تعكف العاصمة الإماراتية أبوظبي على تصميم برنامج جديد لاستقطاب أفضل الكفاءات في القطاع المالي وتشجيعهم على الوفود إلى المدينة، وذلك في إطار سعيها لتصبح أحد أهم المراكز المالية في العالم، بحسب ما أوردته شبكة بلومبيرغ.

وتُعد قوة الوضع المالي للعاصمة الإماراتية أكبر جاذب لقادة المال والأعمال و الصناديق الاستثمارية، إذ تُقدر الثروة السيادية للمدينة بنحو 1.5 تريليون دولار.

ورغم ذلك يعمل المسؤولون في أبوظبي على تصميم برنامج جديد يوفر العديد من المزايا للمواهب والكفاءات المالية لتحسين نمط معيشتهم بالمدينة، ويشمل ذلك تقديم تسهيلات تتعلق بإصدار التأشيرات، وعملية إدراج أطفالهم بالمدارس، والاشتراك بعضوية الأندية بدولة الإمارات.

منافسة المراكز المالية الرائدة

تتمتع أبوظبي بالعديد من المزايا التي تجذب إليها صناديق التحوط من أكبر المراكز المالية في العالم كلندن ونيويورك وهونغ كونغ وسنغافورة، فهي توفر بيئة استثمارية معفاة من الضرائب، فضلاً عن طقسها الدافئ ونظام التوقيت الفعال الذي يتيح للمتعاملين التداول خلال ساعات العمل الآسيوية والأوروبية والأميركية بشكل مثالي.

وتسعى المدينة لمنافسة لندن ونيويورك كمركز عالمي للمال والأعمال، وهناك الكثير من العلامات على أن جهود المدينة في هذا الصدد بدأت تثمر بالفعل، على سبيل المثال تتجاوز الأصول التي تديرها شركة «بريفان هوارد» في أبوظبي نظيرتها في أي مكان آخر بالعالم، كما تتسابق العديد من المؤسسات المالية العالمية الكبرى لافتتاح مقرات لها في المدينة، ومن بينها «روتشفيلد» و«مورغان ستانلي» و«غولدمان ساكس».

ويضم سوق أبوظبي المالي حالياً 1825 كياناً مالياً نشطاً حتى نهاية العام الماضي، أي ارتفاعاً بنحو الثلث مقارنة بعام 2022، ليصبح أسرع المراكز المالية نمواً على مستوى المنطقة على مدى العامين الماضيين.

وتُقدم مدينة دبي -التي ظلت لفترة طويلة المركز الرئيسي للمال والأعمال بمنطقة الشرق الأوسط– مزايا مشابهة لصناديق التحوط، وعلى غرار العاصمة نجحت المنطقة الحرة في دبي في جذب الكثير من مديري صناديق التحوط عبر منحهم مزايا حصرية كخفض رسوم الترخيص.

وخلال العام المقبل، تخطط شركة “بالياسني” الرائدة لإدارة الأصول لمضاعفة قوتها العاملة في دبي، وتمتاز الشركة بفريق عمل متميز يضم أشهر الأسماء في المجال، من بينهم الخبير المالي المحترف ماركو مينولي.

قوة أبوظبي

تمتاز أبوظبي بضغط أقل على الخدمات والمرافق حتى الآن، لذلك يسعى المسؤولون لاغتنام الوضع الحالي بتقديم برامج جديدة تتيح للخبراء الماليين الاستمتاع بنمط حياة أفضل.

ويُعد قرار «بريفان هوارد» بتحويل أبوظبي إلى أكبر أسواقها على الإطلاق أبرز دليل على تزايد جاذبية المدينة كمركز للمال والأعمال، وتدير الشركة حالياً نحو 10 مليارات دولار في المنطقة المالية الحرة بالمدينة بينما زاد عدد موظفيها لأكثر من 80 موظفاً.

وتوقع المؤسس المشارك للشركة، الملياردير آلان هوارد، أن تصبح أبوظبي مركزاً مالياً عالمياً رائداً.

الإمارات.. بيئة حاضنة للأثرياء

إلى جانب طقسها الدافئ على مدار العام، تُعد دولة الإمارات من الدول القليلة حول العالم التي توفر بيئة مرحبة بالأثرياء، على عكس العديد من الدول الأخرى التي يجد الأثرياء بها أنفسهم تحت المراقبة.

على سبيل المثال، تقوم المملكة المتحدة حالياً بالحد من المزايا الضريبية التي تمنحها للأثرياء الأجانب، وهي فرصة مثالية للإمارات لجذب المزيد من هذه الطبقة الغنية بفضل نظامها الضريبي المرن الذي لا يفرض ضرائب على الدخل أو المكاسب الرأسمالية.

ويرى العديد من قادة المال والأعمال أن دبي وأبوظبي توفران بدائل أكثر ترحيباً من نيويورك ولندن اللتين تعانيان من شيطنة الأثرياء، وارتفاع الضرائب، وعدم كفاءة الإنفاق الحكومي.

ويُعد الأمان ونقص معدلات الجريمة من أهم المزايا التي توفرها الإمارات لزائريها، حيث يمكنهم التجول في شوارع المدينة بساعاتهم الثمينة دون خوف من التعرض للسرقة.

فك الارتباط بين الإقامة والعمل

خلال فترة الجائحة، تخلت الإمارات عن النموذج الاقتصادي القديم الذي كان يربط الإقامة بالعمل، ففي الماضي كان المغتربون -الذين يمثلون 90 في المئة من سكان الإمارات- يضطرون لمغادرة البلاد بمجرد انتهاء عقود التوظيف الخاصة بهم.

ففي ذروة الأزمة المالية العالمية -على سبيل المثال- اضطرت أعداد كبيرة من المقيمين لترك سياراتهم الفارهة في مطار دبي للعودة لأوطانهم، وبعد نحو عشرة أعوام سجلت دبي أكبر تراجع في عدد سكانها على مستوى منطقة الخليج نتيجة اضطرار المغتربين لمغادرة البلاد خلال الاضطرابات الاقتصادية التي أعقبت الجائحة.

وسعياً منها لمواجهة تلك المشكلة أصدرت الإمارات أنظمة تأشيرات جديدة مثل التأشيرة الذهبية التي تتيح الإقامة لعشرة أعوام، والتي يمكن الحصول عليها بالعديد من الطرق مثل شراء أصول عقارية بالدولة، ما يشجع المقيمين على البقاء لفترة أطول.