يعني اقتصاد الحرب تنظيم القدرة الإنتاجية والتوزيعية للدولة أثناء فترة صراع عسكري، إذ تنفذ تعديلات جوهرية على كل قطاعات الاقتصاد والسلوك الاستهلاكي للمواطنين لتلبية احتياجات القطاع العسكري.

في اقتصاد الحرب يجب على الحكومات اختيار كيفية تخصيص موارد بلادها بعناية شديدة من أجل تحقيق النصر العسكري مع تلبية مطالب المستهلكين المحليين الحيوية.

ما معني اقتصاد الحرب؟

يتضمن اقتصاد الحرب إعادة توجيه اقتصاد البلاد لإعطاء الأولوية للاحتياجات العسكرية على الاستهلاك المدني، وهذا يستلزم غالباً زيادة سيطرة الحكومة على الصناعات وإعادة تخصيص الموارد وإعطاء الأولوية للإنتاج الدفاعي.

وفي حين أن مصر لا تشارك حالياً في حرب تقليدية تتطلب مثل هذا التحول، إلا أن المشهد الجيوسياسي أصبح متقلباً بشكل متزايد خاصة مع الصراع المستمر في قطاع غزة، والتوترات المتزايدة بعد امتداد الصراع إلى لبنان والتهديدات المتبادلة بين إسرائيل وإيران والمخاوف الأوسع نطاقاً بشأن الأمن على المستويين الإقليمي والعالمي.

ويمكن أيضاً تفسير اقتصاد الحرب خارج سياق شن حرب مباشرة ضد عدو معين، كما يوضح المحاضر في جامعة لندن مارت كولدكيب «إلى حد ما يعد اقتصاد الحرب أيضاً أداة للحرب المعلوماتية، وهي مجموعة من التغييرات والسياسات الاقتصادية التي تهدف إلى ردع العدو وتثبيطه من خلال إرسال رسالة عزم استراتيجي في حرب مستمرة».

وكان رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي قال في مؤتمر صحفي مساء الأربعاء إنه «لو حدثت تطورات حرب إقليمية سندخل فيما يسمى اقتصاد حرب»، موضحاً «أنه في حالة سوء الأوضاع السياسية في المنطقة ستتخذ مصر مزيداً من إجراءات الترشيد».

متى شهدت مصر اقتصاد الحرب؟

طبقت مصر اقتصاد الحرب في الفترة بين عامي 1967 و1973، فبعد الهزيمة في حرب 1967 ضد إسرائيل خسرت مصر معظم دخولها من العملة الصعبة بسبب توقف الملاحة في قناة السويس وتراجع السياحة وخسارة آبار النفط في شبه جزيرة سيناء.

كما فقدت مصر نحو 80 في المئة من معداتها العسكرية ما استدعى تسخير كل إمكانات الدولة لشراء معدات بديلة حتى تتمكن مصر من الدفاع عن نفسها ضد أي اعتداء جديد.

خلال تلك الفترة سعت الحكومة المصرية بكل الطرق الممكنة إلى خفض الاستهلاك ونفذت عدة برامج تقشفية على كل المستويات ما خفض نسبة الواردات وزيادة معدلات الادخار.

كذلك فرضت الحكومة قيوداً ضخمة على المنتجات المستوردة لضمان توجيه العملة الصعبة للمجهود الحربي، وقصر الاستيراد على الضروريات التي لا يمكن استبدالها بمنتج محلي.

وفي عام 1973 مع نشوب الحرب ظهرت (سندات الجهاد) التي كانت في بداية الأمر اختيارية يشتريها المواطن لدعم المجهود الحربي ثم حولتها الحكومة لاحقاً لاكتتاب إجباري على المواطنين عدا محدودي الدخل.

أولويات اقتصاد الحرب

يعطي اقتصاد الحرب الأولوية لإنتاج السلع والخدمات التي تدعم جهود الحرب، وأثناء أوقات الصراع قد تتخذ الحكومات تدابير لإعطاء الأولوية لنفقات الدفاع والأمن الوطني بما في ذلك التقنين، إذ تسيطر الحكومة على توزيع السلع والخدمات فضلاً عن تخصيص الموارد.

وفي أوقات الحرب، تقترب كل دولة من إعادة تكوين اقتصادها بطريقة مختلفة وقد تعطي بعض الحكومات الأولوية لأشكال معينة من الإنفاق على أشكال أخرى.

بالنسبة لدولة ذات اقتصاد حرب تُستخدم دولارات الضرائب في المقام الأول في الدفاع، وعلى نحو مماثل إذا كانت الدولة تقترض مبالغ كبيرة من المال فقد تذهب هذه الأموال في الغالب نحو الحفاظ على الجيش وتلبية احتياجات الأمن الوطني.

وعلى العكس من ذلك في البلدان التي لا تعاني من مثل هذا الصراع قد تُستخدم عائدات الضرائب والأموال المقترضة لتحسين البنية الأساسية والبرامج المحلية مثل التعليم.

غالباً ما توجد اقتصادات الحرب بدافع الضرورة عندما تشعر دولة ما أنها بحاجة إلى جعل الدفاع الوطني أولوية.

وغالباً ما تُظهر اقتصادات الحرب المزيد من التقدم الصناعي والتكنولوجي والطبي لأنها في منافسة وبالتالي تحت ضغط لإنشاء منتجات دفاعية أفضل بتكلفة أرخص، ومع ذلك -وبسبب هذا التركيز- قد تشهد البلدان التي تعاني من اقتصادات الحرب أيضاً انحداراً في التنمية والإنتاج المحلي.