تُعد إسرائيل أكبر متلقٍ تراكمي للمساعدات الخارجية الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الآن، إذ قدمت الولايات المتحدة لإسرائيل 158 مليار دولار في شكل مساعدات ثنائية وتمويل للدفاع الصاروخي، فبماذا يخبرنا تحليل البيانات عن حجم ونوع المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل؟

منذ نشأة إسرائيل، وقّعت الولايات المتحدة وإسرائيل العديد من اتفاقيات التعاون الدفاعي الثنائي، بما في ذلك اتفاقية المساعدة الدفاعية المتبادلة عام 1952؛ واتفاقية الأمن العام للمعلومات عام 1982؛ واتفاقية الدعم اللوجستي المتبادل 1991؛ واتفاقية وضع القوات عام 1994.

أكبر مستقبِل للدعم العسكري

بدأت الولايات المتحدة عام 1950 برنامج التمويل العسكري الأجنبي (إف إم إف) للمنح والقروض لمساعدة الدول على شراء الأسلحة والمعدات الدفاعية المنتجة في الولايات المتحدة بالإضافة إلى الحصول على خدمات الدفاع والتدريب العسكري، ووفقاً لتحليل «CNN الاقتصادية» بيانات المساعدات العسكرية الأميركية منذ عام 1946، لم تستفد إسرائيل من هذا البرنامج إلّا منذ عام 1974 -بعد حرب السادس من أكتوبر عام 1973- إذ تلقت في هذا العام أكبر مساعدة من هذا البرنامج بقيمة 6.4 مليار دولار.

ومنذ عام 1999، حُددت المساعدات الأميركية لإسرائيل في إطار برنامج حكومي مدته 10 سنوات، بعدها أصبحت إسرائيل الأكثر حصولاً على المساعدات العسكرية الأميركية بموجب الفصل 22 من برنامج (إف إم إم)، إذ تمثل منح التمويل العسكري الأجنبي السنوية لإسرائيل نحو 16 في المئة من إجمالي موازنة الدفاع الإسرائيلية، بحسب خدمة أبحاث الكونغرس (CRS).

وفي الوقت الحاضر، تُعد كل المساعدات الثنائية الأميركية إلى إسرائيل على شكل مساعدات عسكرية، وبموجب مذكرة التفاهم الحالية من عام 2019 إلى 2028 تقدم الولايات المتحدة سنوياً ما لا يقل عن 3.3 مليار دولار من التمويل العسكري الأجنبي و500 مليون دولار للبرامج التعاونية للدفاع الصاروخي، وفقاً لوزارة الخارجية الأميركية.

ووفقاً لتحليل بيانات موقع المساعدات الأجنبية الأميركية، فإن نسبة الدعم العسكري خلال آخر أربع سنوات تبلغ 99.7 في المئة من إجمالي الدعم لإسرائيل، و0.3 في المئة فقط لدعم المهاجرين لأسباب إنسانية إلى إسرائيل والمدارس الأميركية وغيرها بقيمة تبلغ 8.8 مليون دولار.

التفوق العسكري على جيران إسرائيل

أحد أهم أهداف الدعم العسكري لإسرائيل كما تذكره أبحاث الكونغرس في تقريرها، «هو الحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل» مقارنةً بجيوش الدول المجاورة، إذ يجب أن تعتمد على أفضل المعدات والتدريبات العسكرية للتعويض عن كونها أصغر بكثير في مساحة الأرض وعدد السكان من معظم «الخصوم المحتملين» كما وصف التقرير.

واتخذت الإدارات الأميركية المتعاقبة، بالتعاون مع الكونغرس تدابير للحفاظ على التفوق العسكري النوعي الإسرائيلي بعدة طرق.. على سبيل المثال، سمحت سياسة مبيعات الأسلحة الأميركية لإسرائيل بالوصول الإقليمي أولاً لتكنولوجيا الدفاع الأميركية.

إذ حصلت إسرائيل على طائرات إف-15 في عام 1976، أي قبل السعودية بست سنوات، وتسلمت المقاتلة إف-16 عام 1980، أي قبل مصر بثلاث سنوات.

وذكر تقرير الكونغرس أنه عندما تبيع أميركا الأسلحة للدول العربية المجاورة مثل السعودية، تزود إسرائيل بمعدات أكثر تطوراً، فمثلاً في عام 2013 بعد أن وافقت إدارة أوباما على بيع مقاتلات إف-16 المتقدمة للإمارات، أعلن وزير الدفاع الأميركي آنذاك تشاك هيغل أن الولايات المتحدة أمدت إسرائيل بطائرات التزود بالوقود من طراز كيه سي-135.

تسهيلات مبيعات الأسلحة

سمحت الإدارات الأميركية المتعاقبة لإسرائيل باستخدام أموال التمويل العسكري الأجنبي الأميركي لتمويل مشتريات متعددة السنوات باعتمادات مقدماً، بدلاً من الاضطرار إلى دفع كامل مبلغ هذه المشتريات مقدماً، وهذه الميزة المعروفة باسم «تمويل التدفق النقدي» والتي تمكن إسرائيل من التفاوض بشأن عمليات شراء أسلحة كبرى بالتعاون مع موردي الدفاع الأميركيين على دفعات مجدولة على مدى فترة زمنية أطول.

