يبدأ موسم الأفلام الصيفية عادةً بضجة كبيرة خلال شهر مايو أيار، خاصة خلال عطلة نهاية الأسبوع في يوم الذكرى، لكن هذا العام جاء الأمر مختلفاً بالنسبة إلى شباك التذاكر الأميركي، ما عكس تأثير التضخم وإضرابات نقابة الكتّاب.
تقدر مبيعات تذاكر السينما في عطلة نهاية الأسبوع في يوم الذكرى (من الجمعة إلى الاثنين) بمبلغ 128.3 مليون دولار، وفقاً لبيانات كومسكور المقدمة لشبكة CNN، وهذا أقل من عطلة نهاية الأسبوع في يوم الذكرى العام الماضي، التي سجلت نحو 205 ملايين دولار من إجمالي الإيرادات.
كما تعتبر أقل بكثير مقارنة بالعطلة منذ أكثر من 10 أعوام، عندما قاد فيلم فاست آند فوريوس بجزئه السادس عطلة نهاية الأسبوع إلى 314.3 مليون دولار، في عام 2013.
في الواقع، فإن شباك التذاكر الأميركي في طريقه لتحقيق أقل إيرادات في عطلة نهاية الأسبوع في يوم الذكرى منذ عام 1995، عندما حقق فيلم كاسبر 117.1 مليون دولار.
وأشارت التقديرات إلى اعتلاء فيلم فوريوسا من ملحمة ماد ماكس، صدارة الإيرادات بنحو 32 مليون دولار في عطلة نهاية الأسبوع.
تأثير الإضرابات
يتوقع بوكس أوفيس برو أن يصل إجمالي شباك التذاكر لعام 2024 إلى 8.2 مليار دولار، أي أقل بنحو 10 في المئة من 9 مليارات دولار في العام الماضي.
تعكس البداية الباهتة في شباك التذاكر الأميركي، معاناة موسم عرض الأفلام من آثار إضرابات هوليوود، إذ بدأ إضراب رابطة الكُتاب الأميركيين، في الثاني من مايو أيار العام الماضي، بعد محاولات فاشلة مع شركات الإنتاج الكبرى لرفع الحد الأدنى للأجور.
وتعتبر رابطة الكُتاب الأميركية مسؤولة عن كتابة السيناريوهات والأفلام والمسلسلات التي تنتج في الولايات المتحدة، ويعد هذا الإضراب الأول منذ 15 عاماً، إذ سبق أن أضربت الرابطة عن العمل في عام 2007 لمدة 100 يوم بتكلفة وصلت إلى نحو 100 مليار دولار.
وقال بول ديجارابيديان، كبير محللي وسائل الإعلام في كومسكور، لشبكة CNN إن الصيف هو أهم موسم لمشاهدة الأفلام في العام، إذ يمثل في المتوسط ما يقرب من 40 في المئة من إجمالي الإيرادات السنوية المحلية، لذلك فهو يعتبر مؤشراً للعام بأكمله.
ووفقاً لبيانات كومسكور، فإن فيلمي باربي وأوبنهايمر مجتمعين أضافا خلال الصيف الماضي ما يقرب من مليار دولار إلى شباك التذاكر المحلي؛ لكن هذا العام، تراهن الاستوديوهات على قائمة كبيرة من الأجزاء التكميلية وأفلام الرسوم المتحركة لدفع عجلة الإيرادات لشباك التذاكر.
بدوره، رجح المحلل شون روبينز، مؤسس ومالك شركة بوكس أوفيس ثريوي، انخفاض إيرادات هذا الصيف بنسبة قد تصل إلى 25 في المئة من إجمالي إيرادات شباك التذاكر بين مايو أيار وأغسطس آب مقارنة بالعام الماضي.
عطلة نهاية الأسبوع
حتى عام 2020، كان الاعتماد على الفترة بين عطلة نهاية الأسبوع في يوم الذكرى وعيد العمال لتحقيق ما يصل إلى 4 مليارات دولار من الإيرادات المحلية، وفقاً لبيانات كومسكور.
وكانت الأرباح المحلية لعام 2023 هي الأعلى منذ جائحة كوفيد-19، إذ بلغت 4 مليارات دولار، لكنها تظل أقل بنحو ملياري دولار من المبيعات السنوية قبل الجائحة، وفقاً لشركة كومسكور.
