اتجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الصين في أول رحلة خارجية له منذ أدائه اليمين الدستورية لفترة ست سنوات، ليلتقي الرئيس الصيني شي جين بينغ في رابع اجتماع لهما منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا.

من جهته، شدد الرئيس الصيني على ضرورة العمل مع نظيره الروسي، الذي يزور بكين لمدة يومين، لمناقشة ملفات عدة أبرزها الطاقة والتجارة بين البلدين.

وأفادت وكالة رويترز، بأن هناك محادثات غير رسمية بين القادة وكبار المسؤولين من الجانبين، يشهدها مستشار السياسة الخارجية بالكرملين يوري أوشاكوف، ووزير الدفاع المعين حديثاً أندريه بيلوسوف، ووزير الخارجية سيرجي لافروف، وأمين مجلس الأمن سيرجي شويجو، إلى جانب أقوى المديرين التنفيذيين في روسيا.

وأضافت أن بوتين سيشهد الاحتفال بمرور 75 عاماً على العلاقات بين البلدين، والتي تمتد إلى عام 1949 منذ الاعتراف بجمهورية الصين الشعبية، وهو الاحتفال الأكثر شيوعاً على وسيلة التواصل الاجتماعي الصينية (ويبو)، إذ يتابعه نحو 1.4 مليون مستخدم.

ويعتبر الرئيس الصيني أقوى داعم سياسي لبوتين، كما أنه منافس جيوسياسي للولايات المتحدة الأميركية، وفي أثناء لقائهما في قاعة الشعب الكبرى في بكين بجلستهما الافتتاحية، قال شي إن العلاقات بين بكين وموسكو تحققت بشق الأنفس، لذلك يحتاج الجانبان إلى الاعتزاز بها ورعايتها.

التجارة بين روسيا والصين

تطورت العلاقات التجارية والاقتصادية بين روسيا والصين بوتيرة سريعة، ما يظهر مناعتهما القوية في مواجهة التحديات والأزمات الخارجية، وفقاً لما قاله بوتين في مقابلة مع وكالة الأنباء الصينية (شينخوا)، نقلها الموقع الرسمي للكرملين.

وأضاف بوتين أنه على مدار السنوات الخمس الماضية، تضاعف حجم التبادل التجاري بين روسيا والصين، إذ بلغ 227.8 مليار دولار في العام الماضي، مقابل 111 مليار دولار عام 2019، إضافة إلى أكثر من 90 في المئة من التسويات بين الشركات الروسية والصينية والتي تتم بالعملات الوطنية للبلدين.

وأوضح أن التجارة الثنائية تبلغ حالياً نحو 20 تريليون روبل، أو ما يقرب من 1.6 تريليون يوان.

وقال «إننا نعمل بشكل منهجي ومستمر على تطوير التعاون الاستراتيجي في قطاع الطاقة، ونعمل على مشاريع طاقة جديدة واسعة النطاق، وتظهر إمدادات المنتجات الزراعية الروسية إلى السوق الصينية ديناميكيات إيجابية، فضلاً عن تنفيذ مبادرات الاستثمار والإنتاج، وممرات النقل والخدمات اللوجستية بين البلدين».

وبلغ حجم التجارة بين روسيا والصين خلال العام الماضي نحو 240 مليار دولار، لتتجاوز الهدف المحدد البالغ 200 مليار دولار بحلول عام 2024، ومن هنا حرص بوتين على تصنيف الصين كشريك تجاري أول لروسيا.

كشفت صحيفة تشاينا ديلي، عن افتتاح مركز تجاري مخصص للسلع روسية الصُنع لنحو 80 مصنعاً روسياً يوم الخميس، بهدف تعزيز العلاقات التجارية بين البلدين.

كانت الصين وروسيا أعلنتا شراكة بلا حدود في فبراير شباط 2022، عندما زار بوتين بكين قبل أيام فقط من غزو روسيا لأوكرانيا.

