال عامي 2023، و2024.
ومع ذلك، لا يزال تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي واستمرار الموجة التضخمية يشكّل مخاطر محتملة على الاقتصاد السعودية، ما قد يسبب تراجع الطلب وانخفاض مؤشرات الاستهلاك المحلي إلى جانب ارتفاع أسعار الفائدة.
ومع ذلك، في ظل بدء تراجع معدلات التضخم العالمية والاستقرار النسبي لمعدلات التضخم المحلية، فإن المخاطر التي قد تؤدي إلى تراجع الطلب المحلي تعتبر منخفضة الاحتمالية، بحسب وزارة المالية.