وفي الأغلب، فإن عطلة نهاية الأسبوع الافتتاحية شمالاً تفتتح الإيرادات بقيمة 100 مليون دولار فقط في أفلام الحركة التي تعتمد على الملكية الفكرية مثل أفلام حرب النجوم وأفلام الأبطال الخارقين، لكن الأمر لم يتحقق خلال العام الجاري.
وقال ديرغارابيديان، إنه بدون فيلم من أفلام مارفيل للأبطال الخارقين، الذين يمكنهم توفير عطلة نهاية أسبوع افتتاحية تزيد قيمتها على 100 مليون دولار لاستمرار الزخم، سيتعين على هذا الصيف تعويض الخسائر في يونيو حزيران ويوليو تموز.
ديزني ومارفيل يقودان الزخم السينمائي
هناك فيلمان يقول المحللون إنهما قد يتجاوزان عتبة 100 مليون دولار هذا الصيف، هما ديدبول آند ولفرين، والجزء الثاني من إنسايد آوت، وكلاهما من توزيع استوديوهات والت ديزني.
من جهته قال دانيال لوريا، مدير تحرير بوكس أوفيس برو، إن الإضرابات -على الرغم من مبالغتنا في بعض الأوقات في وصفها- أثرت في شباك التذاكر، خاصة مع تأخر الإنتاج في الاستديوهات، بالتزامن مع ازدهار حركة البث الرقمي.
وأكد لوريا أن عروض ديزني الصيفية، سواء من قسمي بيكسار أو مارفيل، ستكون حاسمة لكيفية أداء شباك التذاكر لعام 2024 بشكل عام.
من المتوقع أن يحقق الجزء الثاني من إنسايد آوت إيرادات تتراوح بين 80 مليون دولار و100 مليون دولار، وفقاً لبيانات ما قبل البيع من بوكس أوفيس برو.
في الوقت نفسه، من المنتظر أن يعيد فيلم ديدبول آند وولفرين، وهو فيلم مارفيل الوحيد الذي أُصدر هذا الصيف، إعادة حماس الجمهور إلى شباك التذاكر بعد خيبة أملهم في فيلم ذا مارفيلز في نوفمبر تشرين الثاني الماضي مع عطلة نهاية الأسبوع الافتتاحية التي بلغت 47 مليون دولار فقط.
ويرجح لوريا أن تتراوح إيرادات الفيلم بين 170 مليون دولار و210 ملايين دولار.
يتفق خبراء الصناعة على أن شباك التذاكر لعام 2024 كان بطيئاً حتى الآن، لكنهم يأملون أن ينتعش شباك التذاكر بحلول نهاية العام وما بعده.
التضخم العنيد
يمثل الإنفاق الاستهلاكي المحرك الأول لدعم الاقتصاد الأميركي، لذلك يمكن أن يمثل عزوف المستهلكين عن الإنفاق ضربة موجعة للنمو الاقتصادي، حتى إن كان سيسهم في كبح التضخم.
وبسبب موجة التضخم الأخيرة، قلص العديد من المستهلكين في الولايات المتحدة عادات الإنفاق المعتادة، بما في ذلك نفقات الترفيه.
وفي عام 2023، ارتفعت تكلفة تذاكر السينما في الولايات المتحدة بنسبة 15 في المئة على مستويات ما قبل الجائحة، لكن الذهاب إلى السينما يظل موفراً نسبياً مقارنة بتناول الطعام بالخارج أو حضور الحفلات الموسيقية أو غيرها من وسائل الترفيه الشعبية، وفقاً لما أوردته فارايتي.
وبالطبع كان التضخم ضمن محفزات الإضرابات العمالية في هوليوود، كما تأثرت صناعة السينما برمتها بالأسعار المرتفعة، بدءاً من العمالة إلى النقل، وتأمين المواد اللازمة لمواقع التصوير، فضلاً عن التكاليف المرتبطة بترتيب التمويل، التي زادت أيضاً مع استمرار ارتفاع أسعار الفائدة.
وعلى الرغم من تراجع معدل التضخم كثيراً عن المستويات القياسية التي سجلها في صيف 2022، فإنه يظل بعيداً عن الحد الحكومي المستهدف البالغ 2 في المئة، وقد يكون الطريق طويلاً نسبياً للوصول إلى هذا الهدف المثالي.