وعززت الصين علاقاتها التجارية مع روسيا في السنوات الأخيرة، بعدما فرضت الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي عقوبات على موسكو.

يأتي ذلك في الوقت الذي تواصل فيه واشنطن ضغطها على بكين، مع اشتعال حرب الرقائق، واقتراب الانتخابات الرئاسية التي يسعى من خلالها الرئيس الأميركي جو بايدن، وغريمه دونالد ترامب إلى تضييق الخناق على روسيا.

العقوبات تعزز نمو الاقتصادات

شملت العقوبات المفروضة على روسيا إلى الحد من إيراداتها من الصادرات الرئيسية مثل الوقود، فضلاً عن قدرتها على الوصول إلى التكنولوجيات والسلع ذات التطبيقات العسكرية.

وعلى الرغم من ذلك، فإن الاقتصاد الروسي فاق التوقعات السابقة لينمو بنسبة 3.6 في المئة عام 2023، وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي، وذلك بعد انكماش شهده خلال 2022.

كانت الولايات المتحدة أوضحت أن الصادرات الصينية من أشباه الموصلات والمواد والأدوات الآلية التي يقولون إنها تمكّن روسيا من تعزيز القاعدة الصناعية الدفاعية التي تدعم حربها في أوكرانيا، بينما تدافع الصين عن موقفها التي تعتبره محايداً.

كما أصبحت روسيا أيضاً المورد الرئيسي للنفط للصين، متجاوزة المملكة العربية السعودية، وفقاً لبيانات التجارة الصينية الرسمية.

ومنذ بداية الحرب بين روسيا وأوكرانيا، فقد انخفضت صادرات الاتحاد الأوروبي إلى روسيا بنحو 60 في المئة منذ بداية الحرب، وعززت الصين صادراتها، وأرسلت بضائع بقيمة تزيد على 110 مليارات دولار في العام الماضي، بزيادة قدرها 65 في المئة منذ عام 2021، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة التجارية والإدارة العامة للجمارك.

وتعتزم روسيا زيادة إنفاقها لتعزيز قدرة السكك الحديدية لنقل البضائع إلى الشرق الأقصى إلى 366 مليار روبل (ما يعادل 4.03 مليار دولار) خلال العام الجاري، بزيادة تصل إلى 40 في المئة مقارنة بالعام الماضي، إذ تستهدف تسهيل تجارتها مع الصين والدول الآسيوية الأخرى، وخاصة في الفحم والنفط والمعادن.

بدورها، كانت شركات تصنيع السيارات في الصين هي المستفيدة بشكل خاص من هجرة الشركات الغربية من روسيا، والتي سرعان ما باعت أصولها ومصانعها بسعر رخيص عقب العقوبات، وفقاً لما جاء في رويترز.

وقفزت حصة الصين في السوق الروسية من أقل من 10 في المئة إلى أكثر من 50 في المئة خلال العامين الماضيين منذ بداية الحرب، كما تظهر بيانات التجارة الصينية للعام الماضي، أن صادرات السيارات إلى روسيا، كانت أعلى بنحو سبعة أضعاف مما كانت عليه عام 2022، مع قفزة قيمة تلك الصادرات بنحو 10 مليارات دولار.

وبعد أن اعتاد الوكلاء تفضيل فولكس فاغن، ورينو، وستيلانتس، تحول اهتمامهم إلى العلامات التجارية الصينية، فمثلاً ارتفعت مبيعات سيارات شانجان في روسيا إلى ما يقرب من 47.8 ألف في العام الماضي، من 2550 في 2022، وفقاً لوكالة أوتوستات التحليلية.

وتظهر البيانات أنها كانت خامس أفضل علامة تجارية للسيارات مبيعاً في العام الماضي، وفي فبراير شباط 2024، كانت ثماني من العلامات التجارية العشر الأكثر مبيعاً للسيارات في روسيا صينية الصنع.