في أحدث تطور في خريطة القوة المالية لصناديق الثروات السيادية، برزت شركة مبادلة للاستثمار الإماراتية باعتبارها مستثمراً رائداً في صناديق الثروة السيادية في العالم من حيث الإنفاق، إذ ضخت 29.2 مليار دولار أميركي في الأسواق العالمية في عام 2024.

يؤكد هذا التطورُ التحولَ المحوريَ في مشهد الاستثمارات السيادية حيث تلعب الصناديق المدعومة من الدولة دوراً متزايد الأهمية في تشكيل الاتجاهات المالية العالمية.

في هذا التقرير، نتعمق في وضع الاستثمارات السيادية في جميع أنحاء العالم في عام 2024، ونفحص أنواعها وتوزيعها الجغرافي والأدوار المتنوعة التي تلعبها عبر القارات.

وسنسلط الضوء أيضاً على اللاعبين العالميين الرائدين الذين يقودون هذا التحول، ونقدم رؤى حول كيفية إعادة تعريف هذه الصناديق للاقتصاد العالمي.

استثمارات الصناديق السيادية

تتنوع الاستثمارات السيادية، أو المملوكة للدول، بما في ذلك البنوك المركزية وصناديق الثروة السيادية وصناديق التقاعد العامة.

كانت صناديق الثروة السيادية في الماضي أداة رئيسية لحفظ الأصول للأجيال القادمة، كعوائد النفط والغاز على سبيل المثال، لكن الآن باتت أنجح هذه الصناديق لاعباً ضخماً في الاقتصاد العالمي؛ إذ تقدر القيمة الإجمالية للاستثمار السيادي العالمي بنحو 54.9 تريليون دولار أميركي في 2024، بحسب بيانات غلوبال إس دبليو إف.

ووفقاً لقاعدة بيانات صناديق الثروة السيادية، تم إنشاء 73 صندوقاً جديداً منذ عام 2010.

ولكن في حين كانت الصناديق الأولى موجودة ببساطة لتخزين الثروة، فإن الجيل الجديد يهدف إلى خلقها، وأصبحت صناديق الثروة السيادية أداة متزايدة الأهمية للسياسة الاقتصادية والصناعية المحلية.

وتَستخدم هذه «الصناديق السيادية» رأس المال العام لمحاولة القيام بالاستثمارات، وفي كثير من الأحيان لحشد التمويل العام.

على سبيل المثال، تمتلك شركة تيماسيك القابضة السنغافورية ذراع رأس المال الاستثماري، فيرتكس فينتشرز، التي تأخذ حصص الأسهم في الشركات لتشجيعها على الوجود في سنغافورة وتنشيط نظام التمويل السنغافوري.

كما أنشأت بلدان أخرى، من الصين إلى فرنسا، صناديقها الخاصة بنفس الهدف المتمثل في التنمية الاقتصادية المحلية.. ولكن هذه الأداة السياسية المتزايدة الأهمية تثير تساؤلات: كيف يبدو المشهد العالمي للصناديق الاستثمارية؟

أكبر صناديق الاستثمار السيادية في العالم

في ظل الاقتصاد العالمي المعقّد بشكل متزايد، تلعب صناديق الثروة السيادية دوراً أكثر أهمية بسبب قدرتها على توجيه كميات كبيرة من المدخرات نحو الاستثمار، وبالتالي تعزيز تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر.

تُدير صناديق الثروة السيادية على مستوى العالم أصولاً تزيد على 13 تريليون دولار أميركي، حتى نهاية 2024، ما يمثل زيادة بنحو 11.1 في المئة من إجمالي الأصول المُدارة بـ11.7 تريليون دولار في 2023.

يظل صندوق التقاعد الحكومي العالمي في النرويج أكبر صندوق ثروة سيادية، ويقترب من اختراق حاجز تريليوني دولار، بينما تحتل مؤسسة الاستثمار الصينية (CIC) وإدارة الدولة للنقد الأجنبي (SAFE) المرتبتين الثانية والثالثة للعام الثاني على التوالي.

يشغل المراكز الرابعة والخامسة والسادسة حالياً صناديق من الشرق الأوسط، إذ سجل جهاز أبوظبي للاستثمار (أديا) نحو 1.1 تريليون دولار، ثم هيئة الاستثمار الكويتية (KIA) التي تقدر أصولها المُدارة بقيمة 969 مليار دولار، ويليها صندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF) بنحو 925 مليار دولار.

الجنوب العالمي.. تزايد شعبيته كوجهة استثمارية

تتجه تدفقات الاستثمار بشكل متزايد نحو الجنوب العالمي، بما فيها بلدان الشرق الأوسط والبلدان النامية في آسيا التي تستفيد من النمو الاقتصادي القوي وسياسات التحول الأخضر.

وفي حين تظل الولايات المتحدة وجهة رئيسية لاستثمارات صناديق التقاعد السيادية، فقد انخفضت حصتها من التدفقات العالمية؛ ما يؤكد النفوذ المتزايد للأسواق الناشئة.