على بعد 40 كيلومتراً من وسط العاصمة السعودية الرياض، تقع مدينة القدية، إحدى مبادرات صندوق الاستثمارات العامة التي تدعم مستهدفات رؤية السعودية 2030 الرامية إلى تنويع روافد اقتصاد السعودية وتوفير المزيد من فرص العمل وتحسين جودة الحياة.

وأطلق ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، المخطط الحضري لمدينة القدية والعلامة التجارية العالمية لها، موضحاً في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السعودية أن المدينة ستكون الأبرز عالمياً في مجالات الترفيه والرياضة والثقافة.

.

ما هي القدية؟

مدينة القدية واحدة من المشاريع الكبرى التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، والمعروفة باسم «غيغا بروجيكتس»؛ التي تضم أيضاً مشاريع نيوم، وروشن، والبحر الأحمر، والدرعية، وستكون رافداً أساسياً في دعم مستهدفات رؤية 2030 في قطاع السياحة، بما ينعكس على الاقتصاد السعودي.

وتهدف القدية التي أعلن عنها الأمير محمد بن سلمان عام 2017، إلى تحسين جودة الحياة، كما تسهم في جذب المزيد من الاستثمارات إلى الرياض، بصفتها واحدة من أبرز المدن العربية الجاذبة للاستثمار.

وكان العمل قد بدأ في مشروع القدية بالفعل بضخ نحو 10 مليارات ريال في مشاريع البناء، علماً بأنها تقع في قلب جبال طويق على بعد 40 دقيقة من وسط الرياض.

القدية في أرقام

مركز عالمي للترفيه

ووفقاً لوكالة الأنباء السعودية، فإن نتائج الأبحاث التي استمرت على مدى عقود، أثبتت تأثير الأنشطة الترفيهية في تنمية المعرفة، والتعبير العاطفي، وتعزيز المهارات الاجتماعية والتعاطف، وتحسين حس الإبداع، فضلاً عن تأثيرها في الصحة البدنية، لذلك تبنت القدية هذه الأنشطة علامة تجارية لها، كما تستهدف توفير تجارب ممتعة في مجالات الترفيه والرياضة والثقافة.

وتتألف القدية من 60 ألف مبنى على مساحة 360 كيلومتراً مربعاً، على أن تحتضن أكثر من 600 ألف نسمة.

ومن المقرر أن توفر المدينة أكثر من 325 ألف فرصة عمل، بما يضمن زيادة الناتج المحلي الإجمالي للسعودية بنحو 135 مليار ريال.

ولأنها تتميز بمعالمها الطبيعية، وستضم مقراً عالمياً للألعاب الإلكترونية ورياضة السيارات، فإن القدية تستهدف استقبال 48 مليون زيارة سنوياً.

كما تضم القدية مضمار سباقات الفورمولا 1، بالإضافة إلى مدينة رياضية لكرة القدم تحتوي على أكبر متحف أوليمبي عالمياً، ومنتزه 6 فلاغز القدية الترفيهي؛ الذي أُنجز نحو 59 في المئة من أعمال بنائه بالفعل، ليشمل 6 مناطق تشتمل على 28 لعبة.

وتشمل المدينة أيضاً ملعبين للغولف مجهزين لاستضافة البطولات العالمية في القدية، بينما تغطي هذه الملاعب نحو 1.6 مليون متر مربع من المشروع، بما يعادل مساحة 215 ملعب كرة قدم، وفقاً لما أوردته القدية على موقعها الرسمي.

وكشفت القدية عن متنزه للألعاب المائية أيضاً يعتبر الأول من نوعه في السعودية، ليتكون من 8 مناطق، تضم 81 كوخاً فاخراً، وأول مدرسة لتعليم ركوب الأمواج.

ومن المقرر افتتاح أول الأصول في المدينة خلال العامين المقبلين، وتم الانتهاء من نحو 61 في المئة من المشروع، إذ وصلت أغلب المعدات.

رؤية الرياض

وتتماشى القدية مع مستهدفات رؤية الرياض التي أعلن عنها الأمير محمد بن سلمان، في النسخة الرابعة من منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار قبل عامين، موضحاً مستهدفات هذه الرؤية بأن تصبح الرياض واحدة من أكبر 10 اقتصادات مدن في العالم، إلى جانب إنشاء أكبر مدينة صناعية عالمياً، ورفع عدد السكان إلى ما يتراوح بين 15 و20 مليون نسمة بحلول عام 2030، ما يعكس قوة المدن وتأثيرها في نمو الاقتصاد السعودي مستقبلاً.

وقال ولي العهد السعودي حينذاك، إن 85 في المئة من اقتصاد العالم يعتمد على المدن، متوقعاً نمو هذه النسبة إلى نحو 95 في المئة خلال السنوات المقبلة، ومن هنا جاءت رؤية الرياض، لأن التنمية تبدأ من المدن في العديد من القطاعات مثل الصناعة، والابتكار، والتعليم، والسياحة، والخدمات.

وأشار إلى ضرورة الاهتمام بالمدن التي يمكنها تعزيز الناتج المحلي الإجمالي، إذ تشكل الرياض نحو 50 في المئة من الاقتصاد غير النفطي في السعودية، فضلاً عن انخفاض تكلفة تطوير البنى التحتية فيها بنحو 29 في المئة عن باقي مدن المملكة، إضافة إلى انخفاض تكلفة توفير الوظائف فيها بنسبة 30 في المئة مقارنة بباقي مدن المملكة.

