تعمل مصر حالياً على تصميم وتصنيع قمر صناعي للأغراض الزراعية والبحثية «نيو سات 1» (NEOSat-1) تمهيداً لإطلاقه خلال عامين.

وقال تامر مكي، القائم بعمل رئيس شعبة علوم الفضاء والدراسات الاستراتيجية في الهيئة القومية للاستشعار عن بعد، لوكالة أنباء الشرق الأوسط إن تكنولوجيا النانو ستلعب دوراً كبيراً في تطوير القمر الصناعي، وذلك ضمن تصنيع العوازل الشعاعية والحرارية للقمر، وتصميم وتصنيع هوائي إلى جانب الحاسب المحمول على متن القمر، كما ستُدمج التكنولوجيات الحديثة في أنظمة القمر، الذي يزن نحو 10-12 كلغ، ومنها نظام التحكم والملاحة والتوجيه الخاص بالقمر.

كيف ستؤثر تكنولوجيا النانو على قطاع الفضاء المصري؟

تمثل تكنولوجيا النانو طفرة في العلوم الحياتية، وهي علوم معالجة المواد على المستوى الذري والجزيئي، فقد أحدثت ضجة في عدة مجالات مثل الطب وصناعة الإلكترونيات، وجاءت لتُحدث ثورة حقيقية في مجال علوم الفضاء خاصةً في صناعة وتطوير الأقمار الصناعية.

تتيح تكنولوجيا النانو تصنيع أقمار صناعية أخف وزناً وأكثر كفاءة وقدرة، ويعد أحد أهم فوائد تكنولوجيا النانو في تطوير الأقمار الصناعية هو تقليل الوزن، ويعد وزن القمر الصناعي عاملاً أساسياً وحاسماً في إطلاقه وتشغيله، إذ تستهلك الأقمار الصناعية الأثقل المزيد من الوقود للوصول إلى مدارها والحفاظ على موقعها، وباستخدام المواد النانوية، مثل أنابيب الكربون النانوية والجرافين، يستطيع المهندسون تطوير مكونات الأقمار الصناعية بوزن أخف دون التضحية بالقوة أو المتانة.

يؤدي هذا التخفيض في الوزن إلى توفير كبير في التكاليف في كل من تصنيع وإطلاق الأقمار الصناعية، فضلاً عن إمكانية زيادة سعة الحمولة للأجهزة العلمية وغيرها من المعدات على متن المركبة الفضائية.

بالإضافة إلى ميزة تقليل الوزن، يمكن لتكنولوجيا النانو تحسين كفاءة الأقمار الصناعية من خلال تعزيز قدراتها على توليد الطاقة وتخزينها، ويمكن جعل الألواح الشمسية التي تستخدم عادة لتشغيل الأقمار الصناعية، أكثر كفاءة من خلال استخدام المواد النانوية، وهذا بالضبط التوجه الذي تسعى إليه مصر في تطويرها لأحدث أقمارها الصناعية «نيو سات 1» (NEOSat-1).

أيضاً تتيح تكنولوجيا النانو تحسين أنظمة تخزين الطاقة للأقمار الصناعية، إذ يمكن أن تكون البطاريات التقليدية ثقيلة الوزن ولها عمر محدود، ما قد يمثل مشكلة بالنسبة للمهمات الفضائية طويلة الأمد، ومع ذلك يطور الباحثون بطاريات تعتمد على مواد نانوية تكون أخف وزناً وأكثر كفاءة ولها عمر أطول من نظيراتها التقليدية.

يمكن أن يكون لتقنية النانو تأثير كبير على الأقمار الصناعية واستكشاف الفضاء عن طريق تطوير أجهزة الاستشعار والأدوات المتقدمة، إذ تعتبر أجهزة الاستشعار النانوية أكثر حساسية ودقة من نظيراتها الأكبر حجماً، ما يسمح بإجراء قياسات وملاحظات أكثر دقة من أجل الأبحاث العالمية.

الفضاء والتنمية المستدامة

بإمكان الفضاء أن يلعب دوراً بارزاً في التنمية المستدامة وتلبية احتياجات المواطنين، إذ تستطيع الأقمار الصناعية رصد التعديات على الأراضي الزراعية، وأراضي الدولة، ومخالفات البناء، والتخطيط العام للدولة، بالإضافة إلى رصد المحاصيل وتقدير إنتاجيتها وإصابتها بالآفات، وذلك وفقاً لتصريحات مكي لوكالة الشرق الأوسط.

وأضاف أنه يمكن كذلك من خلال علوم الفضاء رصد الأوبئة، والكوارث الطبيعية والتنبؤ بها واكتشاف المواقع الأثرية المدفونة إلى جانب رصد التغير البيئي الناتج عن النشاط البشري وتقدير المخزون المائي.

أبرز الأقمار الصناعية المصرية والعربية

أطلقت مصر أول قمر صناعي لها في عام 1998، إذ يعد القمر الصناعي «نايل سات» أحد أهم الأقمار العربية، وأطلقته الشركة المصرية للأقمار الصناعية، وهي شركة مصرية فضائية متخصصة في خدمات البث التلفزي والإذاعي.

كانت البداية بنايل سات 101، وتبعه نايل سات 102 عام 2000 قبل أن يخرجا من الخدمة، وكان «إيجبت سات 1» أول قمر صناعي مصري للاستشعار عن بعد للأرض، وبنت الهيئة القومية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء في مصر بالتعاون مع مكتب تصميم في أوكرانيا هذا القمر الصناعي وأُطلق في أبريل نيسان 2007.

وأُطلق طيبة 1 في 2019 بهدف تعزيز البنية التحتية لخدمات الاتصالات، لدعم القطاعين الحكومي والتجاري داخل مصر وعدد من الدول العربية ودول حوض النيل.

وأحدث إضافة للأقمار الصناعية المصرية المنطلقة في الفضاء الخارجي كان «حورس» الذي انطلق خلال العام الجاري 2023، هذا القمر الصناعي المصري قادر على التقاط صور عالية الدقة، ما يعود بالنفع ليس على مصر فحسب بل وعلى الدول العربية والإفريقية من خلال تزويدها بصور عالية الدقة تساعد في سبل التنمية المستدامة، وفقاً لتقرير الهيئة العامة للاستعلامات المصرية.

وتمتلك الدول العربية نحو 64 قمراً صناعياً تدور في الفضاء من ضمنها سبعة أقمار صناعية تمتلكها وتديرها عرب سات، في ثلاثة مواقع مدارية.

هذه الأقمار الصناعية الحديثة، التي تعد الآن أحدث أسطول إقليمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تجعل من عرب سات مشغل الأقمار الصناعية الوحيد في المنطقة الذي يقدم مجموعة كاملة من خدمات البث والاتصالات، وفقاً للموقع الرسمي لـ«عرب سات».