انطلاقاً من أهدافها لتنويع روافد الاقتصاد عبر القطاعات غير النفطية، توسعت مشاريع رؤية 2030 في السعودية لتشمل العديد من القطاعات.

في الوقت الذي وافق مجلس الوزراء السعودي على رؤية 2030 في أبريل نيسان عام 2016، كانت السعودية تنتج ما يعادل 586 مليون طن من النفط سنوياً، لتتصدر الدول العربية المنتجة للنفط، وفقاً لتقرير معهد الطاقة العالمي.

ووفقاً للتقرير ذاته، فإن إنتاج السعودية للنفط بلغ 576.8 مليون طن في عام 2018، حتى وصل إلى 573.1 مليون طن في 2022، ما انعكس على الإيرادات النفطية خلال هذه الفترة.

بهذا المعدل، استهدفت المملكة استدامة اقتصادها بعيداً عن الإيرادات النفطية، ومع بلوغ منتصف المدة لتقييم ما حققته رؤية 2030، ارتفعت الإيرادات غير النفطية بشكل تصاعدي، خلال الفترة بين عامي 2018 و2023، وبدأت أولى خطواتها نحو استشراف المستقبل الاقتصادي، بدعم المحتوى المحلي، وتعزيز البيئة الداعمة للاستثمارات.

يأتي ذلك بالتزامن مع فتح صندوق الاستثمارات العامة لقطاعات جديدة تسهم في النمو الاقتصادي، منها المشاريع الكبرى في السعودية المعروفة باسم (غيغا بروجيكتس)، التي تدعم مشاريع رؤية 2030 التي تسلط الضوء على جهود المملكة في الاعتماد على قطاعات مثل السياحة، والترفيه، والرياضة، والبنية التحتية، بما يفتح آفاقاً منوّعة تدفع عجلة التنمية بمجالات اقتصادية جديدة، وتسرّع من بلوغ مستهدفات رؤية 2030.

ولدعم مشاريع رؤية 2030 التنموية والخاصة بالبنية التحتية، انتهى المركز الوطني لإدارة الدين مؤخراً، من ترتيب قرض دولي مجمّع بنحو 11 مليار دولار، في إطار استراتيجية السعودية متوسطة المدى للدين العام، بما يتيح الاستفادة من فرص الأسواق لتنفيذ عمليات التمويل الحكومي البديل التي من شأنها تعزيز النمو الاقتصادي.

ووفقاً للمركز، فإن هذا القرض يمتد لمدة عشر سنوات، وبمشاركة 14 مؤسسة مالية دولية من كل أنحاء العالم من آسيا والشرق الأوسط وأوروبا وأميركا.

فما هي مشاريع رؤية 2030؟

بأكثر من 40 مشروعاً، تأتي أبرز مشاريع رؤية 2030 لتدعم العديد من القطاعات الحيوية في السعودية، كما تمكنت من تسليط الضوء على التراث، واستغلال الطبيعة الجيولوجية للمملكة لتعزيز الناتج المحلي الإجمالي من قطاع السياحة، علماً أن السعودية تصدرت دول مجموعة العشرين من حيث عدد نمو السائحين، كما جاءت في المركز الثاني عالمياً، لتحقق نمواً بنحو 50 في المئة خلال الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2023.

.

كما يتعدى الأمر قطاع السياحة الذي يعتبر من أوفر القطاعات حظاً في السعودية، ولعل أحدث ما يتعلق بالقطاع إعلان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إطلاق شركة اردارا لتطوير مشروع وادي أبها بمنطقة عسير ليكون باكورة أعمالها؛ بهدف الاستفادة من التراث العريق لتطوير طابع هندسي ومعماري يمكنه أن يصبح مركزاً حضارياً ووجهة سياحية، بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030.

نمو القطاعات غير النفطية في الاقتصاد السعودي

يأتي هذا الانتعاش بالتزامن مع الانكماش الذي يشهده قطاع النفط الضخم في البلاد، والذي بلغت نسبته 17.3 في المئة على أساس سنوي في الربع الثالث من 2023؛ وهو أكبر معدل فصلي على الإطلاق منذ عام 2011 على الأقل، بسبب التخفيضات الطوعية في إنتاج النفط، التي تهدف إلى دعم الأسعار العالمية.

لكن الاقتصاد السعودي يحافظ على وتيرة نموه، وانعكس ذلك على تقديرات ميزانية السعودية 2024 التي ارتفعت مقارنة بعام 2023، إذ من المتوقع أن تبلغ الإيرادات وفقاً لبيان وزارة المالية نحو 1.17 تريليون ريال مقارنة بنحو 1.13 تريليون ريال في 2023، لكنها أخذت قطاع النفط بعين الاعتبار، لتكون منخفضة عن إيرادات العام المالي 2022.

وفي القطاع الصناعي، فإن السعودية تستهدف مضاعفة الناتج المحلي الصناعي بنحو ثلاثة أضعاف ليصل إلى 895 مليار ريال بحلول عام 2030، إلى جانب مضاعفة الفرص الوظيفية التي يخلقها القطاع لتصل إلى 2.1 مليون فرصة وظيفية، فضلاً عن الوصول بالصادرات الصناعية إلى 557 مليار ريال.

كان وكيل وزارة الاستثمار السعودية، سعد الشهراني، قال في وقت سابق في حديثه مع «CNN الاقتصادية» إن هذه الاستراتيجية الوطنية للاستثمار التي أطلقها الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي في عام 2021، ضمن رؤية 2030، تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي وتنويع الاقتصاد المحلي.

كما أوضح الشهراني أنها تركز على تحفيز الاستثمار الأجنبي المباشر، وتحقيق معدلات نمو سنوية محددة، كما أشار الشهراني إلى أهمية وجود قاعدة بيانات دقيقة وشاملة لدعم هذه الجهود واتخاذ القرارات الاستثمارية.

من جهته، قال الخبير الاقتصادي علي الغدير لمنصة «CNN الاقتصادية» إن السعودية تتمتع بالعديد من المقومات التي تجعلها الوجهة الجاذبة الأولى للاستثمارات، نتيجة لاقتصادها الكبير، وسوقها الواعدة بأكثر من 30 مليون نسمة، إضافة إلى التنوع الثقافي، والموارد الطبيعية، والموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي يسهل البدء بالأعمال.

كما أوضحت نشرة بي دبليو سي الشرق الأوسط الاقتصادية، مؤخراً، أن السعودية تسير في الطريق الصحيح نحو تحقيق مستهدفات رؤية 2030، خاصة مع خططها لتنويع روافد الاقتصاد، ما عزز من قوة الاقتصاد غير النفطي.

أما في ما يخص الاقتصاد السعودي برمته، فقد توقعت وزارة المالية السعودية أن يتباطأ نموه خلال عامي 2023 و2024، ليصل إلى 6.8 في المئة و5.2 في المئة على الترتيب، بعدما سجل رقماً قياسياً بلغ 8.7 في المئة في عام 2022.