أمر قاضٍ فيدرالي يوم الخميس سام بانكمان فرايد بسداد أكثر من 11 مليار دولار كجزء من عقوبته بتهمة الاحتيال على العملاء والمستثمرين في بورصة العملات المشفرة المنهارة إف.تي.إكس التي كانت تُعدّ ثالث أكبر منصة للعملات المشفرة في العالم من حيث حجم التعاملات.
ويقول الخبراء إن هذا المبلغ من المحتمل أن يؤثّر في ملاءته المالية بقية حياته.
وقال ميتشل إيبنر، المدعي العام الفيدرالي السابق، لشبكة CNN «هذا القرار يهدف إلى التأكد من أنه إذا جنى سام بانكمان أي أموال فلن تذهب إليه، بل إلى الحكومة والضحايا».
وأضاف «لن يتمكن أبداً من تجميع المال في حياته، ولا يمكن إنهاء المصادرة من خلال إعلان الإفلاس».
وتمتلك المحكمة سلطة تقديرية إلى حد ما في تحديد المبالغ المصادرة، ولكنها تعتمد إلى حد كبير على مقدار الأموال التي يُكتشف أن المدعى عليه قد كسبها في فترة ارتكاب جرائمه، وليس على مقدار ما يمكن أن يُتوقع منه دفعه بشكل معقول.
وفي مذكرة إصدار الحكم في وقتٍ سابق من هذا الشهر عرض المدعون الفيدراليون أسبابهم لطلب مصادرة 11 مليار دولار، وقالوا إن ثمانية مليارات دولار تمثّل المبلغ الذي كسبه بانكمان فريد من «الاحتيال الإلكتروني والتآمر لارتكاب عمليات احتيال إلكتروني على عملاء إف.تي.إكس، والممتلكات التي اشتراها بتلك الأموال».
وأضاف المدعون أن 1.72 مليار دولار أخرى تمثّل المبلغ الذي جمعته إف.تي.إكس من المستثمرين بناءً على ادعاءات كاذبة، و1.3 مليار دولار تمثّل الأموال التي يتعين على شركة تداول العملات المشفرة الخاصة ببانكمان فريد دفعها للمقرضين.
أين تذهب الأموال المصادرة؟
على عكس التعويض، حيث تذهب الأموال من الأصول المحتجزة مباشرة إلى الضحايا، فإن الأموال الناتجة عن المصادرة تستولي عليها الحكومة وتدخل في خزانة الولايات المتحدة.
وفي يوم الخميس، قال القاضي لويس كابلان إنه سيكون من غير العملي إصدار أمر بالتعويض بسبب الطبيعة المعقدة للقضية وعدد الضحايا فيها لكنه قضى بأن الحكومة يمكن أن تعوض ضحايا انهيار إف.تي.إكس بالأصول المصادرة.
وقال أنتوني كابوزولو، وهو مساعد سابق للنائب العام الأميركي في المنطقة الشرقية من نيويورك «في قضية مثل هذه، ستكون لدى الحكومة والمحكمة فكرة جيدة جداً عن أصول بانكمان فريد وقيمتها».
ومن غير الواضح مقدار ثروة بانكمان فريد الحالية، لكنها على الأرجح لا تقترب من 11 مليار دولار.
ويُعدّ تحديد المبلغ الذي سيحصل عليه الضحايا جزءاً من عملية داخلية داخل قسم غسل الأموال واسترداد الأصول التابع لوزارة العدل، وقد يؤدي هذا إلى تأخير الوقت الذي سيلزم على الضحايا انتظاره إلى أن يستلموا أي نوع من المدفوعات، إذ قد يستغرق الأمر عدة سنوات.
وفي يونيو حزيران الماضي، قال محامو إليزابيث هولمز، الرئيسة التنفيذية السابقة لشركة ثيرانوس، إنها تمتلك «موارد مالية محدودة» ولا ينبغي إجبارها على دفع 250 دولاراً شهرياً لضحايا جرائمها بعد إطلاق سراحها من السجن. وحكم على هولمز ورئيس العمليات السابق لشركة ثيرانوس رامش «صني» بالواني بدفع تعويض قدره نحو 452 مليون دولار للضحايا.
أما بالنسبة لبرنارد مادوف، الذي حُكم عليه بالسجن لمدة 150 عاماً بسبب خطة بونزي التي كانت بقيمة 20 مليار دولار، فقد صدر أمر بمصادرة أكثر من 170 مليار دولار من أمواله عند صدور الحكم عليه في عام 2009، ولا تزال أصداء هذا المخطط محسوسة بعد مرور أكثر من خمسة عشر عاماً، حيث تم الإعلان عن آخر دفعة يبلغ إجماليها نحو 158 مليون دولار في ديسمبر كانون الأول 2023.
وحتى الآن، أعادت وزارة العدل توزيع نحو 4 مليارات دولار على ضحايا مادوف.
تشير هذه الحالات إلى أن تعويض ضحايا الاحتيال المالي يمكن أن يكون عملية طويلة ومعقدة، حتى في الحالات التي يتم فيها الأمر بمصادرة أصول الجاني، لا يوجد ضمان بأن الضحايا سيعوضون بالكامل عن خسائرهم، وقد يستغرق الأمر سنوات لتوزيع الأموال المصادرة، وقد يتلقى الضحايا جزءاً بسيطاً من المبلغ الذي خسروه.
ماذا سيحدث عند خروج بانكمان فريد من السجن؟
قال بيتر كاتز، المحامي السابق في قسم الاحتيال بوزارة العدل، إنه عندما يخرج بانكمان فريد البالغ من العمر 32 عاماً من السجن، يمكن للحكومة نظرياً أن تأخذ جزءاً من أي دخل يكسبه، لكن كاتز يقول إن الأمر قد لا يستحق وقتهم.
وقال كاتز «من الناحية النظرية، يمكنهم ملاحقة أي شيء يكسبه، ولكن الواقع العملي هو أنه إذا انتهى به الأمر إلى وظيفة يكسب منها الملايين من الدولارات أو إذا حصل على مكسب مالي مفاجئ، فسيلاحقونه».
وقال أنتوني كابوزولو، مساعد المدعي العام الأميركي السابق «سوف ينظرون إلى مقدار ما يجنيه ومقدار ما ينفقه على الضروريات والإيجار».
إن حجم أمر المصادرة يعني أن بانكمان فريد لن يتمكن أبداً من أن يصبح مرتاحاً مالياً، إذ يمكن للحكومة أن تلاحقه للحصول على المال والأصول إلى الأبد.