يهدد ارتفاع أسعار النفط الانتعاش الذي يشهده سوق العمل والاقتصاد الأميركي الذي ينمو بوتيرة سريعة، إذ تقترب أسعار الخام الأميركي بسرعة من 90 دولاراً للبرميل، وتقترب أسعار النفط العالمية من مستوى 92 دولاراً للبرميل وسط مخاوف بشأن حرب أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط، ما أدى إلى رفع أسعار البنزين في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوياتها في خمسة أشهر.

ويكمن الخطر في استمرار أسعار النفط في الارتفاع، ما يضر بالإنفاق الاستهلاكي ويبطل التقدم الكبير في كبح جماح التضخم، وقد يتسبب ذلك في قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي بتأخير تخفيضات أسعار الفائدة وإثارة مخاوف المستثمرين في وول ستريت.

وقال مارك زاندي، كبير الاقتصاديين في وكالة موديز، لشبكة CNN في مقابلة عبر الهاتف «إنه أخطر تهديد للاقتصاد» مضيفاً «لا شيء يلحق الضرر بالاقتصاد بشكلٍ أسرع من ارتفاع أسعار النفط».

ليس هذا فحسب، بل إن عواقب سياسية هائلة قد تترتب على ذلك إذا ارتفعت أسعار البنزين إلى ما يتجاوز 4 دولارات للغالون وظلت عند هذا المستوى.

أسعار الغاز

نشرت وكالة موديز نموذجاً في وقتٍ سابق من هذا العام أظهر أن أسعار الغاز هي متغير رئيسي في انتخابات نوفمبر تشرين الثاني، وهو نموذج يمكن أن يقلب الموازين لصالح الرئيس السابق دونالد ترامب.

وقال زاندي «إذا تجاوز سعر الغالون أربعة دولارات لأكثر من شهرين أو ثلاثة أشهر، فإن ترامب سيفوز».

ارتفعت أسعار النفط الأميركي فوق 87 دولاراً للبرميل أواخر الأسبوع الماضي للمرة الأولى منذ أواخر أكتوبر تشرين الأول، مرتفعة بنحو 21 في المئة هذا العام.

وكان سبب هذا الارتفاع في أسعار النفط إلى حد كبير هو الاضطرابات الجيوسياسية في الشرق الأوسط والحرب بين روسيا وأوكرانيا، وساعدت هجمات الطائرات بدون طيار على مصافي النفط في روسيا على رفع أسعار النفط الشهر الماضي.

وينصب التركيز الآن على الشرق الأوسط وكيف سترد إيران على الغارة الجوية القاتلة التي وقعت الأسبوع الماضي على مجمع سفارتها في سوريا.

وتعهد المسؤولون الإيرانيون بالانتقام من إسرائيل، التي لم تعلن مسؤوليتها عن الهجوم لكنها قالت إن الهدف كان «مبنى عسكرياً لقوات القدس» وهي وحدة تابعة للحرس الثوري الإيراني مسؤولة عن العمليات الخارجية.

قال أندي ليبو، رئيس شركة ليبو أويل أسوشيتس «إن احتمال انقطاع الإمدادات يتزايد، هناك خوف من رد فعل انتقامي قد يؤدي إلى اضطراب أسواق الطاقة».

التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط

وأضاف «من السهل جداً ارتفاع سعر خام برنت إلى 95 دولاراً للبرميل، وإذ وقع حدث جيوسياسي آخر في الشرق الأوسط، فإن وصول سعر خام برنت إلى 100 دولار ليس مستبعداً».

وقال جو بروسويلاس، كبير الاقتصاديين في (آر إس إم)، إن «أكبر خطر خارجي على الاقتصاد الأميركي هو التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط» لأنها ستعزز أسعار النفط والبنزين.

ومع ذلك، قال بروسويلاس إن أسعار النفط يجب أن ترتفع إلى مستوى أعلى بكثير، إلى نحو 115 إلى 130 دولاراً للبرميل، قبل أن يثير ذلك شبح الركود.

وارتفعت أسعار الغاز في الولايات المتحدة إلى 3.58 دولار للغالون في المتوسط على المستوى الوطني يوم الجمعة، وهذا يعني زيادة بمقدار أربعة سنتات في الأسبوع و21 سنتاً في الشهر.

وبعيداً عن التوترات في الشرق الأوسط، فقد تعززت أسعار النفط والغاز بفضل منظمة أوبك وحلفائها، الذين يواصلون تقييد العرض.

هناك عوامل موسمية قوية تلعب دوراً أيضاً، وعادة ما ترتفع أسعار البنزين في الربيع مع تحول المصافي إلى وقود صيفي أكثر تكلفة ومع خروج المزيد من الناس إلى الطرق، ما يعزز الطلب.

وكلما ارتفعت أسعار الغاز، بدت قراءات التضخم المقبلة أسوأ، سيقوم مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي بتمشيط تقارير التضخم القليلة القادمة عن كثب أثناء مناقشة ما إذا كان سيتم خفض أسعار الفائدة الأميركية في يونيو حزيران.

وقال فنسنت راينهارت، الخبير الاقتصادي السابق في بنك الاحتياطي الفيدرالي والذي يشغل الآن منصب كبير الاقتصاديين في دريفوس وميلون، لشبكة CNN إن التضخم قد يعاود الارتفاع بسبب أسعار السلع، بما في ذلك السلع الأساسية.

ويعتقد راينهارت أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيخفّض أسعار الفائدة في يونيو حزيران، ويرجع ذلك جزئياً إلى رغبة المسؤولين في استباق موسم الانتخابات عندما تخضع استراتيجيتهم لتدقيق سياسي أكثر كثافة.

والخبر السار هو أنه على الرغم من المخاطر المتزايدة، فإن بعض المخضرمين في سوق الطاقة متمسكون بتوقعاتهم المتفائلة بحذر.

وقال باتريك دي هان، رئيس تحليل النفط في غازبدي، لشبكة CNN، إنه لا يزال يتوقع أن يصل متوسط أسعار الغاز إلى نطاق ثلاثة دولارات ما لم يتسبب إعصار كبير في إتلاف مصافي التكرير الأميركية.

وقال دي هان: «ما زلت لا أعتقد أن المعدل الوطني للغالون البالغ 4 دولارات أصبح وشيكاً».