مع تصاعد التوترات في منطقة الشرق الأوسط وتحديداً بين إيران وإسرائيل، قد تتزايد المخاوف بشأن تدفق النفط من منطقة الشرق الأوسط إلى بقية العالم خصوصاً في حال دخول طرفي الصراع في مواجهة مباشرة.
ويأخذ العاملون في مجال شحن النفط في الاعتبار تزايد التوترات بين إيران وإسرائيل بالفعل، وهو ما جعل تصاعد التوترات مؤخراً منذ اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، أمراً غير مؤثر على الإمدادات أو تكلفة الشحن والتأمين عليها.
ويقول محللون تحدثوا إلى CNN الاقتصادية إن حدوث مواجهة مباشرة بين إيران وإسرائيل قد يؤدي إلى تعطل نقل النفط والغاز من الشرق الأوسط وكذلك ارتفاع أسعار النفط.
ويعد مضيق هرمز الذي يربط الخليج العربي بطرق الشحن العالمية أهم نقطة لنقل الطاقة في العالم، حيث يمر عبره أكثر من 20 مليون برميل في اليوم، وفقاً لبيانات ستاندرد آند بورز.
وتظهر أحدث بيانات أداة بورت واتش، المدعومة من صندوق النقد الدولي، أن متوسط عبور السفن اليومية عبر المضيق بلغ 91 في الأسبوع المنتهي في 11 أغسطس، بانخفاض عن 111 سفينة في العام السابق.
لكن عدد ناقلات النفط والغاز المارة من خلال مضيق هرمز لم تشهد تراجعاً كبيراً إذ بلغت 49 ناقلة في الأسبوع المنتهي في 11 أغسطس، بينما كانت في الأسبوع السابق له 52 ناقلة، وفقاً لأداة بورت واتش.
وفي يوم 31 يوليو تموز، يوم اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران، بلغ عدد الناقلات 62 ناقلة نفط وغاز، مقابل 38 ناقلة في اليوم السابق له.
كما لم تتغير تكاليف الشحن لنقل النفط الخام والمنتجات المكررة من الشرق الأوسط كثيراً أو تراجعت وفقاً لتقييمات من منصة ستاندرد آند بورز للسلع.
في حين تراجعت عدد ناقلات النفط المارة لقناة السويس خلال شهر إذ تُظهر بيانات بورت واتش أن العدد بلغ 19 ناقلة في 11 يوليو تموز الماضي بينما سجّل 11 ناقلة في 11 أغسطس أب الجاري.
ويأتي هذا الانخفاض في وقت تشهد فيه قناة السويس تراجعاً كبيراً في عدد السفن المارة بها، نظراً لتزايد التوترات في منطقة البحر الأحمر وعزوف بعض شركات الشحن عن المرور بها واتجاهها إلى طريق رأس الرجاء خوفاً من تعرض السفن لهجمات الحوثيين.
إمدادات النفط والغاز من الشرق الأوسط
منذ اندلاع الحرب في غزة العام الماضي لم تشهد إمدادات النفط والغاز أي انقطاع كما لم تتأثر وسائل النقل أيضاً، حسب ما يقول جورج ليون، النائب الأول نائب الرئيس الأول في فريق أسواق النفط بشركة «ريستاد إنيرجي» الاستشارية للطاقة لـCNN الاقتصادية.
ويتوقع ليون أنه في حالة حدوث مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران، وهو أمر غير مرجح، فإن نقل النفط والغاز سوف يتعطل بالتأكيد وسترتفع أسعار النفط بسرعة بسبب ذلك.
يتفق معه ديفيد جوربناز، المتخصص في أسواق النفط، ومحلل أسواق النفط في ICI، ويقول لـCNN الاقتصادية إن التوترات المتزايدة بين إسرائيل وإيران قد توثر على نقل النفط والغاز من الشرق الأوسط، على الرغم من أن مدى ذلك يعتمد على عوامل مختلفة.
وتشمل الاعتبارات الرئيسية قرب الصراع من طرق الشحن الرئيسية مثل مضيق هرمز، والاضطرابات المحتملة في البنية التحتية، ومشاركة القوى الإقليمية والعالمية في الحفاظ على الأمن الدولي.
ومن شأن تزايد التوترات أن تثير مخاوف بشأن أمن الإمدادات، ما قد يؤثر على الأسواق العالمية ويؤدي إلى تقلب الأسعار، وفقاً لجوربناز.
توقف إمدادات الغاز الإسرائيلي
ويقول تحليل لستاندرد آند بورز إن أي تأثير على البنية التحتية للغاز في إسرائيل سيكون له آثار إقليمية ومحلية، في حال توسع الصراع في الشرق الأوسط.
وتعد إسرائيل الآن منتجاً مهماً للغاز ومصدراً إقليمياً، إذ وصل الإنتاج إلى مستوى قياسي بلغ 24.7 مليار متر مكعب عام 2023، وفقاً لبيانات وزارة الطاقة الإسرائيلية المنشورة في مايو أيار الماضي.
وفي أعقاب بداية الحرب في غزة أمرت الحكومة الإسرائيلية بإغلاق حقل تمار كإجراء احترازي، ثم عادت واستأنفت عملياتها بعد شهر واحد.
وإسرائيل هي أيضاً مصدر إقليمي رئيسي للغاز، وتحديداً لدول الجوار لها، ففي عام 2023، صدّرت نحو 11.6 مليار متر مكعب من الغاز إلى مصر والأردن، بزيادة قدرها 25 في المئة على أساس سنوي، وفقاً لبيانات ستاندرد آند بورز.
وتعتمد مصر بشكل خاص على واردات الغاز من إسرائيل لتلبية الطلب المحلي في أشهر الصيف والقدرة على تصدير الغاز الطبيعي المسال في الشتاء.
وكانت إسرائيل تعتزم تطوير حقل تمار بداية من الشهر الجاري، إلّا أنها أجلت عمليات التطوير والتي كان من شأنها خفض الكميات الغاز الموردة إلى مصر، وفقاً لما قاله مصدر مصري مطلع على ملف استيراد الغاز من إسرائيل.
وبحسب ستاندرد آند بورز فإنه دون الغاز الإسرائيلي، من المرجح أن تضطر مصر إلى استيراد المزيد من شحنات الغاز الطبيعي المسال بالإضافة إلى تلك التي تعاقدت عليها بالفعل هذا الصيف لتلبية الطلب المحلي، ما يزيد من تشديد أسواق الغاز الطبيعي المسال.
وفي سبيل حل أزمة خانقة للطاقة واجهتها مصر هذا الصيف لجأت مصر لاستيراد شحنات من الغاز المسال.