ترامب يلوح بتراجع جديد في الرسوم.. سياسة متقلبة تُربك الأسواق

تصرفات الإدارة الأميركية تجاه الرسوم ترتبك بين التصعيد والتراجع، ما يخلق حالة من عدم اليقين للمستثمرين والمصنعين. (CNN)
ترامب
تصرفات الإدارة الأميركية تجاه الرسوم ترتبك بين التصعيد والتراجع، ما يخلق حالة من عدم اليقين للمستثمرين والمصنعين. (CNN)

قال مسؤولون في الإدارة الأميركية إن الرئيس دونالد ترامب ربما يستعد للتراجع عن بعض الرسوم الجمركية المفروضة على كندا والمكسيك، بعد موجة قلق أصابت وول ستريت وشركات عديدة في مختلف أنحاء البلاد.

تأتي هذه الأنباء عقب ثاني هبوط حاد متتال في سوق الأسهم الأميركية، بالإضافة إلى رسوم انتقامية فرضتها كندا والصين، وتحذيرات أعضاء في الحزب الجمهوري من خطورة الاستمرار في تصعيد الرسوم.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

وفي خطاب يوم الثلاثاء، أصر ترامب على فرض رسوم بنسبة 25 في المئة على الواردات الكندية والمكسيكية، فضلاً عن زيادات في الرسوم على البضائع الصينية، بيد أن هوارد لوتنيك، وزير التجارة الأميركي، أدلى الثلاثاء مساء بتصريح مفاجئ أشار فيه إلى أن ترامب «ربما» سيعلن يوم الأربعاء عن تسوية وسطية مع كندا والمكسيك.

تصريحات وزير التجارة الأميركي

صرح لوتنيك في مقابلة مع شبكة فوكس بيزنس أن كلاً من كندا والمكسيك ضغطتا عليه طوال اليوم، وأنه يعتقد أن الرئيس «سيجد صيغة مشتركة». وأشار إلى أنها لن تكون مجرد «تعليق مؤقت» وإنما «حل وسط» حيث يطلب ترامب مزيداً من التنازلات الأمنية أو التجارية مقابل خفض نسبة من الرسوم.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

وفي مقابلة صحفية أخرى صباح الأربعاء، أوضح لوتنيك أن ترامب «يفكر في خطة» قد تبقي الرسوم بنسبة 25 في المئة على كندا والمكسيك، لكنه قد يستثني بعض القطاعات، من بينها صناعة السيارات.

وقد شهدت أسهم شركات جنرال موتورز وفورد وتويوتا وهوندا وستيلانتيس ارتفاعاً في تعاملات الصباح على خلفية هذه المعلومات.

رسائل متباينة ونتائج في الأسواق

رغم الإشارات التي قدمها لوتنيك خلال الأيام الماضية إلى احتمال التراجع، فرض ترامب فعلياً عند منتصف ليل الثلاثاء رسوماً بنسبة 25 في المئة على جميع السلع المستوردة من المكسيك وكندا، مع استثناء للطاقة الكندية فقط (التي طالها رسم أقل).

كما أضاف 10 في المئة على الرسوم القائمة مسبقاً على الواردات الصينية، وأدت هذه القرارات إلى تراجع مؤشر داو جونز بنحو 1300 نقطة خلال يومين، وتعبير قيادات في عالم المال والأعمال عن استيائها.

كما أوردت مصادر في البيت الأبيض أن مكتب الرئيس تلقى مناشدات متكررة من نواب جمهوريين، يعبرون عن خشية مزارعين ومصنعين من تداعيات الرسوم الانتقامية، وأفاد مسؤول كبير بأن سوزي وايلز، كبيرة موظفي البيت الأبيض، أجرت مكالمات مكثفة مع أعضاء من الكونغرس «طوال اليوم».

لقاء محتمل مع رئيس الوزراء الكندي

ينتظر أن يجري ترامب اتصالاً مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو صباح الأربعاء، وفق مصدر مطلع، لكنَّ مصادر كندية حكومية وصناعية تؤكد أن تسوية متكاملة لم تُنجز بعد، وأن من ضمن المواضيع محل النقاش هو تدابير أمن الحدود، إضافةً إلى إعفاءات مخصصة تطابق شروط اتفاقية USMCA للتجارة الحرة.

وتشهد أسواق الأسهم ارتفاعاً صباح الأربعاء في تعاملات ما قبل الافتتاح، غير أن التجارب السابقة توحي بأن هذا التفاؤل قد يكون مؤقتاً، إذ كثيراً ما عادت الإدارة لتفرض رسوماً أو تضع نسباً مختلفة بطرق مفاجئة.

تكرار السيناريو

منذ توليه المنصب، ألمح ترامب مراراً إلى فرض رسوم حادة «منذ اليوم الأول»، لكنه أجلها عدة مرات، ففي بداية فبراير شباط وعد برسوم على المكسيك وكندا ثم أخَّر تنفيذها.

وتراجع أيضاً عن معدلات عالية (60 في المئة) كان قد أعلنها سابقاً على الواردات الصينية واستقر الأمر عند 10 في المئة، كما أُلغي إعفاء «de minimis» الذي يعفي الشحنات الأقل من 800 دولار أميركي من الرسوم، ثم أعيد مؤقتاً.

ورغم توعده بفرض «رسوم متبادلة» كبيرة، أعلن ترامب عن خطة غامضة في 13 فبراير شباط خلا بيانها من التفاصيل الواضحة واشتملت على تاريخ مبدئي (2 أبريل نيسان) دون تحديد فئات المنتجات أو الدول التي ستطالها.

لاحقاً، فرض رسوماً إضافية على الصلب والألومنيوم، لكن النسبة لم تكن مرتفعة بقدر ما وعد به سابقاً.

ثم جاء 3 مارس آذار الذي توقع فيه مراقبون نوعاً من التراجع أو التعليق، بيد أن ترامب نفذ مزيداً من الرسوم بدلاً من التراجع.

وأسفر هذا النهج المتقلب عن حالة من الارتباك لدى الشركات التي تعجز عن التخطيط لمستقبلها، فضلاً عن صدمة أخرى لوول ستريت، أثناء خطابه أمام الكونغرس أشار ترامب إلى أن الرسوم «غير شعبية» وقد تلحق بعض الضرر بالقطاعات الزراعية، داعياً إلى «التحلي بالصبر».

الترقب مستمر

الآن، تستقبل الأسواق المؤشرات الجديدة من لوتنيك بشيء من التفاؤل، لكنه تفاؤل حذر بانتظار تفاصيل إضافية قد يُعلنها ترامب قريباً، ومع توالي حلقات ما وصفه البعض بـ«دوامة الرسوم»، تظل مسألة بقاء تلك الرسوم أو إلغائها رهناً بحسابات إدارة تتأرجح بين التشدد والتنازل.

(ديفيد غولدمان - CNN)