تزور بعثة من صندوق النقد الدولي مصر حالياً لإجراء المراجعتين الأولى والثانية ضمن اتفاقها للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار، وذلك بعد تأجيل دام أكثر من عشرة أشهر بسبب تأخر مصر في تنفيذ عدة إجراءات متفق عليها مسبقاً أبرزها مرونة سعر الصرف.
وكان من المقرر أن تجري مصر مراجعتين لبرنامجها مع صندوق النقد الدولي في مارس آذار وسبتمبر أيلول الماضيين على التوالي.
واتفقت مصر في نهاية 2022 على قرض بقيمة ثلاثة مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي لم تحصل منه سوى على الشريحة الأولى بقيمة 347 مليون دولار، وتأجل صرف الشرائح التالية بسبب عدم اجتياز المراجعتين.
وتضمن اتفاق مصر مع صندوق النقد للحصول على القرض تعهداً بتنفيذ عدد من الإصلاحات الاقتصادية الجذرية، من بينها تطبيق سعر صرف مرن «بشكل دائم» للمساعدة في تخفيف حدة الصدمات الخارجية، والإسراع في تنفيذ برنامج الطروح الحكومية الذي يهدف لبيع حصص في شركات مملوكة للدولة وإفساح المجال للقطاع الخاص.
بعثة صندوق النقد في مصر
تقول رامونا مبارك، رئيسة إدارة المخاطر بمنطقة الشرق الأوسط في فيتش سوليوشنز، إن زيارة بعثة صندوق النقد لمصر تأتي تماشياً مع التوقعات بأن مصر ستمضي قدماً في برنامجها مع الصندوق رغم تأخر موعد إجراء المراجعتين الأولى والثانية.
وبحسب مسؤول بوزارة المالية المصرية، تحدث لـ«CNN الاقتصادية» فإن بعثة الصندوق تعمل حالياً مع أعضاء الحكومة المصرية على مراجعة مؤشرات الاقتصاد المصري، بالإضافة إلى مناقشة خطة الحكومة الاقتصادية والتي تتمثل في كيفية إدارة سعر الصرف من خلال تطبيق سعر صرف مرن، والتعامل مع ارتفاع فاتورة مخصصات دعم الطاقة.
وتشير رامونا إلى أن برنامج مصر مع الصندوق كله يحتاج إلى المراجعة لأن المعطيات التي بُني عليها تغيرت، إذ طرأت عليه بعض التداعيات مثل حرب غزة وأزمة البحر الأحمر وتأثيرهما على الاقتصاد المصري.
وتضيف أن البعثة من المؤكد أنها تناقش طرق مصر للسيطرة على معدل التضخم و سعر صرف الدولار وكذلك ضبط أوضاع المالية العامة وإدارة الدين.
وتزور بعثة الصندوق مصر في وقت اتسعت الفجوة بين سعر صرف الدولار مقابل الجنيه في السوق الموازية والبنوك الرسمية لتصل إلى الضعف، إذ يتداول سعر الدولار في البنوك عند حاجز 31 جنيهاً في حين اقترب السعر في السوق الموازية من حاجز 65 جنيهاً.
زيادة قرض مصر من صندوق النقد الدولي
قد تنتهي زيارة بعثة صندوق النقد برفع قيمة القرض المقدم إلى مصر من ثلاثة مليارات دولار إلى ما يقرب من عشرة مليارات دولار.
وقال المسؤول في وزارة المالية المصرية الذي طلب عدم نشر اسمه، إن بعثة الصندوق تناقش بالفعل مع أعضاء الحكومة خطة زيادة قيمة التمويل المقدم لمصر، من خلال صياغة اتفاق يضمن لمصر زيادة قيمة القرض من ثلاثة إلى ما يقرب من عشرة مليارات دولار.
وتشير توقعات رامونا مبارك إلى أن البرنامج قد ترتفع قيمته إلى ثمانية مليارات دولار لتتمكن مصر من تلبية احتياجاتها الحالية.
وتعاني مصر حالياً أزمة اقتصادية نتيجة نقص شديد في العملة الصعبة أدت إلى نمو السوق الموازية للعملة.
ماذا بعد انتهاء زيارة الصندوق لمصر؟
تتوقع رامونا أن تتخذ مصر إجراءات بشأن اتساع الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي للعملة، وتقول: «سنرى ماذا ستفعل مصر في سعر الصرف، من المتوقع أن يكون هناك تعديل في سعر العملة لكن مصر لن تُقدم على تحرير سعر عملتها نظراً لأنها لن تستطيع السيطرة على السعر في حال تنفيذ تعويم حر».
وتتوقع رامونا أن تخفض مصر عملتها لتكون قرب 45 إلى 50 جنيهاً مقابل الدولار وهو ما يعني أن السعر سيظل منخفضاً عن السعر الحالي في السوق الموازية.
وتذهب توقعات رئيسة إدارة المخاطر بمنطقة الشرق الأوسط في فيتش سوليوشنز، إلى أن صندوق النقد الدولي قد يؤجل موعد سداد مستحقات قروض مصر السابقة والمستحقة خلال العامين الجاري والمقبل وهو ما يخفف من الأعباء المطلوبة من مصر بالعملة الصعبة.
رحلة مصر مع صندوق النقد
ومنذ عام 2016 بدأت مصر مرحلة جديدة من التعاون مع صندوق النقد الدولي باتفاقها على قرض جديد بقيمة 12 مليار دولار مقابل تنفيذ برنامج للإصلاح الاقتصادي أبرز بنوده تحرير سعر الصرف.
ثم عادت مصر في عام 2020، نتيجة لتداعيات أزمة كورونا، للحصول على تمويل سريع بقيمة 2.77 مليار دولار، ثم قرض آخر ضمن برنامج الاستعداد الائتماني بقيمة 5.2 مليار دولار.
كما حصلت مصر في أغسطس آب 2021 على دعم بقيمة 2.8 مليار دولار ضمن مخصصات السحب الخاصة التي وزعها الصندوق على الدول الأعضاء من أجل مواجهة تداعيات كورونا.