من اللاجئين السوريين في أراضي الأردن، إلى نيجيريا، البلد الأعلى في العالم من حيث استخدام البيتكوين بالتحويلات المالية، وأيضاً البلدان التي شهدت انهيارات مصرفية كبدت الناس فيها خسائر ضخمة في مدخراتهم، كانت العملات المشفرة الحل الأوحد لمشكلات الشمول المالي، وحتى الإعانات الإنسانية، وهي بذلك لم تكن حكراً على طبقات اجتماعية معينة، بل شكلت بديلاً لفئات واسعة من المجتمعات.
ولعل النقطة الأبرز في عالم العملات المشفرة، استهدافها بشكل أساسي لفئة الشباب، الأكثر قدرة على استخدام التكنولوجيا، الأمر الذي عزز من شعبيتها في العالم ككل.
بيتكوين تتجه نحو 100 ألف دولار
منذ أن طرح ساتوشي ناكاموتو، الشخصية الغامضة إلى يومنا هذا، الورقة البيضاء الخاصة به، أو ما يسمى بالبرنامج المرجعي الأصليّ للبيتكوين والتي فتحت الطريق أمام أول قاعدة بيانات في عالم سلسلة الكتل، حتى يومنا هذا، تطورات خيالية شهدها سوق العملات المشفرة.
فمن سعر لا يتعدى 0.04 دولار في 2013، أصبحت البيتكوين اليوم عملة تناهز قيمتها السوقية 1.3 تريليون دولار، بسعر يفوق 65 ألف دولار للعملة الواحدة، لتقفز معها السوق ككل إلى نحو 2.43 تريليون دولار، الأمر الذي كرس وجودها كأسرع الأصول نمواً في التاريخ المالي الحديث.
وعلى الرغم من المطبات التي شهدتها السوق، خصوصاً بعد انحسار جائحة كورونا، والفضائح المتتالية مثل إفلاس منصة إف تي إكس، والقبض على كل من سام بانكمان فريد، ودو كوون، مؤسس عملة تيرّا، فإن كل هذه الأمور كانت تتعلق بشكل خاص بالأشخاص بحد ذاتهم الذين اقترفوا أفعالاً مشابهة للبونزي سكيم التي كان من أشهر رجالاتها بيرني مادوف، إبان الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008، ولم تحدث جراء خلل في النظام بحد ذاته، حسبما قال عمرو زكريا، الخبير في أسواق المال ومؤسس أكاديمية ماركت ترايدر، في حديث خاص لمنصة «CNN الاقتصادية».
وأضاف زكريا أن عالم العملات المشفرة، الذي لم يتجاوز عمره 15 سنة، استطاع رغم كل الظروف المتقلبة التي مر بها الاقتصاد العالمي، أن يبرز كأحد أهم الأصول المالية وأقدرها في مواجهة الأزمات، من الركود إلى التضخم والتشديد النقدي غير المسبوق الذي شهدناه منذ منتصف عام 2023.
وإذ توقع زكريا أن تتجاوز البيتكوين حاجز 100 ألف دولار نهاية العام الجاري، لفت إلى أن هذا الرقم حتى، قد يكون ضئيلاً بالنسبة للنمو المستمر لهذه العملة، التي ارتفعت منذ بداية العام الجاري بنسبة 56 في المئة، كاسرة الحاجز الفني حالياً عند 65 ألف دولار، ومتجهة نحو 70 ألف دولار، وهو رقم سيكون غير مسبوق لها.
أما العوامل التي تدفع العالم نحو هذا التفاؤل بشأن البيتكوين، فقال زكريا إن أهمها التصريح بصناديق تداول البيتكوين في الولايات المتحدة، التي شنت بالفعل أعنف الحروب القضائية على الأصول المشفرة مؤخراً، قبل أن ترضخ للأمر الواقع مثلما حدث في الدعوى القضائية التي ربحتها شركة ريبل على هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية مؤخراً.
وتابع أن ثاني أهم العوامل هي التوجه الرقمي العالمي والإقبال المتزايد على تحوط الأفراد في عالم لامركزي، بعد فقدانهم الإيمان بمنظومة المصارف المركزية العالمية، ولم يستبعد أن تتجه البنوك المركزية بدورها في نهاية المطاف لتبني الأصول المشفرة.
وأردف قائلاً إن كون بيتكوين من الأصول المحدودة من حيث حجم تعدينها، فإن اقتراب العالم اليوم من نسبة 94 في المئة من إجمالي ما يمكن تعدينه، أمر بلا شك سيرفع الطلب وسط عرض متناقص، وهي عملية حسابية اقتصادية بسيطة من شأنها رفع الأسعار نحو قمم جديدة.
الإيثريوم نحو 10 آلاف دولار
من ميزات عملة الإيثريوم، أن من شأنها نقل أصول ملكية بسرعة فائقة على إثبات ملكية حصرية بين طرفين، دون أية تكاليف إضافية مهما كان مرتفعاً حجم الصفقة.
وأوضح أن ميزة أخرى مهمة جداً في عملة الإيثر، كونها توسعت لتشمل الرموز غير القابلة للاستبدال لتشمل اللوحات الفنية والمقطوعات الموسيقية الرقمية، الأمر الذي سمح لها كذلك بأن تكون شبكة انتقال هائلة للبيانات، ليس بسرعة فائقة فقط، بل أيضاً في ظل تأمين حماية كاملة لكلا الطرفين.
وتوقع أن سعر الإيثر قد يناهز 10 آلاف دولار نهاية العام الجاري، كونها اليوم، حسب رأيه، بقيمة متدنية قياساً بالبيتكوين، والطلب عليها آخذ بالازدياد بشكل مطرد وسط تبني العالم فكرة اللامركزية، مشيراً إلى أن العملات المشفرة بشكل عام حلت مشكلات عديدة خصوصاً فيما يخص الشمول المالي.
ويرى زكريا أن الفترة الماضية التي شهدت تشدداً بالسياسة النقدية عالمياً، وارتفاعاً بالتضخم، والتي شكلت دعماً للعملات المشفرة، لن يحدث تغيرها أي خضة في سوق العملات المشفرة، بل ستبقى مستفيدة من كل هذه المتغيرات الاقتصادية.