من العاصفة الترابية التي شهدتها مصر في يونيو حزيران الماضي، إلى تلك التي امتدت لأكثر من ألفي كيلومتر في اتجاه شمال أوروبا، تتزايد المخاوف من تفاقم ظاهرة العواصف الترابية والرملية الناجمة عن أزمة تغير المناخ، خاصة بعد تسببها في خسارة نحو مليون كيلومتر من الأراضي الزراعية سنوياً.

عادة ما تتسبب العواصف الرملية المصاحبة لرياح قوية في نقل كميات كبيرة من الغبار من التربة الجافة إلى الغلاف الجوي ما يُسرع بمعدل التصحر.

وفي هذا السياق، أوضح تقرير صادر عن هيئة الأمم المتحدة المسؤولة عن مكافحة التصحر أن ما يقدر بملياري طن من الرمال والغبار تدخل إلى الغلاف الجوي سنوياً، أي ما يعادل 350 هرماً من أهرامات الجيزة.

وحذرت الهيئة من أن العواصف الترابية تسبب دماراً في أجزاء كبيرة من إفريقيا وآسيا، وتنتج أضراراً اقتصادية كبيرة في جميع أنحاء العالم.

وفي سياق مماثل، عزا الخبراء ما لا يقل عن 25 في المئة من العواصف إلى الأنشطة البشرية مثل الإفراط في التعدين والرعي الجائر، وفقاً للتقرير الصادر عن اجتماع سمرقند لمراجعة التقدم الأخير المحرز في مكافحة تدهور الأراضي.

انخفاض نسب الأراضي الزراعية

ويأتي التراجع في نسبة الأراضي الزراعية حول العالم في وقت يزداد فيه عدد سكان العالم بشكل مطرد، ما يزيد المخاوف بشأن عدم التوازن بين الموارد الطبيعية المتاحة ومستوى الطلب عليها.

فوفقاً لإحصاءات البنك الدولي، ارتفع عدد سكان العالم إلى نحو 7.89 مليار نسمة في عام 2021 مقارنة بـ3.7 مليار نسمة فقط في عام 1961.

تكلفة باهظة للتصحر والعواصف الترابية

قال الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إبراهيم ثياو، لوكالة رويترز إن خسائر التربة السطحية لم يكن لها تأثير سلبي على الإمدادات الغذائية في بعض الدول الأكثر ضعفاً فحسب، بل تسببت أيضاً في ارتفاع معدلات الهجرة وعرقلة الملاحة.

ودعت اتفاقية سمرقند إلى تحسين ممارسات إدارة الأراضي لاستعادة المساحات المتضررة، وتعزيز أنظمة الإنذار المبكر والقدرة على مواجهة ظاهرة التصحر، إلا أن جهود التمويل لمكافحة الظاهرة تواجه تحدياً كبيراً، إذ لا توفّر سوى 15 مليار دولار فقط خلال الفترة من عام 2016 حتى 2019، وذلك لحل مشكلات 126 دولة.

وأشار ثياو إلى أن الصين تعتبر إحدى قصص النجاح في مكافحة التصحر والسيطرة على الغبار، من خلال تنفيذ برنامج طويل المدى لاستعادة الأراضي و إعادة التشجير والحد من العواصف الرملية؛ ومع ذلك، فهي ما زالت عرضة للرمال القادمة من منغوليا في الشمال، إذ أدى الرعي الجائر وازدهار أنشطة التعدين في المنطقة إلى تدهور أكثر من ثلاثة أرباع الأراضي، وفقاً للأمم المتحدة في 2021.

بدوره، أشار تقرير الأمم المتحدة إلى الآثار الاقتصادية على العديد من الدول جراء التصحر والعواصف الترابية، موضحاً أن الكويت تتكبد خسائر بنحو 190 مليون دولار سنوياً، في حين بلغت خسائر أستراليا خلال عام 2009 وحده 243 مليون دولار جراء حدث واحد فقط من هذه العواصف.

وتتعدد المصادر العالمية للغبار حول العالم، إذ تتركز في شمال إفريقيا والشرق الأوسط وشرق آسيا في نصف الكرة الأرضية الشمالي، مقابل أستراليا وأميركا الجنوبية وجنوب إفريقيا ئفي نصف الكرة الجنوبي.

وتغطي الصحاري أكثر من 80 في المئة من آسيا الوسطى، والتي تمثل مصدراً طبيعياً رئيسياً للعواصف الترابية، إلى جانب تغير المناخ والجفاف.

العواصف الترابية والرملية
ازدادت معدلات العواصف الترابية والرملية (الهيئة التابعة للأمم المتحدة المسؤولة عن مكافحة التصحر)

كما يعتبر بحر آرال الجاف الواقع في آسيا الوسطى مصدراً رئيسياً للعواصف الترابية والرملية، إذ ينبعث منه أكثر من 100 مليون طن من الغبار والأملاح السامة كل عام، ما يولد خسائر سنوية تقدر بنحو 44 مليون دولار.

كوب 28

مع اقتراب انطلاق مؤتمر الأطراف ( كوب 28)، في مدينة إكسبو دبي بالإمارات في الفترة من 30 نوفمبر تشرين الثاني إلى 12 ديسمبر كانون الأول 2023، يزداد الأمل في الوصول لحلول فعالة لمشكلة التصحر التي تُعد من أهم الموضوعات التي يمكن طرحها للنقاش خلال المؤتمر.

وقال ثياو إنه بالتزامن مع هذا الحدث العالمي المعني بالمناخ، فإن البرنامج المستدام لاستعادة الأراضي سيلعب دوراً حيوياً في المعركة العالمية ضد ظاهرة الاحتباس الحراري.

وأضاف أن العالم يدور في حلقة مفرغة، فتدهور الأراضي يفاقم من أزمة المناخ والعكس صحيح، ووقف هذا التدهور يشكل محوراً أساسياً في الأجندة العالمية لمكافحة تغير المناخ.