عبدالصمد علي، 20 عاماً، يقف في أحد فروع متجر كبير لبيع المنتجات الغذائية، يمسك بعبوة قهوة فورية ثم يمسح الكود بهاتفه ليرد عليه التطبيق بالحكم النهائي (شراء أم مقاطعة). تبنى الكثير من المصريين دعوات مقاطعة عدد من المنتجات العالمية بسبب الحرب في غزة.

ويستخدم المصريون وزنهم السكاني الذي يتخطى 105 ملايين نسمة كأداة عقاب في أيديهم، إذ إنهم يشكلون أكبر كتلة استهلاكية في المنطقة، ما قد يشكّل ضغطاً على الشركات العالمية وحكومات البلدان الغربية لتتخذ موقفاً مختلفاً من الحرب في غزة.

مقاطعة المنتجات العالمية بسبب حرب غزة
صورة لعبد الصمد علي أثناء استعمال تطبيق المقاطعة على هاتفه الذكي. تصوير كريم حسام الدين

وأدت هذه المقاطعة لازدهار ملحوظ في مبيعات العلامات التجارية المحلية مثل سبيرو سباتس ومصر كافيه وفي سفن وغيرها من المنتجات المصرية، التي حققت ارتفاعاً ملحوظاً في حجم مبيعاتها طوال الأسابيع الماضية بسبب حملة المقاطعة في مصر والتي تزداد شعبيتها يوماً بعد يوم منذ بداية الحرب في غزة في السابع من أكتوبر تشرين الأول.

هيثم أبو لبن مدير المبيعات في شركة مصر كافيه قال في اتصال مع «CNN الاقتصادية» إن «المبيعات ارتفعت بنسبة 30 في المئة، بدأنا تلقي اتصالات منذ ثاني أيام الحرب للسؤال عن منتجاتنا وأماكن توزيعها وإذا كنا علامة تجارية مصرية خالصة أم تمتلك شركات أجنبية حصصاً في أسهمنا، فبدأنا توزيع منتجاتنا والتوصيل إلى الكثير من المتاجر والمنازل».

أضاف أبو لبن «نحن نسوق منتجاً حساساً يعتمد على ذائقة مستهلكي البن، وعلى الرغم من تساوي جودتنا مع جودة القهوة سريعة الذوبان من العلامات العالمية فإن المستهلك معتاد على مذاق معين للقهوة، وتغيير ذائقته ليعتاد على منتج آخر عملية تأخذ وقتاً طويلاً، جاءت الحرب فجأة لتختصر كل خطط التسويق وتغير الذائقة، ما أدركناه منذ اللحظة الأولى أننا تجاوزنا كل مراحل التسويق والدعاية التقليدية، وأن علينا إتاحة منتجاتنا في نقاط بيع أكثر».

مقاطعة المنتجات العالمية بسبب حرب غزة
صورة من داخل متجر لبيع المنتجات الغذائية في القاهرة. تصوير كريم حسام الدين

عبدالصمد علي، الشاب ذو الهاتف وتطبيق المقاطعة، أوضح أنه «توقف عن احتساء البن الذي تنتجه الشركة العالمية من أجل التعود على مذاق البن المحلي».

وتنتج مصر كافيه القهوة الفورية منذ عام 1984 باستخدام أنواع مختلفة من البن الأخضر تُجلب من آسيا وإفريقيا، وتوظف مصر كافيه نحو 800 عامل في مصنعها في مدينة العاشر من رمضان، الواقعة شرق العاصمة المصرية، وشهدت مبيعاتها -بحسب

أبو لبن- نمواً يُقدر بخمسة في المئة العام الماضي بسبب أزمة ارتفاع أسعار المنتجات العالمية جرّاء التضخم وتخفيض قيمة الجنيه المصري.

وشهدت مبيعات سبيرو سباتس المصنعة للمياه الغازية صعوداً كبيراً بلغ 300 في المئة الأسابيع الماضية، بحسب الشركة، ما جعل المنتج القديم الذي يتخذ من النحلة السوداء شعاراً له أبرز الرابحين من حملة المقاطعة الحالية.

مقاطعة المنتجات العالمية بسبب حرب غزة
صورة من داخل متجر لبيع المنتجات الغذائية في القاهرة. تصوير كريم حسام الدين

وقال أحد مديري التسويق، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، في لقاء مع «CNN الاقتصادية» إن حملة المقاطعة تساعد شركته بشكل كبير، ولكن «علينا الاستفادة من هذه الحرب لتحقيق بعض المكاسب لأن بعد نهاية الحرب وعودة المياه إلى مجاريها سيتوجه المستهلكون للمنتجات العالمية تدريجياً وسيتوجب علينا مواجهة أموال الدعاية الضخمة التي ستنفقها الشركات متعددة الجنسيات لمحاولة استعادة حصتها السوقية».

بدأ انتشار منتجات الشركات العالمية في مصر منذ عام 1975 مع سياسة الانفتاح الاقتصادي التي تبناها الرئيس المصري السابق أنور السادات بعد حرب السادس من أكتوبر تشرين الأول 1973، ما أتاح أمام المستهلك في السوق المصرية منتجات أكثر تنوعاً وتطوراً مقارنةً بالمنتجات المحلية، التي هيمنت بشكل شبه كلي على السوق في البلاد إبان الفترة الاشتراكية في عهد الرئيس جمال عبدالناصر.