في ظل تآكل الغابات المتزايد، والحاجة الملحة للتخلص من الغازات الدفيئة الزائدة في الغلاف الجوي، سخر شابان كنديان تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والطائرات من دون طيار لإعادة زرع مساحات شاسعة من الغابات التي تصعب زراعتها بالطرق التقليدية.
توفر الغابات 86 مليون وظيفة مستدامة، ويعتمد 90 في المئة من الأشخاص الذين يعانون من الفقر المدقع على الغابات لمعيشتهم، وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو).
«فلاش فوريست» يدخل المعادلة
بعدما دمر حريق ضخم مدينتهما في 2003، أُشعلت حماسة الأخوين كاميرون وبرايس جونز لزراعة مليار شجرة في كندا والعالم.
تُسخر الشركة الكندية «فلاش فوريست»، التي أطلقها الأخوان جونز، تقنيات حديثة لتيسير مهمتها وتسريع وتيرة الزراعة، تقول الشركة على موقعها الإلكتروني «من خلال الاستفادة من الطائرات بدون طيار، و الذكاء الاصطناعي، ونظم المعلومات الجغرافية، وتكنولوجيا علوم النبات، نقدم مستويات جديدة من الدقة والسرعة في إعادة التشجير».
تعمل الشركة على زراعة مليون كبسولة بذور يومياً عن طريق طائرتين مسيّرتين، فاستبعاد العنصر البشري من بعض العمليات يسمح بتشجير المناطق المحترقة التي تعتبر غير آمنة للمزارعين.
إذاً، كيف تساعد الطائرات في الزراعة؟
يقوم فريق بإحضار الطائرات المُسيّرة إلى موقع الغابة ويقودها من على بُعد، على ارتفاع 40 إلى 60 متراً في الهواء، تُطلق الطائرات البذور بسرعة قوية بما يكفي لغرسها في التربة، وتنشر الطائرات بدون طيار خمس كبسولات بذور في الثانية، فتغطي مساحة كبيرة من الأرض في غضون دقائق.
لتحقيق هدفها المتمثل في زراعة مليار شجرة بحلول عام 2028، تحتاج الشركة إلى التوسع بمعدل أربع مرات تقريباً كل عام، وفقاً لجونز.
ومن ناحية أخرى، زودت الشركة الكندية أدواتها بتقنيات الذكاء الاصطناعي لتستطيع التعلم من البيئات التي تُزرع فيها كبسولات البذور، ومراقبة عملية تفكك الكبسولات التي توفر العناصر الغذائية للبذور، وتستجيب وفقاً لذلك لمساعدة الشتلات على النمو بشكل أسرع وأكثر صحة، ما يؤدي إلى معدل بقاء مرتفع أو أفضل من الزراعة اليدوية.
الغابات.. رئة كوكب الأرض
تعمل الغابات كرئة للكوكب الذي ينازع بالفعل الغازات الدفيئة ويعاني من الاحترار، إذ تمتص ثاني أكسيد الكربون المتراكم، المتسبب في احتباس الحرارة في الطبقة السفلية من الغلاف الجوي، وقد أدى تدمير هذه الرئة إلى تقليص قدرة الكوكب الإجمالية على احتجاز وتخزين ثاني أكسيد الكربون، وبالتالي تسريع تراكم ثاني أكسيد الكربون في الهواء، الأمر الذي يزيد من الاحترار العالمي، وهو المتهم الأول في قضايا الجفاف وموجات الحرارة والحرائق والفيضانات والعواصف.
من ناحية أخرى، عندما يتم قطع الأشجار في الغابات أو حرقها، يُطلق الكربون المخزن فيها إلى الغلاف الجوي بشكل رئيسي على شكل ثاني أكسيد الكربون، ما يسبب نحو 10 في المئة من انبعاثات الغازات الدفيئة في جميع أنحاء العالم.
وبخلاف تغير المناخ، لإزالة الغابات عواقب عديدة على النظم البيئية الطبيعية، إذ تقلل قدرة كوكبنا على الصمود أمام المخاطر البيئية التي تواجهه، مثل انخفاض التنوع البيولوجي، وزيادة تآكل التربة، وفقدان مواطن العديد من الكائنات ما يؤدي إلى تعريضها لخطر الانقراض.
في ظل تآكل الغابات، تُرى إعادة التشجير كواحدة من أفضل الطرق للمساعدة في تقليل أثر أزمات المناخ والحفاظ على الكائنات الحية من الانقراض، ومع ذلك فإن إعادة التشجير باستخدام العمل البشري وحده أمر بطيء للغاية ولا يمكنه تلبية احتياجاتنا العالمية الملحة.
إذ تفقد الأرض ملايين الهكتارات من الأشجار كل عام، ويعزى أكثر من 30 في المئة منها إلى حرائق الغابات، مع الحاجة الكبيرة لإعادة التشجير، تصعب مهمة اليد والمجرفة في تعويض الفقد المتزايد.