على مدى أكثر من سبعين عاماً، عمل البنك المركزي الأميركي كوكالة حكومية مستقلة، وعندما يجتمع المسؤولون لتقرير أسعار الفائدة، فإنهم لا يتشاورون مع الرئيس وغيره من المسؤولين المنتخبين، وهذا يحدث لسبب وجيه.
ذلك لأن وظيفة محافظي البنوك المركزية، كما قال أحد رؤساء بنك الاحتياطي الفيدرالي السابقين، توجب عليهم اتخاذ قرارات غير شعبية تسعى في نهاية المطاف إلى إفادة الاقتصاد في الأمد البعيد.
ولكن استقلال بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يتعرض للخطر بمجرد عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وقال ترامب في مؤتمر صحفي في أغسطس آب، في إشارة إلى قرارات بنك الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة «أشعر أن الرئيس يجب أن يكون له رأي على الأقل، أشعر بذلك بقوة، لقد كسبت الكثير من المال، لقد كنت ناجحاً للغاية، وأعتقد أن لدي غريزة أفضل من، في كثير من الحالات، الأشخاص الذين سيكونون في بنك الاحتياطي الفيدرالي أو رئيسه».
ولكن من غير الواضح ما إذا كان ترامب، أو أي رئيس آخر، قادراً على انتزاع استقلال بنك الاحتياطي الفيدرالي بمفرده أو ما إذا كان ذلك يتطلب موافقة الكونغرس، ولم يستجب ممثلو حملة ترامب لطلب شبكة CNN للتعليق، في حين رفض المتحدث باسم بنك الاحتياطي الفيدرالي التعليق.
بعد موجة من ردود الفعل العنيفة، سعى ترامب إلى تخفيف تعليقاته السابقة، وقال ترامب في مقابلة مع بلومبيرغ نيوز بعد أقل من أسبوعين من ادعائه أنه يستحق إبداء رأيه، «بالتأكيد يمكن للرئيس أن يتحدث عن أسعار الفائدة لأنني أعتقد أن لدي غرائز جيدة للغاية، هذا لا يعني أنني أتخذ القرار، لكنه يعني أنه يجب أن يكون لي الحق في التحدث عن ذلك مثل أي شخص آخر».
ماذا يعني فقدان بنك الاحتياطي الفيدرالي المستقل
بنك الاحتياطي الفيدرالي ليس مهيأ للفوز بالعديد من مسابقات الشعبية، إذ غالباً ما يكره الأميركيون والسياسيون الدواء الذي يقدمه بنك الاحتياطي الفيدرالي للاقتصاد، وقد يؤكد الفرضية أي شخص اضطر إلى دفع 8 في المئة مقابل رهن عقاري مؤخراً.
ولكن على الرغم من الدعوات لخفض الأسعار في وقت أقرب، أبقى بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة عند أعلى مستوى لها منذ عقدين من الزمان لمدة عام لكبح جماح التضخم، ولم يخفض أسعار الفائدة إلا في سبتمبر أيلول، وكان العديد من المسؤولين المنتخبين قد دعوا بالفعل إلى خفض أسعار الفائدة بحلول ذلك الوقت، لكن من المرجح أن حججهم لم تؤخذ في الاعتبار في اجتماعات السياسة النقدية.
كان خفض أسعار الفائدة في وقت مبكر للغاية ليهدد بإعادة إشعال فتيل التضخم، الذي يزيد حالياً بنحو عُشر نقطة مئوية فقط عن هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المئة، وتساعد أسعار الفائدة المرتفعة عموماً في إبقاء التضخم تحت السيطرة من خلال جعل اقتراض المستهلكين والشركات أكثر تكلفة، وهو ما يمنع بدوره الأسعار من الارتفاع كثيراً.
ولهذا السبب فإن البلدان التي لديها بنوك مركزية مستقلة تتمتع عموماً بمعدلات تضخم أقل، كما قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول للصحفيين في سبتمبر أيلول بعد أن خفض محافظو البنوك المركزية أسعار الفائدة بنصف نقطة.
وقال «إنه ترتيب مؤسسي جيد، وكان مفيداً للجمهور، وآمل وأعتقد اعتقاداً راسخاً أنه سيستمر».
(إليزابيث بوخوالد-CNN)