بينما تعتزم المملكة السعودية بيع أسهم في شركة أرامكو العملاقة للنفط بقيمة مليارات الدولارات، تُظهر البيانات أن سهم الشركة وأرباحها تأثرا منذ بداية 2024 مع تراجع إنتاج النفط وانخفاض الأسعار.

وقبل أيام نقلت وكالة رويترز عن مصدرين أن السعودية تعتزم بيع أسهم بمليارات الدولارات في أرامكو في يونيو حزيران على أقرب تقدير، فيما قد تكون إحدى أكبر صفقات الأسهم في المنطقة.

وبحسب رويترز فإن الطرح قد يجمع نحو 10 مليارات دولار، والاستعدادات جارية وتفاصيل الطرح قد تتغير.

وقال محللون لـCNN الاقتصادية إن توقيت طرح الأسهم الجديدة في أرامكو قد يتوقف على الظروف الاقتصادية أثناء الطرح والمتمثلة في أسعار النفط والتوترات الاقتصادية العالمية، مشيرين إلى أن الهدف من الطرح قد يكون لزيادة الاستثمارات بهدف تنويع اقتصاد المملكة.

وأرامكو هي إحدى أكبر شركات الطاقة والكيميائيات المتكاملة في العالم، وتمتلك الحكومة السعودية وصندوق الاستثمارات العامة السعودي النصيب الأكبر من ملكيتها.

وفي نوفمبر تشرين الثاني 2019 طرحت الحكومة السعودية نسبة 1.5 في المئة من أسهمها في طرح عام بالبورصة السعودية.

أداء سهم أرامكو منذ بداية 2024

تظهر بيانات ريفينيتيف أن سهم شركة أرامكو انخفض بنحو 10 في المئة منذ بداية العام الجاري، إذ تم تداوله في بداية العام عند 33.05 ريال سعودي في حين يتداول اليوم عند 29.55 ريال سعودي.

ونتيجة لذلك انخفضت القيمة السوقية للشركة والتي كانت تبلغ نحو 2.13 تريليون دولار في 1 يناير كانون الثاني 2024، بينما تبلغ القيمة السوقية في 27 مايو أيار 1.9 تريليون دولار، وفقاً لبيانات ريفينيتيف.

ويعزو ديفيد جوربناز، المتخصص في أسواق النفط، التراجع في سهم أرامكو منذ بداية العام إلى عدة عوامل أهمها الانخفاض في إنتاج أوبك+ خلال الفترة الماضية.

وأضاف لـCNN الاقتصادية أن عوامل أخرى لعبت دوراً في تراجع سعر السهم مثل عدم اليقين الاقتصادي العالمي، وتقلب أسواق الطاقة، والتحولات المحتملة في معنويات المستثمرين تجاه قطاع النفط.

وعلى مدار أكثر من عام بدأت مجموعة أوبك+ خفضاً طوعياً لإنتاج النفط في محاولة منها لدعم أسعار النفط وتعزيز سوق الطاقة.

بينما يرى بارني غراي، محلل أسواق النفط في ICIS أنه رغم ارتفاع في أسعار النفط في وقت سابق هذا العام اتجه سهم أرامكو للانخفاض نظراً لأن سعر السهم يعكس عادة الاتجاه المحتمل لأسعار النفط في المستقبل والذي يشير إلى احتمالية تراجع الطلب على النفط ومن ثم ستنخفض الأسعار.

هل الوقت مناسب لبيع أسهم إضافية في أرامكو؟

«بيع أسهم أرامكو عاجلاً وليس آجلاً يبدو أمراً مفيداً»، حسب ما يقول غراي لـCNN الاقتصادية.

ويصيف أنه إذ كان النصف الثاني من العام الجاري سيشهد انخفاضاً في أسعار النفط فالتوقيت الحالي يبدو جيداً لأن تراجع النفط يعني بالتالي انخفاض سعر سهم أرامكو.

بينا يقول ديفيد جوربناز، المتخصص في أسواق النفط، إن توقيت طرح أسهم جديدة في أرامكو سيتأثر بعوامل متعددة، بما في ذلك ظروف سوق النفط وأسعاره ومعنويات المستثمرين.

ويضيف أن البعض يذهب إلى أن ارتفاع أسعار النفط في الوقت الحالي يجعلها لحظة مناسبة، لكن من الضروري النظر في البيئة الاقتصادية الشاملة، والاستقرار الجيوسياسي، والتوقعات المستقبلية للطلب على النفط.

ويقول إن المملكة السعودية من المحتمل أن يكون لديها أسباب استراتيجية لقرار البيع، والاستفادة من الظروف المواتية الحالية التي قد تتوافق مع أهدافها الاقتصادية طويلة الأجل.

لماذا قد تبيع السعودية أسهماً جديدة في أرامكو؟

يقول محللون إن السعودية قد تستفيد من حصيلة بيع أسهم في أرامكو في دعم خطتها لتنويع اقتصادها بعيداً عن الاعتماد على تجارة النفط.

وبحسب محلل أسواق النفط في ICIS فإن أسهم الحكومة السعودية في أرامكو تمثل أصلاً سائلاً نسبياً يمكنها بيعه على شرائح صغيرة لجمع الأموال، ويمكنها استخدام حصيلة هذا الاستثمار في مشاريع أخرى لتنويع اقتصاد البلاد بعيداً عن النفط.

وقال إن هذه طريقة لتوليد رأس المال بسرعة في حالة انخفاض دخل توزيعات الأرباح المستقبلية أو تقلبها.

وخلال الربع الأول من 2024 تراجع صافي أرباح شركة أرامكو بنسبة 14.4 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي ليسجل نحو 102.27 مليار ريال سعودي (27.27 مليار دولار).

ويرجح جوربناز أن تشمل أهداف السعودية من طرح أسهم جديدة في أرامكو، زيادة استثمارات المملكة لدعم التنويع الاقتصادي وجذب الاستثمار الأجنبي وتعزيز السيولة.

ويقول إن تحقيق هذه الأهداف بالكامل سيعتمد على استقبال السوق للطرح الجديد وظروف السوق وقتها، لكن تاريخياً جذبت أرامكو اهتماماً كبيراً من المستثمرين، وإذا ظلت الظروف الحالية مواتية، فمن المعقول أن تحقق السعودية فوائد كبيرة من البيع.