انطلقت فعاليات اليوم الأول من منتدى هيلي السنوي، اليوم الاثنين، في أبوظبي بدولة الإمارات، والتي تستمر على مدار يومين بحثاً عن حلول فعّالة لمعالجة القضايا العالمية الجيوسياسية والاقتصادية الملحة مع التركيز على منطقة الشرق الأوسط.

ويُعقد المنتدى الذي ينظّمه «مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية»، بالتعاون مع «أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية»، تحت شعار «نظام عالمي مضطرب: قراءة في المفاهيم، والتشكيل، وإعادة البناء».

ويشهد منتدى هيلي في نسخته الأولى نقاشات تتضمن جلسات تفاعلية متنوعة لنُسلّط الضوء على القضايا الجيوسياسية والجيواقتصادية والجيوتكنولوجية المُلحّة التي تواجه العالم، والشرق الأوسط على وجه خاص، بمشاركة 350 قائد فكر ورأي على الأقل، بينهم 40 متحدثاً رئيسياً، يمثلون 25 دولة.

ويحمل اسم المنتدى منطقة «هيلي» التاريخية في مدينة العين بإمارة أبوظبي، احتفاء بالإرث العريق للمنطقة التي كانت ملتقى حضارياً وثقافياً يعود تاريخه إلى العصرين البرونزي والحديدي، واستلهاماً لهذا الإرث العريق يجمع المنتدى نخبة من قادة الفكر والخبراء من شتى أنحاء العالم.

التحديات الاقتصادية في الشرق الأوسط

يأتي المنتدى في فترة تعج بعددٍ من القضايا الشائكة التي تشغل أذهان صُنّاع القرار في جميع أنحاء العالم، لا سيما في دول الشرق الأوسط، وعلى رأسها التوترات الجيوسياسية المتمثلة في الحرب المستمرة في غزة، وحرب روسيا وأوكرانيا.

كذلك تتصاعد الاختلافات التجارية بين الصين من ناحية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة من ناحية أخرى، وظهور مخاوف بشأن التكنولوجيا والمناخ والأمن الطاقي، ما يعزز أهمية الجلسات الحوارية التي يعقدها المنتدى لمناقشة مختلف هذه القضايا.

وقال الدكتور سلطان النعيمي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، «إن دولة الإمارات العربية المتحدة طوال تاريخها كانت ملتقى للحضارات والتجارة وتبادل المعرفة في المنطقة»، مشيراً إلى منتدى هيلي هو نتاج الشراكات الاستراتيجية الفعالة التي تم تشكيلها وتجسيدها من خلال التعاون الحقيقي بين مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية وأكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية.

وقال النعيمي إن اسم المنتدى يؤكد على أن التحديات العالمية مشتركة، وأن «العمل الجماعي من خلال تبادل الأفكار والآراء والتوصيات أصبح ضرورياً للمفكرين والخبراء، وأمر بالغ الأهمية لتحقيق السلام والأمن المستدام، مما يؤدي بدوره إلى دفع التنمية وتحقيق مصالح الدول والشعوب».

بدوره أكد نيكولاي ملادينوف، مدير عام أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية، على أهمية المنتدى كمنصة للمشاركة العالمية والحوار الاستراتيجي، مضيفاً: «يقدم منتدى هيلي منصة فريدة للأصوات العالمية والإقليمية للمشاركة في حوار هادف حول القضايا الأكثر إلحاحاً في عصرنا، ويوفر فرصة للتواصل مع قادة الفكر وصناع القرار، وتعزيز التعاون والابتكار والعمل الجماعي لمواجهة التحديات واستغلال الفرص التي تشكل المستقبل».

وأضاف «أتطلع إلى تبادل وجهات نظر متنوعة تساعدنا على تعميق فهمنا وتقديم حلولاً عملية لعالم أكثر استقراراً وازدهاراً وأماناً».

وكان قد حذّر صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير في يوليو تموز 2024 من أنه لا يزال خفض إنتاج النفط والصراعات الإقليمية يؤثّران في التوقعات بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.

وخفّض صندوق النقد توقعاته لاقتصادات منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى إلى 2.4 في المئة لعام 2024، قبل أن يتعافى إلى 4 في المئة في 2025، مشيراً إلى المخاطر المرتبطة بالتوترات في البحر الأحمر وحرب غزة ومخاوف التضخم كأحد التحديات الرئيسية التي تواجه اقتصادات الشرق الأوسط.

الاقتصاد والتكنولوجيا في المنتدى

من المنتظر أن يُسلّط المنتدى الضوء على حالة التجزؤ في الاقتصاد العالمي على مدار اليومين، وتتمخض عنه جلسات فرعية تتناول مختلف القضايا الجيواقتصادية والجيوتكنولوجية التي تسيطر على المشهد العالمي في الوقت الراهن.

ويعقد المنتدى جلسة رئيسية في يومه الأول بعنوان «تفاعلات جيواقتصادية: العالم نحو اقتصاد عالمي متجزئ»، بمشاركة د.ثاني بن أحمد الزيودي وزير دولة للتجارة الخارجية، مع زانج يمينج، سفير جمهورية الصين لدى دولة الإمارات.

كما يتضمن جلسة حوارية حول صراع القوى والتغير المناخي ومستقبل التحول الطاقي، وجلسة عن النهج المفرط في الحمائية وعودة السياسات الصناعية، وأخرى عن مناقشة ساحة التجارة والممرات الاقتصادية في ظل الاحتدام السياسي، بجانب جلسة عن الأمن الاقتصادي العالمي.

وعلى مدار اليوم الثاني، ننتظر عدداً من الجلسات التي تُسلّط الضوء على التحديات الجيوتكنولوجية، مع جلسة حوارية تحت عنوان «تنافس جيوتكنولوجي: واقع جديد؟»، وأخرى عن الآفاق والتحديات التي تواجه التكنولوجيا الناشئة، مع جلسة حوارية تُسلّط الضوء على الاحتدام بين الصين والولايات المتحدة في مجال التكنولوجيا، وانعاكسات هذا على القوى التكنولوجية الناشئة.

ولم يخلُ المنتدى من الجلسات المتعلقة بتكنولوجيا الفضاء والتحديات العالمية التي تواجهها، إذ يتضمن جلسة حوارية تحت عنوان «دبلوماسية الفضاء: بين ضرورات التعاون وتحديات التنافس»، فضلاً عن تسليط الضوء على الذكاء الاصطناعي ودوره في الصراع الجيوسياسي ضمن جلسة بعنوان «ثورة الذكاء الاصطناعي: مستقبل الحروب».

ومن خلال هذه الجلسات، يحاول أكثر من 50 متحدثاً و800 مشارك من 25 دولة، التوصل إلى حلول مبتكرة للتغلب على التحديات العالمية الجيواقتصادية والجيوتكنولوجية والجيوسياسية، وبخاصة التي تطول دول الشرق الأوسط.