ووفقاً لتحليل «CNN الاقتصادية» لكتاب المبيعات التاريخية الصادر عن وزارة الدفاع الأميركية من عام 1950 إلى 2022، تُعد إسرائيل ثاني أكبر مستورد للأسلحة من الولايات المتحدة على مدارة 73 عاماً، بإجمالي قيمته 53.4 مليار دولار.

واحتلت المرتبة السادسة في حجم استيراد الأسلحة من الولايات المتحدة في عام 2022 بإجمالي قيمته 2.4 مليار دولار، بزيادة نسبتها 64 في المئة بالمقارنة مع عام 2021 الذي سجل 1.4 مليار دولار.

وذكر مكتب الشؤون السياسية والعسكرية الأميركي أنه في أكتوبر تشرين الأول 2023، كان لدى الولايات المتحدة 599 صفقة مبيعات عسكرية أجنبية نشطة، بقيمة 23.8 مليار دولار مع إسرائيل، ومن أهم هذه المبيعات المقاتلة إف-35، وطائرات الهليكوبتر للرفع الثقيل سي إتش-53 كيه، وناقلات التزود بالوقود الجوي كيه سي-46 إيه.

ومن السنة المالية 2018 حتى السنة المالية 2022، سمحت الولايات المتحدة أيضاً بالتصدير الدائم لما يزيد على 5.7 مليار دولار من المواد الدفاعية إلى إسرائيل عبر بما يسمى عملية المبيعات التجارية المباشرة، وكانت أهم الفئات التي تم تصديرها إلى إسرائيل هي العوامل السامة، بما في ذلك العوامل الكيميائية، والعوامل البيولوجية، والصواريخ الباليستية وقذائف نسف السفن والقنابل والألغام، والطائرات.

أحدث أنواع الأسلحة

ذكرت تقارير للكونغرس أن إسرائيل كانت أول مشغل دولي مُعلن لطائرة إف-35، واشترت إسرائيل 50 طائرة بمنح الدعم العسكري الأميركي، وحتى يناير كانون الثاني 2023 تلقت 36 طائرة من أصل 50 طائرة، ويمكن أن تضرب هذه الطائرات الإسرائيلية أهدافاً في سوريا والعراق ولبنان والأردن ومعظم مصر وتركيا والمملكة العربية السعودية، وفقاً للكونغرس.

كما أن إسرائيل هي الدولة الأجنبية الثانية التي تتسلم من الولايات المتحدة طائرات كيه سي-46 إيه بيغاسوس.

دعم القبة الحديدية ومنظومة دفاع آرو

حتى الآن، قدمت الولايات المتحدة ما يقرب من ثلاثة مليارات دولار لإسرائيل لشراء بطاريات القبة الحديدية، والصواريخ الاعتراضية، وتكاليف الإنتاج المشترك، والصيانة العامة.

وبموجب اتفاقية عام 1986 التي تسمح لإسرائيل بالمشاركة في مبادرة الدفاع الاستراتيجي، شاركت الولايات المتحدة وإسرائيل في تطوير نسخ مختلفة من (منظومة آرو) وهو نظام دفاعي مضاد للصواريخ الباليستية، وموّلت الولايات المتحدة ما يقل قليلاً عن نصف التكاليف السنوية لتطوير هذه المنظومة.

وفي أغسطس آب 2020، بعد ما يقرب من 20 عاماً من تشغيل نظام (آرو 1)، نجحت إسرائيل في اختبار (آرو 2)، وفي يناير كانون الثاني من عام 2022 استخدمت إسرائيل منظومة (آرو 3) لأول مرة وخصص الكونغرس لدعم مشروع (آرو 3) 1.4 مليار دولار.

في أغسطس آب 2008، وقّعت إسرائيل والولايات المتحدة رسمياً على اتفاقية للتنمية المشتركة لنظام مقلاع داود لمواجهة الصواريخ طويلة المدى مثل تلك التي تمتلكها إيران وسوريا وحزب الله في لبنان، واستخدمت إسرائيل هذا النظام لأول مرة في يوليو تموز 2018، وخصصت الولايات المتحدة لهذا المشروع 2.4 مليار دولار.

وبفضل المساعدات العسكرية الأميركية استطاعت إسرائيل بناء صناعتها الدفاعية المحلية كي تكون واحدةً من أكبر مصدري الأسلحة على مستوى العالم.. وتُصدِّر الشركات الإسرائيلية مثل شركة صناعات الفضاء الإسرائيلية، ورافائيل، وإلبيت سيستمز، ما يقرب من 70 في المئة من منتجاتها، إذ وصلت مبيعات إسرائيل من الأسلحة 11.3 مليار دولار.