يكافح العالم حالياً لتطوير بدائل عملية للوقود الأحفوري للحد من تفاقم أزمة المناخ وإنقاذ كوكب الأرض من مصير مجهول، وهو ما أعاد إلى الضوء فكرة الصخور الحرارية التي استخدمها الإنسان البدائي قبل نحو مليون عام للتدفئة.

ففي العصور القديمة كان الإنسان يضع الأحجار في النار حتى تصل إلى درجة السخونة المطلوبة، ثم يستخدمها لأغراض التدفئة.

واليوم عادت تلك الفكرة مجدداً على الساحة بواسطة شركة أنتورا الناشئة المتخصصة في مجال الطاقة النظيفة و إنتاج البطاريات، إذ تهدف إلى تخزين الحرارة في الصخور بكميات تكفي لتلبية احتياجات القطاعات الصناعية من الطاقة لتصبح بديلاً مستداماً للوقود التقليدي.

سوق بتريليونات الدولارات

ووفقاً لمؤسس الشركة أندرو بونيك، فإن الشركة تعمل على تسخين الصخور ليس عن طريق الفحم أو الغاز، وإنما عن طريق امتصاص حرارة الشمس باستخدام الألواح الشمسية، ما يؤدي إلى تخزين طاقة تكفي لتشغيل أكبر المصانع بالعالم، ويرى الخبراء أنها فكرة واعدة، وإذا نجحت فستؤدي إلى ظهور سوق تُقدر بتريليونات الدولارات.

صورة يظهر بها شخص يحمل أحد الأحجار الحرارية سوداء اللون
صورة أرشيفية لمؤسس شركة أنتورا وهو يحمل أحد الأحجار الحراراية (CNN)

وتعتمد أنتورا على تجربة أنواع مختلفة من الصخور ووضعها في الصناديق المعزولة أو الملح المصهور داخل أسطوانات للعثور على التركيبة الأكثر كفاءة لتوليد الطاقة.

صورة يظهر بها صندوق أبيض عليه شعار الشركة ومتصل به أنابيب وأسلاك
صورة للصناديق البيضاء التي تُخزن بها الأحجار (CNN)

وأشار بونيك إلى أن الشمس والرياح تُعدان من أفضل مصادر الطاقة المتجددة المستخدمة في صناعة البطاريات في السيارات والمنازل، ولفت إلى أن القطاعات الصناعية -من أغذية الأطفال حتى الفولاذ- هي أولى باستخدام حلول الطاقة النظيفة، داعياً الصناعات الثقيلة بشكل خاص للاستفادة من حلول الطاقة المتجددة قليلة التكلفة.

وكانت الشركة قد حصلت على تمويلات بقيمة 80 مليون دولار في جولتها الاستثمارية الأولى، والتي شارك فيها عدد من كبار المستثمرين -مثل مؤسس شركة (مايكروسوفت) بيل غيتس، لكنها تواجه منافسة من شركة (روندو) في منطقة الخليج التي تستخدم الطوب الحراري الأقل تكلفة ووزناً من الكربون على الرغم من كونه أقل كثافة في الطاقة.

أعلى من درجة انصهار الحديد

ويتم ترتيب الأحجار بشكل منتظم داخل الصندوق لتصبح أشبه بمبنى صغير، وأوضح بونيك أن درجة حرارة الأحجار يمكن أن تصل إلى 1600 درجة مئوية (ما يعادل 3 آلاف درجة فهرنهايت)، وهو مستوى أعلى من درجة انصهار الحديد.

صورة يظهر بها صندوق أبيض عليه شعار الشركة ومتصل به أنابيب وأسلاك
صورة للصناديق البيضاء التي تُخزن بها الأحجار (CNN)

وتتميز الصخور البيضاء بكونها لا يتم تسخينها بالطرق التقليدية -كالفحم أو الغاز- بل عن طريق ضوء الشمس الذي تلتقطه الصخور المرتبة داخل الصناديق عبر الآلاف من الألواح الشمسية الكهروضوئية.

اختراع القرن التاسع عشر

وبشكل عام، ترتبط كلمة (البطارية) بالأنواع الكيميائية الموجود في السيارات والأجهزة الإلكترونية، لكن وفقاً لشركة أنتورا، فإن البطاريات المؤلفة من الصخور الساخنة يمكنها تخزين الطاقة بما يوازي عشرة أضعاف بطاريات أيون الليثيوم.

وتأتي الفكرة من اختراع يعود للقرن التاسع عشر يٌعرف باسم (مواقد كوبر)، والتي عادة ما تُستخدم في مصانع الصهر، وتعتمد على أبراج ضخمة مصنوعة من الطوب المُكدس وتعمل على امتصاص الحرارة الصادرة من فرن التسخين حتى ترتفع إلى ما يقرب من 3000 درجة فهرنهايت، ما يسهم في توفير نحو 100 ميغاوات من الطاقة تكفي لـ 20 دقيقة تقريباً. ويمكن تكرار تلك العملية 24 مرة يومياً لمدة 30 عاماً.

الطريق إلى عالم خالٍ من الكربون

وكانت تسلا قد توقعت مؤخراً أن العالم سيحتاج إلى 240 تيرا واط-ساعة من الطاقة المخزنة للتحول إلى عصر خالٍ من الكربون، أي ما يزيد بـ340 ضعفاً على إجمالي السعة التخزينية لبطاريات الليثيوم أيون التي تم بناؤها عام 2022.

في الوقت نفسه، توقع جون أودونول -الرئيس التنفيذي لشركة (روندو)- أن تأتي نصف سعة التخزين المطلوبة لعالم خالٍ من الكربون من البطاريات الحرارية بسبب وفرة المواد الخام اللازمة لتصنيعها.

(بيل وير -CNN)