سلّط الرئيس التنفيذي للاستثمارات لدى شركة ميرسر، نايل أوسوليفان، الضوء على الاتجاهات الاقتصادية الكلية واستراتيجيات الاستثمار والفرص المستقبلية في حوار مع CNN الاقتصادية بشأن الديناميكيات المتغيرة للأسواق المالية.
تأثير العوامل الاقتصادية الكلية والجيوسياسية
قال نايل أوسوليفان، إن «العالم يتكيف مع التغييرات الكبيرة في المشهد الجيوسياسي الذي شهده هذا العام، وكان التضخم عاملاً حاسماً على مستوى العالم وأثّر في الحكومات والناخبين خلال هذا العام، الأمر الذي دفع برأيي الحكومات للتركيز على السياسات الوطنية، والاستراتيجيات الصناعية، وحتى السياسات الحمائية مثل رفع الرسوم الجمركية التي أرجّح استمرار تزايدها».
وبقي أوسيلفان متفائلاً بالتوجه العام، كما توقع الهبوط السلس في اقتصادات رئيسية مثل الولايات المتحدة، حيث يبدو أن التضخم والبطالة في طريقهما للاستقرار.
ونوه بضرورة أن يستعد المستثمرون للتعامل مع التوترات التجارية وتغير السياسات، وقال «أعتقد أنه سيكون هناك بعض التوترات التجارية والأمور المصاحبة لها ولكني لا أرى أي تهديدات كبيرة وشيكة في الأفق.. ولكن مع مرور الوقت وإنجاز الصفقات العامة سنعود إلى بيئة تكون ملائمة ومواتية نسبياً».
التحول نحو الأصول غير السائلة
وأضاف أوسوليفان أن السوق يشهد تطوراً، فيما كانت الأسهم الخاصة والديون الخاصة والأصول الحقيقية مثل العقارات والبنية التحتية قوية لفترة من الزمن، فهي تشهد نوعاً من التباطؤ عازياً ذلك إلى مستويات الاستثمار العالية من صناديق التقاعد وتخصيص نسب عالية من الاستثمار في الأصول غير السائلة، ما يدل على محاولات لتقليل المخاطر.
وقال أوسوليفان «حقيقة الأمر أن عدم تلقي المستثمرين توزيعات من الصناديق الأساسية قد أدت إلى تباطؤ بسيط في إعادة التخصيص، لذا إذا كنت مديراً كبيراً للأسهم الخاصة وناجحاً ولديك سجل حافل، فإنك تميل إلى الأداء الجيد، ولكن إذا كنت شركة صغيرة أو شخصاً جديداً بدأ للتو، فستجد صعوبة في جذب رأس المال، وهذا ما جعل الأمور مثيرة للاهتمام، وأعتقد أنه خلال الفترة المقبلة، سنرى أن هذه الأمور ستبدأ بالانحسار».
وأفاد سوليفان بأن الأسعار الثانوية في الأسهم الخاصة تشهد بداية حدوث نوع من التطبيع، ويعد ذلك مؤشراً جيداً لعودة السيولة في المستقبل، ومع ذلك ومقارنة سريعة بالائتمان الخاص، فستجد أن الأمور هناك كانت أكثر إثارة للاهتمام بكثير خاصة مع ازدياد الاهتمام بالإقراض المباشر كبديل للقنوات البنكية التقليدية، ما يوفر فرصاً استثمارياً جاذبة للمستثمرين ولشركات التأمين ولكنه يتطلب اختيار مديري استثمار بعناية.
الائتمان الخاص
قسّم سوليفان الديون الخاصة إلى قسمين: إقراض الشركات القائم على الأرباح، والإقراض المدعوم بالأصول الذي يوفّر ضمانات أكبر ويعطي للمحفظة حماية أفضل وينتج تدفقات نقدية بشكلٍ كبير، ما يجعله خياراً جذاباً لمن يسعون إلى تحقيق عوائد دورية.
