صعد سعر الدولار مقابل الجنيه المصري نحو جنيه خلال أقل من شهر مسجلاً أعلى مستوى له على الإطلاق، في وقت أكد صندوق النقد الدولي أن مصر ملتزمة بسعر صرف مرن.

ومنذ نهاية شهر أكتوبر تشرين الأول يسجل سعر الدولار مقابل الجنيه في البنوك المصرية ارتفاعاً متتالياً ليتخطى حاجز 49.80 جنيه، وفقاً لسعر الصرف في البنك المركزي المصري في التعاملات الصباحية اليوم الخميس قبل أن يسجل صعوداً جديداً في منتصف التعاملات ويقترب من حاجز 50 جنيهاً.

وفي مارس آذار الماضي قررت مصر تحريك سعر العملة ليسجل الدولار مستويات لم يشهدها من قبل على الإطلاق.

ويأتي ارتفاع الدولار المستمر بينما قال صندوق النقد أمس في بيان صحفي إن توحيد سعر الصرف منذ مارس آذار الماضي أدى إلى القضاء على تراكم الطلب على العملات الأجنبية وتخفيف الواردات.

وقبل خفض الجنيه اتسعت الهوة بين سعر الصرف في البنوك المصرية والسوق الموازية.

وقال الصندوق إن البنك المركزي المصري أكد التزامه بالحفاظ على نظام سعر صرف مرن لحماية الاقتصاد من الصدمات الخارجية.

إلى أين يسير سعر الدولار في مصر؟

يتوقع بلال بسيوني رئيس إدارة التنبؤ بالمخاطر في PANGEA-RISK، أن يشهد الجنيه المصري انخفاضاً مستمراً خلال الفترة المتبقية من 2024 وخلال 2025، متأثراً بمجموعة من العوامل المحلية والدولية.

وقال لـCNN الاقتصادية إن السياسة النقدية التي ينتهجها الاحتياطي الفيدرالي الأميركي من المرجح أن تكون آثارها مختلطة على الجنيه المصري.

ومن المتوقع أن يقلل خفض الفائدة الأميركية من قوة الدولار عالمياً مقابل العملات الأخرى ما يخفف بعض الضغوط على الجنيه المصري، لكن التزامات الديون الخارجية الكبيرة لمصر واعتمادها على رأس المال الأجنبي تجعل الجنيه المصري عرضة لتقلبات الظروف المالية العالمية، وفقاً لبسيوني.

وبحسب باسكال ديفو، كبير المحللين الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في بنك بى إن بى باريبا، فإنه منذ بداية العام المالي الجاري في مصر ظل انخفاض قيمة الجنيه المصري معتدلاً مقارنة بمعدل التضخم.

ويضيف لـCNN الاقتصادية إن جزءاً من انخفاض الجنيه يرتبط بالارتفاع الاسمي للدولار مقابل العملات الرئيسية، مشيراً إلى أن سياسة البنك المركزي المصري في ما يتعلق بالعملات الأجنبية تهدف إلى الحد من التقلبات.

ويتوقع جيمس سوانستون، الخبير الاقتصادي لدى كابيتال إيكونوميكس لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن يستقر سعر الدولار مقابل الجنيه عند 50 جنيهاً بحلول نهاية 2024، وألّا يشهد الجنيه تحركاً كبيراً حتى نهاية العام.

لكن توقعات سوانستون تذهب إلى أن خلال العامين المقبلين 2025 و2026 سينخفض سعر الجنيه أكثر ليكون سعر الدولار عند 55 و60 جنيهاً على التوالي.

عوامل تزيد من مخاطر سعر الصرف

على المدى القصير، يجب أن تكون التدفقات المالية عامل دعم للجنيه المصري، لكن ذلك لا يعني ارتفاعاً في قيمة الجنيه، حسب ما يقول باسكال ديفو.

وتأمل مصر في تأمين 1.3 مليار دولار من خلال الحصول على شريحة جديدة من قرض صندوق النقد بحلول النصف الأول من يناير كانون الثاني 2025، حسب ما قال مسؤول مصري لـCNN الاقتصادية.

وأنهت بعثة من صندوق النقد الدولي زياراتها لمصر لإجراء المراجعة الرابعة من برنامج مصر مع الصندوق، لكن المناقشات ستستمر خلال الأيام المقبلة للاتفاق على المراجعة.

ويقول بلال بسيوني إن مسار الجنيه المصري يزداد تعقيداً بسبب تأثره ببعض الأوضاع الخارجية إذ إن صناعة السياحة، وهي مصدر رئيسي للعملة الأجنبية، تأثرت سلباً بالصراعات الإقليمية والشكوك الاقتصادية العالمية، وبالمثل إيرادات قناة السويس وهي مصدر مهم آخر للعملة الأجنبية، إذ تعرضت لتقلبات في أحجام التجارة العالمية وأزمة البحر الأحمر.

وقال الصندوق إن مصر فقدت نحو 70 في المئة من إيرادات قناة السويس بسبب الآثار غير المباشرة الناجمة عن الصراعات في غزة وإسرائيل واضطرابات التجارة في البحر الأحمر.

ويرى بسيوني أن الاستراتيجية التي تتبناها الحكومة المصرية تركز على السماح للعملة بالتكيف ضمن نظام تعويم مدار وبالتالي تخفيف الصدمات الاقتصادية المفاجئة.