ويستهدف مشروع القدية توفير عدد كبير من الوظائف، نظراً لتشكيل الفئة العمرية الأصغر من 35 عاماً نحو 67 في المئة من إجمالي السعوديين، وبالتالي فإن المشروع يعمل على توفير فرص العمل لهم، وتعزيز روافد الاقتصاد عبر السياحة الداخلية أيضاً.

كما تسعى القدية إلى توفير الفرص للمستثمرين، بما يشمل المقاولين، والموردين، وشركاء رأس المال الاستراتيجيين، وشركاء تطوير البنية التحتية، ومقدمي خدمات الرعاية الصحية، وذلك بهدف تعزيز ثقافة ريادة الأعمال وتمكين الشركات الناشئة، وفقاً لمستهدفات رؤية 2030، بالإضافة إلى تعزيز مساهمة قطاع الترفيه في الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 4.2 في المئة بحلول 2030.

القدية تتأهب لمونديال 2034

مع استعدادات السعودية لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2034، أعلنت المملكة عن إطلاق استاد رئيسي بمدينة القدية يحمل اسم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وسيكون مجهزاً بأفضل التقنيات من أرضية وسقف وحائط علوي قابل للطي والسحب.

كما تتيح هذه التقنيات فتح أحد جوانب الملعب، ليطل على الجزء السفلي من المدينة الذي يضم مدينة الملاهي الشهيرة 6 فلاغز، ومتنزهاً للألعاب المائية، بينما تنتشر شاشات العرض بطول 1.5 كيلومتر على الإطار الخارجي للملعب، وبعض الجدران الداخلية والسقف.

ويأتي الملعب في قلب مدينة القدية وعلى بعد 40 دقيقة فقط من مدينة الرياض ما سيجعل الوصول إليه سهلاً بالنسبة للزائرين والوافدين لحضور فعاليات كأس العالم.

وسيسهم وجود الاستاد على إحدى قمم جبل طويق بارتفاع 200 متر في استمتاع السائحين والزائرين بتجربة ترفيهية مميزة.

وبالنسبة للتقنيات التي يمتاز بها الملعب، فإن تقنية التحكم المناخي هي الأبرز، فهي تسمح بإقامة الفعاليات والمسابقات في الاستاد على مدار العام مع مراعاة معايير الاستدامة، دون استهلاك كميات كبيرة من الطاقة، وذلك من خلال إنشاء بحيرة تبريد صديقة للبيئة تحت الاستاد مباشرةً، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء السعودية.

وبهذه الطريقة، ستُضخ مياه الأمطار التي تُجمع من الاستاد والمنطقة المحيطة به إلى حائط ثلجي، ما يؤدي إلى تبريد الهواء الداخل إلى نظام التكييف المركزي فيه.

ويمكن تحويل أرضية الملعب بالكامل في غضون ساعات إلى ساحة مهيأة لإقامة مختلف الفعاليات الرياضية، مثل فعاليات الرغبي، والفنون القتالية، والرياضات الإلكترونية، ما يعزز رؤية القدية كوجهة ترفيهية تعتمد على الألعاب.

يأتي هذا الملعب ضمن مستهدفات رؤية 2030، بما يسهم في تعزيز نمو قطاع السياحة في السعودية ومساهمته في زيادة الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة عدد الزيارات المتوقعة سنوياً إلى السعودية بمعدل 1.8 مليون زيارة.

تدابير الاستدامة في القدية

وضعت السعودية الاستدامة ضمن رؤية 2030، في إطار مساعيها إلى الحياد الصفري للكربون بحلول عام 2060، مع تطلعاتها لتبني الطاقة المتجددة، حتى تمثل نحو 50 في المئة من استخداماتها بحلول عام تحقيق الرؤية 2030.

وكانت منظمة السياحة العالمية كشفت عن توقعاتها بنمو الانبعاثات المرتبطة بالنقل من السياحة الدولية إلى ما يعادل 665 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030، بينما توقعت وصول الانبعاثات المرتبطة بالسياحة الداخلية العالمية إلى 1103 ملايين طن، علماً بأن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بالنقل في قطاع السياحة تمثل 22 في المئة من إجمالي الانبعاثات الناتجة عن النقل.

من هنا، اعتمدت القدية تدابير الاستدامة، إذ أعلنت عن تقليص استخدام وسائل النقل، وتوفير درجات حرارة معتدلة باستخدام أجهزة التظليل، واستخدام المواد العاكسة للحد الأقصى من أشعة الشمس؛ حتى يتمكن الزوّار من اكتشافها سيراً على الأقدام أو باستخدام الدراجة الهوائية.

كما أعلنت القدية عن اعتمادها على النباتات المحلية الموفرة للمياه، والمقاومة للملوحة، والقابلة للتكيف، فضلاً عن تهيئة البيئة المناسبة للحيوانات المحلية، ومعالجة مياه الصرف الصحي، وإعادة تدويرها لاستخدامها لري النباتات والحيوانات، والمتنزهات الطبيعية، وملعبيّ الغولف.