وقال «لقد كان سوق الائتمان الخاص في السابق يركّز بشكل أساسي على المستثمرين المؤسسيين، وخاصة في الإقراض القائم على أرباح الشركات.. هذا النوع من الاستثمار ملائم جداً لشركات التأمين، وإذا نُظِم بشكل صحيح فإنه يعمل جيداً لهم، لكننا نشهد الآن تحولاً، إذ بدأت المنتجات شبه السائلة باستهداف الأفراد ذوي الثروات العالية، والمكاتب العائلية، والمستثمرين الأفراد، هذا الاتجاه يجعل السوق أكثر انفتاحاً على الأفراد، وهو ما يغيّر ديناميكيات السوق خاصة في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي التي تشهد اهتماماً متزايداً من الأفراد للمشاركة في هذا النوع من الاستثمار».
وما يُثير القلق برأيه «أنه عندما يتدفق رأس المال بكميات كبيرة إلى منطقة معينة، قد يكون بعض المديرين الجدد الذين يدخلون السوق أقل مهارة وأقل نجاحاً من غيرهم، وما سيحدد النجاح في نهاية المطاف في تلك الفئات من الأصول هو عندما يحدث تباطؤ، فهل يعرف هؤلاء الأشخاص كيفية الحصول على أفضل الشروط للمستثمرين في تلك الحالات؟ لذا أعتقد أنه من المهم جدًا تجنب السائحين والتأكد من أنك تعمل مع أشخاص يعرفون ما يفعلونه».
الذهب والبيتكوين والذكاء الاصطناعي
رأى سوليفان أنه على الرغم من أن الذهب لا يقدم عوائد حقيقية، فإن هناك اهتماماً متزايداً به من قِبل البنوك المركزية بسبب العوامل الجيوسياسية، أمّا النسبة للأصول الرقمية مثل البيتكوين فقال «يمكن اعتبارها بمثابة (ذهب رقمي)، ولكنها تظل متقلبة وتتطلب دراسة دقيقة عند دمجها في المحافظ الاستثمارية.
وأضاف، «من الواضح أن الذكاء الاصطناعي سيواصل زخمه في المستقبل.. الأدوات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي أثبتت قدرتها على تحسين الكفاءة والربحية. ومع ذلك، يجب أن نأخذ في الاعتبار أن بعض الشركات المرتبطة ب الذكاء الاصطناعي قد تكون أسعارها مبالغاً فيها، ما يجعل اختيار الاستثمارات بحكمة ضرورة».
الحوكمة والمجتمع والبيئة
تعتمد مرونة المحافظ الاستثمارية والاستثمارات البديلة برأي سوليفان بدمج عوامل ESG فيها بهدف التكامل.
وأكد أهمية التنويع عبر المناطق وعوامل المخاطرة، ففي حين أن الانحياز المحلي في المحافظ الاستثمارية قد أضر بالعوائد في الماضي، خاصة في ظل الصعود القوي للأسهم الأميركية، يمكن أن يوفّر التنويع مرونة في بيئات السوق المتغيرة برأيه.
وما يجب على المستثمرين فعله هو دمج جميع مجالات ESG والمرونة والاستدامة في قراراتهم الاستثمارية لتحديد ما إذا كانت تلك القرارات جيدة أو سيئة بناءً على تلك المعايير، بعد ذلك يمكنهم التركيز على المجالات التي يهتمون بها بشكل خاص، مثل الاستثمارات المؤثرة التي تحقق أهدافاً أوسع.
وأضاف مع التغيرات المناخية الحاصلة «هناك استثمارات كبيرة قادمة في مجال التكيف مع التغيّر المناخي.. وسيحتاج العالم إلى بناء دفاعات وبنية تحتية لمواجهة هذه التغيرات، فهم هذه الديناميكيات ومعرفة أين ستتدفق رؤوس الأموال يمكن أن يساعد على تحديد فرص الاستثمارات المؤثرة».