تواجه مصر خطر انخفاض إيراداتها من العملة الصعبة مع اشتداد حرب غزة، إذ يتوقع أن تتراجع صادرات الغاز الطبيعي المصرية وعائدات السياحة مع توتر الأوضاع في المنطقة، بحسب ما قاله محللون تحدثوا إلى «CNN الاقتصادية».

وسيكون أمام مصر تحدٍ كبير في توفير بدائل لهذه الإيرادات الضائعة، التي كانت ستستخدمها في تمويل عبء الديون الخارجية لمصر واحتياجاتها من العملة الصعبة في وقت تعاني من نقص شديد في الدولار تسبب في أزمة اقتصادية مستمرة منذ العام الماضي.

ومع بداية حرب غزة تعطلت واردات مصر من الغاز الطبيعي من إسرائيل، وتُخضِع مصر هذه الواردات لعملية إسالة ثم تعيد تصديرها إلى أوروبا في صورة غاز مسال وتستفيد من فارق السعر.

كما شهدت بعض المدن السياحية في مصر إلغاء حجوزات بنسبة كبيرة مع اشتداد الصراع في غزة، في وقت كانت إيرادات السياحة في مصر تحقق أرقاماً غير مسبوقة.

خسائر مصر من صادرات الغاز والسياحة

يتوقع الخبير الاقتصادي لدى كابيتال إيكونوميكس لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، جيمس سوانستون، أن تؤثر الضربة التي تلقتها عائدات السياحة والغاز على إيرادات مصر من العملة الصعبة المهمة لتمويل احتياجات الحساب الجاري.

بينما يرى الخبير في أكسفورد إيكونوميكس إفريقيا والمتخصص في متابعة اقتصاد مصر، بيتر دو بريز، أن توقف واردات الغاز من إسرائيل سيكون له تأثير على الاقتصاد المصري.

ويضيف أن «التأثير الصافي على الحساب الجاري يمكن أن يكون أقل من المتوقع لأن الفرق في الميزان التجاري هو التعريفات الجمركية على الواردات والفرق في أسعار الغاز المسال والغاز الطبيعي».

وقال المحلل الاقتصادي لدى بي إن بي باريبا لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، محمد عبدالمجيد، إن مصر ستخسر بالفعل القيمة المضافة الناتجة عن تسييل الغاز الطبيعي لإعادة تصديره إلى أوروبا، كما ستخسر الرسوم المدفوعة مقابل استخدام شبكتها الوطنية من محطات الإسالة.

ويضيف «نتجه الآن إلى الأشهر الأكثر برودة من العام عندما ينخفض استخدام الطاقة لتشغيل وحدات التبريد في مصر، وقد يساعد هذا في تخفيف الخسائر».

وأعلنت الحكومة المصرية الأسبوع الماضي عن زيادة فترة انقطاع الكهرباء في مصر يومياً، إلى ساعة ونصف الساعة، بعدما لجأت إلى تطبيق برنامج تخفيف الأحمال منذ بداية الصيف لتوفير الطاقة.

سد الفجوة التمويلية لمصر

وسيضغط انخفاض الإيرادات على الفجوة التمويلية الكبيرة لمصر والتي خلفتها الظروف الاقتصادية الحالية.

ويقدر محمد عبدالمجيد، احتياجات التمويل الخارجي لمصر بنحو 52 مليار دولار في السنتين الماليتين الحالية والمقبلة.

ويقول جيمس سوانستون «يكمن القلق في أنه إذا جفت تدفقات رأس المال هذه تماماً ولم يكن هناك سوى القليل من عائدات السياحة والغاز الطبيعي المسال بالعملة الصعبة، فإن ذلك سيضع المزيد من الضغوط على سعر الجنيه».

وذكر أن هذا قد يؤدي إلى خفض أكثر فوضوية للجنيه عندما تقرر السلطات المصرية تحريك سعر العملة.

ويمكن لمصر تمويل هذه الفجوة عبر مصادر التمويل التقليدية مثل الاستثمار الأجنبي المباشر والاقتراض متعدد الأطراف، بحسب عبدالمجيد.

ويقول «نعتقد أنه يجب مضاعفة قرض صندوق النقد الدولي لمصر لتجنب حدوث انخفاض محتمل في احتياطيات البنك المركزي أو الأصول الأجنبية للبنوك التجارية».

برنامج مصر مع صندوق النقد الدولي

وأبرمت مصر اتفاقاً على قرض جديد مع صندوق النقد الدولي بقيمة ثلاثة مليارات دولار نهاية العام الماضي، لكنها لم تحصل إلا على شريحة واحدة من القرض، بسبب تأخرها في تنفيذ الإصلاحات المتفق عليها مع الصندوق.

وبحسب الخبير في أكسفورد إيكونوميكس إفريقيا فإنه يمكن أن يؤدي الصراع غير المباشر للحرب في الشرق الأوسط إلى أن يكون صندوق النقد الدولي أكثر تساهلاً مع السلطات المصرية.

ويضيف أن قرض مصر مع صندوق النقد قد يرتفع إلى خمسة مليارات دولار، مشيراً إلى أن قدرة الحكومة المصرية على الوفاء بالتزاماتها المتوسطة والطويلة الأجل لا تزال تعتمد على إبرام الحكومة للاتفاق مع صندوق النقد الدولي العام المقبل.

وسيتعين على مصر سداد أقساط وفوائد ديون مستحق سدادها خلال العام المقبل بقيمة 29.229 مليار دولار، بحسب تقرير الوضع الخارجي للاقتصاد المصري الصادر عن البنك المركزي المصري.

ويمكن لمصر تلبية احتياجاتها التمويلية عبر الالتزام بمصداقية تحول السياسة النقدية إلى مرونة سعر الصرف، بحسب سوانستون.

ويضيف أنه إذا خفض البنك المركزي المصري سعر الجنيه مقابل الدولار مرة أخرى وتحول حقاً لسعر صرف حر، فلن يؤدي هذا إلى الحصول على بقية قرض صندوق النقد الدولي فحسب، ولكن سيطمئن المستثمرين أيضاً، ويؤدي إلى عودة تدفقات رأس المال إلى مصر.